شمس نيوز/ منى حجازي
سمحت الولايات المتحدة، يوم أمس الجمعة، بتمرير قرار في مجلس الامن الدولي يطالب بوقف بناء المستوطنات الإسرائيلية بالأراضي الفلسطينية، في تحد واضح لضغوط الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وعدد من المشرعين الأمريكيين الذين حثوا واشنطن على استخدام حق النقض (الفيتو).
واعتبر الامتناع الأمريكي عن استخدام الفيتو وعدم التصويت ضد القرار "طلقة الوداع" من أوباما الذي شاب التوتر علاقته بنتنياهو طوال فترة حكمه التي تنتهي فعليا في 20 من يناير القادم.
وقال الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، في تغريدة على تويتر عقب امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على القرار إن "الأمور ستختلف بعد 20 يناير" عندما يتولى السلطة.
عقاب لنتنياهو
أستاذ العلاقات الدولية ، د. وليد المدلل، يرى أن الامتناع الأمريكي جاء لمعاقبة "نتنياهو" ووضع العراقيل أمام "عربدة" ترامب، في وقت تتصاعد فيه وتيرة بناء المستوطنات بالضفة والقدس المحتلتين، التي اعتبرتها الإدارة الأمريكية مؤخراً "عقبة أمام تحقيق السلام".
وأوضح المدلل، خلال حديثه لـ "شمس نيوز"، أن توسع الاستيطان وخشية سيطرة "إسرائيل" على الضفة الغربية أو هدم المسجد الأقصى، وتزايد سياسة التطرف الديني والقومي لحكومة نتنياهو، أبرز الأسباب التي دفعت الرئيس أوباما لاتخاذ قرار الامتناع عن التصويت وعدم رفع "الفيتو" ضده.
ماذا سيفعل ترامب ؟
وعن مستقبل القرار بعهد الرئيس الجديد، قال المدلل، إن الرئيس الجديد دونالد ترامب سيحاول تفريغ مضمون القرار، واتخاذ قرارات أخرى "هستيرية" لصالح "إسرائيل"، أولها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة.
وأضاف: "سيواجه ترامب القرار باتخاذ إجراء جديد يخالفه بالمضمون، يؤكد أن المستوطنات لا تشكّل عقبة أما السلام، إضافة إلى تجنيد الدعم الضروري لتمريره عبر ضمان تأييد ما لا يقل عن 8 دول أعضاء في مجلس الامن، باستثناء الولايات المتحدة".
من جانب آخر، قلل أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، من حدة تهديدات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الذي أطلقها عقب قرار المجلس، مهددا بتغيير الوضع في الأمم المتحدة بعد تسلمه مهامه الرئاسية.
وقال مجدلاني، خلال تصريحات سابقة لـ "شمس نيوز": "ما يستطيع أن يفعله ترامب هو الفيتو في مجلس الأمن ولا يستطيع أن يلغي الأمم المتحدة ولا الجمعية العامة ولا المنظمات الدولية المختلفة ولا يستطيع أيضا الانسحاب من المعاهدات والاتفاقيات الدولية المختلفة، وبالتالي هذا كله مجال واسع أمام الفلسطينيين لدفاع عن حقوقهم".
حشد دولي
المحلل السياسي هاني حبيب، اعتبر القرار "غير مضمون"، لكونه لم يأتِ في إطار "البند السابع" الذي يلزم الأمم المتحدة بتطبيقه، إلى جانب أن نجاح أي قرار يستند إلى ميزان القوى، والذي تميل كفته إلى "إسرائيل" بشكل مطلق، ومخططات أوباما لن تفلح وستزيد "عناد" ترامب.
وأضاف حبيب: "لذلك فالقرار جيد من الناحية الإعلامية، لكنه على الواقع سيظل "حبراً على ورق"، في ظل وصول "ترامب" التي تبنت سياساته المعلنة دعم الاحتلال ومخططاته الاستيطانية"، مطالباً السلطة بالعمل على الحشد الدولي والعالمي والعمل على استثمار القرار ومساندته.
وعن كيفية استثمار القرار من قبل الفلسطينيين، أوضح عضو اللجنة التنفيذية لـ(م.ت.ف ) أحمد مجدلاني أن من نقاط قوة قرار إدانة الاستيطان، أنه يشمل بند يضمن متابعة التنفيذ، مبينا أن القرار يكلف السكرتير العام للأمم المتحدة بتقديم تقرير كل ثلاثة أشهر للأمم المتحدة لوضعها في صورة المستوطنات، ويعرض تقرير السكرتير دوريا على مجلس الأمن.
وأضاف:" وبالتالي سيكون لدينا فرصة أخرى في مواجهة إسرائيل لهذا القرار وعدم التزامها فيه؛ وأيضا بالتقدم بقرارات أخرى لمجلس الأمن من أجل إلزام الاحتلال تطبيقه أيضا".
وأشار مجدلاني إلى وجود خطوات ملموسة في اطار توجه منظمة التحرير لمحكمة الجنائية الدولية في غضون الشهر المقبل، مستندة إلى قرار مجلس الأمن الجديد واتفاقيات جنيف التي تدين الاستيطان.
وامتنعت الولايات المتحدة عن التصويت على مشروع القرار، مما مهد الطريق للمجلس الذي يضم 15 عضوا بتبني القرار بأغلبية 14 عضوا في تصويت أعقبته موجة تصفيق.
ويأتي موقف إدارة الرئيس باراك أوباما في أعقاب خيبة أمل متزايدة إزاء استمرار البناء الاستيطاني على الأراضي التي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها.
وشكّل موقف إدارة أوباما، تحولا عن سياسة واشنطن طويلة الأمد القائمة على حماية إسرائيل- حليف واشنطن منذ فترة طويلة، والتي تتلقى منها مساعدات عسكرية سنوية بأكثر من ثلاثة مليارات دولار- من مثل تلك التحركات.
وتملك الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن إلى جانب روسيا وفرنسا وبريطانيا والصين.
وطرحت نيوزيلندا وماليزيا وفنزويلا والسنغال مشروع القرار للتصويت بعد يوم من سحب مصر له تحت ضغط من إسرائيل وترامب وهو القرار الأول الذي يتبناه المجلس بشأن إسرائيل والفلسطينيين منذ نحو ثماني سنوات.
كما واجه أوباما ضغوطا من مشرعين أمريكيين جمهوريين وكذلك من زملائه الديمقراطيين لاستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار وتعرض لانتقادات من الحزبين بعد التصويت على القرار.
واتخذ ترامب الذي يتولى السلطة في 20 يناير كانون الثاني خطوة غير عادية لرئيس أمريكي منتخب عندما تتدخل شخصيا في قضية تتعلق بالسياسة الخارجية قبل أن يتولى منصبه وتحدث عبر الهاتف مع نتنياهو ومع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أن تسحب مصر مشروع قرار صاغته قبل تصويت مزمع للمجلس عليه.