غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر مستشفى رفح.. "جاهز" على الأوراق في انتظار "الأيادي البيضاء"

شمس نيوز / تمام محسن

أصبح مشهد تكدس الحالات المرضية جزءً من الصورة اليومية في مستشفى أبو يوسف النجار بمدينة رفح جنوب القطاع، مع عدد من الأسّرة لا يتجاوز الـ 65 سريرا.

المستشفى الصغيرة، وهي في الأصل أنشأت كعيادة رعاية أولية، تقدم خدماتها لنحو ربع مليون نسمة من سكان رفح. يضم غرفتي عمليات إحداهما معطلة، ويفتقد إلى غرفة عناية مكثفة، وللكوادر البشرية الكافية، بالرغم من أنه يستقبل 250-300 مراجعًا يوميًا لقسم الاستقبال والطوارئ، معظم هذه الحالات يتم تحويلها الى مستشفيات خارج المدينة.

من الطبيعي أن تكون الأسرّة مشغولة على مدار الساعة، وغالبا ما يجد المريض نفسه في رحلة تنقل ما بين مستشفى أبو يوسف النجار والمستشفى الأوروبي (في خانيونس) إلى حين فراغ أحد الأسرّة في اليوم التالي.

وقد أصبح واضحا بعد العدوان على قطاع غزة في يوليو 2014 أن المشفى عاجز عن تلبية احتياجات سكان المدينة، وخاصةً بعد تداول نشطاء التواصل الاجتماعي صورا لجثامين أطفال وشهداء لم تستوعبها ثلاجة الموتى الوحيدة في المستشفى الحكومي ووضعت في ثلاجات الخضار والآيس كريم.

وكان صحفيو ونشطاء الإعلام الجديد في محافظة رفح، دشنوا حملة إعلامية للتغريد على هاشتاق #رفح_بحاجة_لمستشفى ، وتاليا #المستشفى_مطلب_شعبي؛ للمطالبة بضرورة توفير مجمع طبي متكامل في رفح، والتي لاقت صدًى واسعًا.

وأكدت ليلى مدلل مدير ملتقى اعلاميات الجنوب الذي بدأ الحملة، على أهمية استحقاق أهالي رفح مستشفى كامل مجهز بكافة الأجهزة الطبية والتخصصات  "لتقديم خدمة نوعية تليق بشعبنا الفلسطيني في المحافظة، وأنه من حق كل طفل وامرأة وشيخ ورجل مريض أن يتلقى العلاج بنفس مكان اقامته".

وتابعت المدلل: "تكونت لجنة المستشفى، ماذا بعد اللجنة؟، وإلى أين وصلت؟ ". وأضافت مستهجنة: "هل تنتظر حرب جديدة لوضع جثامين الشهداء في ثلاجات خضار، من المستفيد من هذا الوضع؟ ".

شهادة طبيب: شهداء على الأسرّة لم تقدم لهم الرعاية اللازمة!

الدكتور محمد الهمص، المدير الطبي لمستشفى أبو يوسف النجار، يروي في حديث لمراسل شمس نيوز مشاهد عاينها بنفسه خلال العدوان الإسرائيلي في يوليو 2014 تكرس المطلب الشعبي بتوفير مستشفى لمدينة رفح.

وقال: "عدد الحالات التي وصلت المشفى أكبر من الاستيعاب الحقيقي من ناحية الإمكانيات والكادر الطبي، بالإضافة إلى أن الطاقم المتوفر لا يلبي حاجة المشفى".

وأكد أنه لم تجرَ أية عمليات جراحية في مستشفى النجار وتم ترحيل جميع الحالات إلى المستشفيات الأخرى خارج رفح، وتابع الهمص في شهادته: "في الإحصائيات التي اجريناها بعد العدوان مباشرة، عدد الشهداء بالنسبة لعدد المصابين، كان أعلى نسبة في مستشفيات قطاع غزة". وعزا ذلك إلى نقص في الطاقم الموجود وغياب الإمكانات لإجراء أية جراحة.

وكان المستشفى تعرض خلال العدوان إلى الاستهداف المباشر لوقوعه على خط المواجهة مع قوات الاحتلال، وتابع الهمص بالقول: "على إثر الاستهداف انتقلنا الى المشفى الكويتي. لكن فوجئنا بعدم وجود التجهيزات اللازمة ما أدى لاستشهاد بعض الحالات دون تقديم العناية اللازمة لهم".

