قائمة الموقع

خبر "المسحراتي" في غزة.. تراث دفنته العادات الحديثة وقتلته أصوات الصواريخ

2014-07-06T15:23:26+03:00

شمس نيوز / عبدالله عبيد

مع إشارة عقارب الساعة إلى الثانية فجرا، يحتضن المسحراتي "أبو خليل" طبلته ليتجول بين أزقة معسكر الشاطئ للاجئين، وبصوت عال ينادي " إصحى يا نايم وحّد الدّايم، رمضان كريم" "قوموا إلى سحوركم جاء رمضان يزوركم"، لينبه الصائمين لتناول وجبة السحور وأداء صلاة الفجر.

وخلال حديثه لمراسل "شمس نيوز"، يقول أبو خليل: التسحير مهنة ورثتها عن والدي، والناس في المنطقة تعودوا علينا تعودين علينا، وأنا منذ ثمانية أعوام أعمل في مهنة التسحير".

وأضاف مستدركا: لكن هذا العام ليس كالسابق، ليس للمهنة طعم ولا لون، فأنا أشعر أن الناس ليسوا كالسابق، فهم لا يهتمون بالمسحراتي لأنهم لا ينامون أصلا ولا يحتاجون لمن يسحرهم".

وتابع ساخراً: صوت القصف والصواريخ والطائرات تجعل الناس في حالة يقظة دائمة، فيستغنون عن المسحراتي".

والمسحراتي أو المسحر هي مهنة يطلقها المسلمون على الشخص الذي يوقظ المسلمين في ليل شهر رمضان لتناول وجبة السحور.

والمشهور عن المسحراتي هو حمله للطبل أو المزمار ودقها أو العزف عليها بهدف إيقاظ الناس قبل صلاة الفجر وعادة ما يكون النداء مصحوب ببعض التهليلات أو الأناشيد الدينية.

اصحى يا نايم

ويستذكر الحاج أبو رائد مطر (63 عاماً) أيام شهر رمضان الكريم قبل خمسة وأربعين عاماً، ليستحضر المسحراتي أبو يوسف الملقب بـ"المزعمط"، والذي كان يقوم بتذكير الناس أوقات السحور. ويضيف:" ما كان مع المزعمط طبلة، كان يضرب على تنكة كبيرة وعصايتين يطبل فيهم، وكان معه ابنه يحمل معه الفانوس، كانت أيام حلوة كثير".

ويضيف الحاج السيتيني في حديثه لـ"شمس نيوز": كان ييجي يسحرنا من الساعة 2 الفجر، ويظل للأذان، ويقول اصحى يا نايم وحد الدايم، رمضان كريم"، مشيراً إلى أن المسحراتي "المزعمط" هو الرجل الوحيد الذي كان يقوم بتسحير المواطنين في منطقة معسكر جباليا آنذاك.

وأوضح أنه لم يكن غير المسحراتي يقوم بتذكيرهم وإيقاظهم في وقت السحور، لعدم وجود مساجد آنذاك، سوى مسجد العودة".

ويقول الحاج مطر ضاحكاً: كنا نفتح الشبابيك قبل النوم، وييجي المزعمط بيت بيت يسحرنا، نمد عليه خبز ما يرضى يأخدهم، بدو بس قروش"، متمنياً أن تعود تلك الأيام، وأن يرجع زمن المسحراتي، لأنه من التراث الفلسطيني، الذي يخلق أجواء جميلة في الشهر الكريم.

ليس منه فائدة

أما الشاب وائل أبو علي ( 23 عاماً)، فيرى أن لا فائدة للمسحراتي في هذه الأيام، بسبب كثرة المساجد التي تقوم بتذكير المواطنين لأوقات السحور والصلاة.

وقال أبو علي : نسمع أصوات المسحراتي في حارتنا، لكن ليس له طعم كما أيام زمان، فوالدي كان يحدثنا الكثير عن المسحراتي الذي كان في أيامهم"، منوهاً إلى أن أغلب الشباب هذه الأيام، يبقون مستيقظين حتى صلاة الفجر.

وأردف بالقول: يكفي أن أصوات الطائرات والقصف والانفجارات، لا تجعلنا ننام من الأصل، إضافة إلى وجود جوالات حديثة تقوم بتنبيه الناس في أي وقت يريدون.

في هذا السياق، أكد الدكتور أيمن فؤاد، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر، أن المسحراتي فكرة قديمة وترجع إلى العصر الفاطمي حيث كان يقيم الخليفة مأدبة السحور لكل من له علاقة بالإدارة الفاطمية.

وقال: معظم العادات المصرية في رمضان كالمسحراتي ومدفع الإفطار والمأكولات الرمضانية تعود إلى العصر الفاطمي"، موضحاً أن الفاطميين عندما فشلوا في تجميع المصريين حولهم فكروا في إقامة الاحتفالات المتعددة لتكون وسيلة يلتهي بها المصريون عن فشلهم في إدارة البلاد.

وأشار أستاذ التاريخ الإسلامي إلى أن العادات التي ابتدعها الفاطميون في رمضان استمرت إلى عصرنا الحالي.

 

 

 

 

 

اخبار ذات صلة