بقلم /سميح شبيب
سياسة إسرائيل إزاء الاستيطان، سياسة واضحة، لا لبس فيها ولا إبهام. في صلب العقيدة الإسرائيلية ـ الصهيونية، فإن الاستيطان، جوهر الصهيونية ومرتكزها الأساس. والضفة الغربية في نظر الإسرائيليين هي "يهودا والسامرة".
جسّدت حكومة نتنياهو، الفكر الصهيوني التقليدي، دون الأخذ في الاعتبار، أي شيء آخر، كالقانون الدولي، أو التحالفات الدولية، فرضت ولا تزال يومياً، تفرض وقائع جديدة، تمكنت من خلالها، من تمزيق أوصال الضفة الغربية، وصولاً للحيلولة دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة.
مؤخراً، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي مؤكداً "حق" إسرائيل في الاستيطان، معتبراً التصريحات ضد الاستيطان "تطهيراً عرقياً" وفي ذلك، ما يكشف جوهر الفكر الصهيوني إزاء الاستيطان.. كما حاول رئيس الوزراء نتنياهو، استثناء بند الاستيطان، من جدول اعمال لقاء موسكو، بينه وبين الرئيس ابو مازن، وعندما مانعت روسيا، قام نتنياهو بالاستنكاف عن اللقاء.
آلة الاستيطان، تدور على مدار الاربع وعشرين ساعة، في انحاء الضفة الغربية كافة، على نحو ممنهج ومدروس، والهدف من ورائها، قضم الارض الفلسطينية، والتداخل ديمغرافيا مع القرى والبلدات الفلسطينية، ومحاولة تحويل الضفة بسكانها، لمخزن عمل وعمال في المستوطنات، وتحويل مدنها وسوقها، إلى سوق استهلاكية لمنتجات المستوطنات!!!
أية دراسة جدية لواقع الاستيطان في الضفة، سكانيا وعمرانيا وانتاجيا، باتت تنذر بمخاطر جسيمة، لا يمكن الحد من آثارها، سوى ضغط دولي وإقليمي جاد، بل وجاد للغاية. فكرة بناء "الدولة الاسرائيلية"، بدأت بفكرة الاستيطان، وجلب المستوطنين.
بدأت الفكرة بسيطة ثم تعاظمت واسست المستوطنات، قاعدة الدولة الاسرائيلية وجوهرها. عند ابرام الاتفاق الفلسطيني ـ الاسرائيلي 1993، تم اعتبار المستوطنات والاستيطان قضية من قضايا الحل النهائي، في وقت اعطت به الولايات المتحدة ضمانات بوقف الاستيطان، لكن إسرائيل اعتبرت ذلك، رسالة أميركية داخلية للفلسطينيين، ونظرت اليها على أنها رسالة ليست ذات معنى...
تنامى الاستيطان وتعاظم دوره، وقفزت وتائره منذ التوقيع على اتفاق اوسلو، حتى يومنا هذا، بوتائر عالية، وبات الاستيطان هو العقبة الكأداء أمام المفاوضات والسلام. الاستيطان اوصل الامور الى طريق مسدودة، ولا يزال الاستيطان يتعاظم دوره، دون وقف للاستيطان باتت عملية المفاوضات، غير ذات معنى، وهي مرفوضة شعبياً وسياسياً، مقاطعة منتجات المستوطنات، هي خطوة ايجابية، لكنها في حالات كثيرة غير عملية وقابلة للتنفيذ، ذلك أن هنالك مناطق كثيرة، استيطانية فلسطينية، باتت متداخلة بعضها مع بعض إنتاجاً واستهلاكاً وعملاً، وهذا المسار، قابل للازدياد والتوسع.
خلق الثقة بين م.ت.ف والسلطة، والشعب بات يحتاج إلى خطاب وطني معقول ومقبول شعبياً وجماهيرياً، يكفل حق المواطن في العيش الكريم، والعمل الكريم، وبشكل يضمن، اعتبار الاستيطان، عملاً عدوانياً مرفوضاً، بكافة أشكاله وألوانه. مقاومة الاستيطان، عمل مشروع، تقره الشرائع الدولية كافة فالأرض هي ارض محتلة، ولا خلاف على ذلك، والاستيطان يهدف الى اغتيال فكرة "الدولتين"، وبات عملياً، يحول دون اقامة دولة فلسطينية مستقلة، ذات سيادة... لا بد من توافق وطني عام فلسطيني، بشأن طرائق مقاومة الاستيطان، وإلاّ فالاستيطان سيغدو واقعاً سهلاً ويسيراً، وغير مكلف لإسرائيل.