شمس نيوز / عبدالله عبيد
"لا أعرف أين أذهب بعدما أخلت المدارس جميع المواطنين الذين شُّردوا إليها خلال الحرب الإسرائيلية على غزة والتي حرقت الأخضر واليابس، فلم يعد لنا مأوى ولا منزلا نسكن فيه، سوى مخزن واحد قمت باستئجاره، بعدما أخلت المدارس مراكز الإيواء للتحضير للعام الدراسي الجديد"، كان هذا لسان حال المواطن عبد الهادي محسن (52 عاماً) والذي يعيل سبعة أفراد من عائلته.
وأدت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي استمرت نحو خمسين يوما، إلى استشهاد زهاء 2200 مواطنا وإصابة أكثر من عشرة آلاف بجراح، وتشريد مئات الآلاف من المناطق الحدودية إلى مراكز إيواء مؤقتة افتتحتها وكالة الغوث "الأونروا" في مدارسها، بعد تدمير مئات المنازل التي كانت تئويهم.
وقال محسن لـ"شمس نيوز": أين نذهب؟ هذا السؤال ما زال يحيرني، فالعام الدراسي على الأبواب ومن حقهم أن يعملوا على تجهيزها للطلاب، ولكن نحن أيضاً نريد أن نعيش بكرامة"، مشيراً إلى أن بيته قد هُدم في اليوم السادس من الحرب على غزة.
وأضاف: أنا الآن أسكن في أحد المخازن التي استأجرتها، وأنتظر وعود الحكومة، بإسكاننا في أحد الشقق"، معرباً عن أسفه لما يحدث من مناكفات سياسية بين حركتي حماس وفتح تؤخر إعادة إعمار ما دمرته الحرب.
وأردف المواطن الخمسيني: الشعب الفلسطيني في غزة يُدمر ويقتل من خلال إبادة جماعية، ونحن نحمد الله على أننا خرجنا سالمين، وحماس وفتح يخرجون على الإعلام ويشتم كل منهما الآخر"، مشدداً على أن هذه المناكفات لا تفيد شعب قدم ما يكفي من التضحيات والشهداء.
وكانت وزارة التربية والتعليم في قطاع غزة، قالت في إحصائية سابقة لها إن 141 مدرسة بالقطاع، تضرّرت بفعل العدوان الإسرائيلي، من بينها 22 بشكل كامل، ولا يمكن استخدامها خلال افتتاح العام الدراسي الجديد.
وحُرم نصف مليون طالب وطالبة في قطاع غزة، من أصل مليون ومائتي ألف حقهم في التعليم، وبدلا من أن يتواجدوا في فصولهم الدراسية لتلقي العلم، كانوا فيها برفقة عائلاتهم نازحين.
ووفق إحصائيات فلسطينية وأممية، فإن الحرب الإسرائيلية خلفت نحو 500 ألف نازح، من بينهم 300 ألف شخص يمكثون الآن في 85 مدرسة بغزة.
تعاون بين المراكز
وأوضح منسق المشاريع في مركز العمل التنموي "معا" مصعب الهندي، أن تدخلاتهم بمراكز الإيواء، كانت من بداية الحرب من خلال توفير الغذاء والفرشات والأدوات الصحية للمواطنين، مضيفاً: الآن نحن بصدد تعقيم المدارس وتطهيرها من خلال مواد النظافة، لأنها كانت مكتظة بالناس وبالسكان".
وأشار الهندي في حديثه لـ"شمس نيوز" إلى أن هناك تعاون بين مراكز الإيواء في مدارس الأونروا ووزارة التربية والتعليم والشؤون الاجتماعية، سواء على صعيد توزيع المواد الغذائية أو أنشطة الدعم النفسي التي تتم بالتنسيق مع مدارس الأونروا أو مدارس الحكومة.
وتابع: تم إخلاء 14 مدرسة حكومية و30 مدرسة تابعة لوكالة الغوث من مراكز الإيواء، كان في هذه المدارس ما يقارب 60 ألف نازح، وكان التخطيط أن يتم إخلائهم تدريجياً، والآن بعض هؤلاء النازحين سيذهبون عند أقاربهم، وآخرون ستوفر لهم المؤسسات شققا بالإيجار، وبعض المواطنين النازحين سيبقون في المدارس".
وبيّن الهندي أنهم سيعملون على تأهيل الطلاب نفسياً على أن يذهبوا إلى المدارس ويخرجوا من أجواء الاكتئاب التي يعيشون بها نتيجة الحرب، مضيفا: نعمل على توفير زي مدرسي للطلبة وأدوات قرطاسية، وتوفير مياه شرب للمناطق التي لم يتوفر بها كهرباء وبعض المساعدات العاجلة".
تقليص الأعداد
من جهته، قال نائب مدير عام العلاقات الدولية والعامة في وزارة التربية والتعليم، معتصم الميناوي لـ "شمس نيوز": إن أعداد العائلات التي لازالت في المدارس سواء كانت حكومية أو في مدارس وكالة الغوث، تقلصت بنسبة كبيرة".
وأضاف الميناوي: لم يبق سوى أربع أو خمس مدارس حكومية تؤوي بعض النازحين، وفي مدارس الأونروا تم تقليص العدد بشكل ملحوظ جداً"، مشيراً إلى أن وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين، وضعت خطة لبدء العام الدراسي وتلافي إخراج هؤلاء النازحين من تلك المدارس.
ونوه إلى أن حوالي 174 مدرسة تضررت خلال العدوان الإسرائيلي، منها 26 مدرسة لا تصلح على الإطلاق لبدء العام الدراسي، موضحاً أن الوزارة قررت حذف بعض الموضوعات التي لا تؤثر على مجمل العملية التعليمية، وتماشياً مع الوقت الذي ذهب جراء العدوان.
وزاد الميناوي بالقول: بالنسبة لدعمنا للطلبة سنعمل على أن يكون أول أسبوع ترفيهياً لهم، والثاني سيشهد خوضا بالعملية التعليمية بشكل جدي حتى لا نضيع الوقت"، متمنياً أن تسير الدراسة بشكل جيد وسلس وفق المخطط المزمع.
وسيتم افتتاح العام الدراسي وفق الوزارة، على ثلاثة مراحل، حيث سيبدأ في المرحلة الأولى بالتركيز على الجوانب النفسية والاجتماعية للطلبة، وتنفيذ نشاطات جماعية وفردية في مجال التفريغ والإرشاد النفسي، أما المرحلة الثانية فتتمثل بالتهيئة وتوفير التجهيزات اللازمة والاحتياجات من خلال الإدارات المتخصصة، والمرحلة الأخيرة تختص بالدوام المدرسي والأكاديمي.