شمس نيوز / عبدالله عبيد
قلما تخرج تصريحات إعلامية سواء من حركة "حماس"، أو الجانب الإسرائيلي، تتعلق بالجنديين الإسرائيليين المخطوفين لدى المقاومة في غزة، دون الحديث عن أي شيء يذكر في هذا المجال، في ظل "التكتم" الإعلامي الواضح من الطرفين، كونه يعدّ ملفا أمنيا حساسا يحتاج إلى السرية التامة، كما جرى خلال السنوات الخمس التي تم فيها خطف الجندي جلعاد شاليط عام 2006.
هناك رسائل غير واضحة المعالم بين الطرفين، يريد كلاً منهما ايصالها إلى الآخر خلال التصريحات على فترات متباعدة، والتي كان آخرها ما صرح به السفير الإسرائيلي في أنقرة، إيتان نائيه والتي أشار فيها إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "يعمل جاهداً لإعادة الجنديين هدار غولدين واورون شاؤول المحتجزين لدى حماس".
في حين رجح محللون سياسيون أتراك لـ "شمس نيوز" أن تدخل تركيا على خط المفاوضات غير المباشرة بخصوص الجنود الإسرائيليين المفقودين في غزة وأن حماس ليس لديها أي مانع في حال عرضت تركيا عليها هذا الأمر.
وبحسب المحللين، فإن لقاءات جمعت تركيا مع "إسرائيل" مؤخراً، شملت محادثات بين الطرفين في هذا الجانب.
وعادت العلاقات الدبلوماسية بين تركيا و "إسرائيل" إلى طبيعتها الصيف الماضي، بعد توتر دام ست سنوات جراء الهجوم الدامي للبحرية الإسرائيلية على سفينة مرمرة التركية في 2010 قبالة سواحل غزة.
في هذا السياق، لا تزال الأسئلة تُشغل بال الكثيرين، حول وجود مفاوضات سرية بين حماس و"إسرائيل"، عبر وسيط ثالث وهي تركيا.. وإلى أي مدى وصلت هذه المفاوضات؟!
المختص بالشأن الإسرائيلي، انطوان شلحت، يرى بأن ملف الجنود المخطوفين في غزة سيكون في جعبة تركيا، لافتاً إلى أن تصريحات السفير الإسرائيلي بأنقرة أشارت إلى أن ملف المفاوضات بهذا الشأن بيد الأتراك.
ولم يستبعد شلحت خلال حديثه لـ "شمس نيوز" وجود اتصالات بين جميع الأطراف من وراء الكواليس وبسرية تامة، معتبراً أن المفاوضات لاستعادة الجنود الإسرائيليين "تطبخ على نار هادئة"، حد وصفه.
وأشار إلى، أن هذا الملف لا يمكن وضع "التكهنات" حوله، أو حتى الإدلاء بتفاصيله، "لأن أي معلومة تقدم سواء من هذا الطرف أو ذاك لا تكون إلا بثمنها".
وأضاف شلحت: "لا يوجد معايير ثابتة لهذا الموضوع بل أنه خاضع للتفاوض، والمفاوضات عادة تسير على أساس الأخذ والعطاء، كما حصل بالفعل في صفقة شاليط والتي تفاجئنا خلالها بإطلاق "إسرائيل" سراح الكثيرين من الأسرى مقابل جندي واحد".
وتعترف المقاومة الفلسطينية بغزة، بأسر أربعة إسرائيليين اثنين منهم أسرا خلال عمليات عسكرية، في وقت تلمح فيه لأسر جنود آخرين، فيما ترفض "إسرائيل" الحديث حول تفاصيل أسراها ومفقوديها في قطاع غزة.
وأعلنت القسام مساء 20 يوليو 2014 أسرها جنديًا إسرائيليًا يدعى "شاؤول أرون"، خلال عملية شرق حي الشجاعية شرقي مدينة غزة إبان العدوان البري؛ وبعدها بعشرة أيام أعلن الاحتلال عن فقدان الاتصال بضابط يدعى هدار جولدن في رفح جنوب القطاع، وحينها فقدت القسام أيضاً الاتصال بمجموعتها المقاتلة التي كانت في المكان، ورجحّت استشهادها ومقتل الضابط الإسرائيلي.
من جهته، استبعد المحلل السياسي المقرب إلى حركة حماس، مصطفى الصواف وجود مفاوضات بين حماس وإسرائيل في هذه اللحظات؛ بشأن ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة.
وقال الصواف لـ "شمس نيوز": قد يكون هناك حديث من قبل الجانب الإسرائيلي لبعض الأطراف الدولية للعمل على إعادة الجنود سواء كانوا مأسورين أحياءً أو أمواتا"، مشدداً على أن حماس لا تزال ثابتة على مواقفها وأن الحصول على أي معلومة أو البدء في المفاوضات بهذا الجانب لن يكون إلا بتحرير جميع أسرى صفقة شاليط".
وأضاف "قادة الاحتلال تخشى تحولات الرأي العام؛ بأن تكون ضاغطة في اتجاه فتح هذا الملف، لأن أي تحرك في الشارع الإسرائيلي تجاه ملف قضية الأسرى سيشهد تعاطفاً كبيراً في الرأي العام، وسيؤثر على موقف الحكومة الإسرائيلية التي تحاول بقدر ما تستطيع أن تطوي هذا الملف ولو بشكل مؤقت".
واستدرك الصواف " لكن حتى اللحظة لا توجد أي تحركات إسرائيلية جادة باتجاه فتح هذا الملف، ولا اعتقد أن هناك أي اعتراض من قبل حماس للبدء في مفاوضات غير مباشرة، لأن الهدف من أسرهم ليس احتجاز الجنود بل تحرير الأسرى من سجون الاحتلال".
وكان القيادي في حركة حماس، إسماعيل رضوان قد طالب مؤخراً الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية، بأسر جنود إسرائيليين للإفراج عن الأسرى في سجون الاحتلال.
وبحسب القيادي رضوان، فإن "الاحتلال يستجيب لأسر الجنود والمقاومة الباسلة التي أمامها هدف نبيل وهو الإسراع في إطلاق سراح أسرانا ولا خيار إلا خيار البندقية"، مشدداً على أن أسر الجنود سيمرغ ويرغم الاحتلال الاستجابة لمطالب المقاومة والإفراج عن الأسرى، مؤكداً أن الفصائل الفلسطينية أخذت على نفسها العمل على تبيض السجون.
وأسرت المقاومة الفلسطينية الجندي "شاليط" في 25 يونيو 2006 في عملية عسكرية نوعية أطلقت عليها حماس "الوهم المتبدد"، فيما أفرجت عنه عام 2011 بوساطة مصرية، مقابل 1027 أسيراً فلسطينياً، حيث تعد الصفقة من أضخم عمليات تبادل الأسرى العربية (الإسرائيلية).