فعلتها حماس سابقاً مرات عديدة عندما كانت السلطة بالحكم، وذات مرة أربعون صاروخاً مرت من فوق موكب الرئيس أبو مازن،  والآن صاروخ من تنظيم سلفي صغير يمر من فوق حكم حركة حماس وفوق رؤسنا جميعاً ليعطي مبرراً للقوة الاسرائيلية أن تستل بنك أهدافها الذي رصدته طائرات التصوير على مدى أِشهر سابقة وهو بنك ثري جداً بالنسبة لها كانت تنتظر اللحظة لصرف شيكاته.

قبل حوالي شهر انطلق صاروخان من قبل نفس التنظيم السلفي "أحفاد الصحابة" كلف المقاومة الفلسطينة وحركة حماس خمسون هدفاً وبضمنها أنفاق ربما عمل فيها مئات البشر لأشهر طويلة تماماً كما كانت صواريخ حركة حماس تكلف السلطة مؤسساتها ومقراتها،  لكن هذه المرة الأمر أكثر وضوحاً التنظيم السلفي يطالب حركة حماس باطلاق سراح معتقليه من سجونها وإلا فانه سيضرب اسرائيل أو بشكل أكثر وضوحاً سيستدعي اسرائيل لضرب حماس.

أثارت مداخلتي هذا الصباح لاحدى اذاعات الضفة الغربية استغراب المحاور ليسأل ألهذه الدرجة وصلنا ؟ ويستكمل متسائلا نستدعي الآخر للاستقواء على أنفسنا؟؟ قلت: أنظر الى حال المنطقة العربية ألا ترى أن الجميع يستدعي كل الغرب ضد الجميع،  وهل كف العرب عن استدعاء الغرباء ضد الأشقاء،  فمصلحة الحزب أهم كثيراً من الوطن وكل الوسائل مباحة ولا خطوط حمراء في صراعاتنا ضد أنفسنا.

كدنا ننزلق ولكن هناك من تدخل كما قال الاسرائيليون فحركة حماس سارعت بالاتصال بالوسطاء ربما قطر، الأهم أنها تمكنت من السيطرة على الموقف وبعد أن تلقت تعاطي اسرائيل مع الوساطة أعلنت أنها "لن تقف مكتوفة الأيدي " لكن السؤال الآن ماذا لو كرر التنظيم السلفي فعلته خاصة أنه يهدد بتكرار ذلك بعد ثماني وأربعون ساعة هل يمكن احتواء الموقف كل مرة ؟ هناك شك وهناك خوف من ذلك.

لكن يبدو أن هناك نقاشاً اسرائيلياً قد بدأ هذا الصباح عن جدوى السياسة الاسرائيلية التي تتلقى صواريخ من تنظيم صغير وترد بضرب مواقع حركة حماس التي لا تلقي صواريخ بل وتعمل على لجم مطلقيها من الفلسطينيين  صحيح أن اسرائيل تستغل أية قذيفة للنيل من قوة حماس العسكرية وبنيتها التحتية واظهار حزم وزير الدفاع الجديد أفيغدور ليبرمان ضد حركة حماس ولكن ماذا لو عادت اسرائيل الى سياستها القديمة باغتيال مطلقي الصواريخ من "أحفاد الصحابة أكناف بيت المقدس"؟؟ 

هو السؤال المخيف لنا جميعاً؟؟ سيعلو الموج أكبر من امكانية ضبطه وقد يفقد الجميع السيطرة ويمكن لمجموعة أخرى من التنظيم الصغير أن تقوم بالرد على الاغتيال فموقف من سيمنع ذلك سيكون هشاً،  ماذا لو فعلتها اسرائيل كما النقاش الذي بدأ بجدوى سياسة ترك مطلقي الصواريخ،  سنكون حينها أمام فقدان السيطرة وقد تجرنا هذه الى حرب حقيقية لا أحد في غزة يتمناها بل ويخشاها الجميع.

اذن نحن أمام لعبة قديمة جديدة ولكنها خطيرة ينبغي الانتباه لها جيداً قبل أن تصل الفأس للرأس فلا يحق لأحد أن يجرنا الى حفلة من الدمار لأن له خلافاً مع نظام الحكم،  ولسنا مستعدين لدفع ثمن هذا الخلاف.

سابقاً كنا نقول كلما اختلف ضابطان اسرائيليان ندفع نحن ثمن هذا الخلاف،  والآن كلما اختلف مسلحان فلسطينيان علينا أن ندفع ثمن أيضاً ، هذا يعكس الانهيار الذي وصلت اليه الحالة الفلسطينية وبالتحديد هنا في غزة،  لا يجوز لأي كان أن يجرنا الى مواجهة فالاحتمالات قائمة لقد نجحت الوساطات هذه المرة ولكن من يضمن الصاروخ القادم اذا ما سقط وأصاب أو ردت اسرائيل باغتيال..؟؟؟ 

المقال يعبر عن رأي كاتبة