وبالمقارنة مع الوضع الحالي، أفاد: "من عام 2014 إلى الآن لم يطرأ أي تغيير على عدد الكادر الطبي الموجود بل بالعكس تراجع عددا ونوعا عن ذاك الحين. والمستلزمات الطبية كما هي لم تتغير فقط تم إضافة قسم أطفال وهذا لا يفيد كثيرا في حال الحروب".

كيف يتم التعامل مع هذا الوضع بشكل يومي؟ يقول الهمص: "يتم تحويل بعض الحالات إلى المشفى الأوروبي الذي يبعد 7 كيلومتر عن مشفى أبو يوسف النجار والذي بدوره اسرته ممتلئة ثم يتم إرجاع المرضى إلى أبو يوسف النجار من جديد إلى حين فراغ أياً من الاسرّة الـ 65 في اليوم التالي".

لا شكوى

من جانبه، أشار محامي مركز الميزان لحقوق الإنسان يحيى محارب إلى أنه لم يصل للمركز أية شكاوى من مواطنين تتعلق بنقص إمكانات المستشفى وقدرتها على تلبية احتياجاتهم، للدفع بالمركز في "تجاه مطالبة الحكومة أو القائمين على إدارة الوضع في غزة على توفير مستشفى كامل التجهيزات لرفح". 

وأكد على ما جاء في شهادة الدكتور الهمص بخصوص استشهاد بعض الجرحى خلال العدوان على الأسرّة بسبب نقص الرعاية الطبية وإخلاء مستشفى أبو يوسف النجار إثر تعرضها للاستهداف.

وأضاف: "القانون الأساسي وقانون الصحة العامة رقم 20 لسنة 2004 ينصان على حق المواطن الفلسطيني كاملا في الصحة وتوفير كل مؤسسات الرعاية الصحية  الخدمات الصحية اللائقة".

وتابع مستنكرا: "ليس من المنطق أو المقبول أن يعاني إنسان من أزمة في القلب ويرحَل لمستشفى أخرى في خانيونس، هو بذلك يواجه مخاطر الموت في الطريق".

واستدرك: "هناك نقص بشكل عام في الكادر الطبي والإمكانات في قطاع غزة لا ننكر دور الاحتلال في هذه الفاجعة، لكن هناك جزء تتحمله وزارة الصحة أيضا".

المشفى جاهز ..لكن على الأوراق

تكاليف إنشاء المشفى بحسب مخططات تشرف عليها جمعية أصدقاء مجمع رفح الطبي، تقدر بـ ( 52 مليون دولار)، وكانت سلطة الأراضي وفرت قطعة  أرض للبدء في إنشاء المستشفى، وفي عام 2015 تم وضع حجر الأساس لهذا المستشفى على أرض تبلغ مساحتها 42 دونم غرب المدينة.

وأوضح جمال أبو هاشم، رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء مجمع رفح الطبي، أن التصميمات الخاصة بالمستشفى جاهزة وتم إعدادها برؤية حديثة ومتطورة، لكنها بحاجة إلى تمويل للبدء بتنفيذها على أرض الواقع.

وحول ما تناقلته وسائل الاعلام عن تبني السفير القطري العمادي لمشروع بناء المجمع، أوضح: "عرضنا على السفير الفكرة والمخططات والتقارير حول الوضع الصحي في رفح، فاقتنع بالفكرة وقدر الاحتياج الشديد لمستشفى، وتبنى تغطية المرحلة الأولى من البناء. نأمل في استمرار الأمر على ذلك".

وبحسب أبو هاشم تقدر تكاليف المرحلة الأولى للمجمع نحو 20 مليون دولار، وهي تشمل البنية التحتية للمستشفى.

وعلى الرغم من تأكيدات أبو هاشم على أن المشروع سيستغرق سنوات، يبدو متفائلا بإنجاز المشروع قائلا: "بحسب متابعتنا، وجدنا أن المشروع في خطة الوزارة التطويرية على أن يتم تبنيه حين توفر التمويل، وهذا ينسجم مع اتفاقنا معهم".

وأضاف: "التمويل لا يمكن أن يكون دفعة واحدة، فكان التوجه لتنفيذ المجمع على مراحل(..) ومن المتوقع أن تتبنى قطر المرحلة الأولى، وكذلك تواصلنا مع الهلال الأحمر السعودي للمساهمة في تمويل المشفى وهناك مؤشرات إيجابية".