شمس نيوز/تمام محسن
مع اقتراب انتقال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتسلم مهامه في 20يناير/كانون من الشهر الجاري، تزداد المخاوف من تحقيق وعده للإسرائيليين بنقل سفارة بلاده من "تل أبيب" إلى القدس المحتلة.
وأمس الجمعة، حذر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أن نقل السفارة إلى القدس المحتلة، من شأنه أن يضع السلام العالمي في مأزق خطير.
وعلى رغم من أن الأمم المتحدة لا تعترف بالقدس عاصمة لـ "إسرائيل"، وقد اتخذت السفارة الأمريكية من "تل أبيب" مقرا لها على مدى عقود، لكن ترامب تعهد خلال حملته الانتخابية بنقلها إلى القدس.
وأكدت كيليان كونواي، مستشارة الرئيس المنتخب ، أن نقل السفارة الأمريكية في "إسرائيل" إلى القدس يشكل أولوية كبيرة لدى ترامب.
فهل يفي ترامب بوعده للإسرائيليين؟ وما هي تداعيات ذلك على عملية" السلام" في الشرق الأوسط ومستقبل حل الدولتين؟ وكيف يمكن للفلسطينيين مواجهة ذلك؟
انتظار فرصة
يرى عدنان أبو عامر الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي، أن هناك توجها أمريكيا جادا لإدارة الصراع العربي الإسرائيلي ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
"وبالنسبة للإسرائيليين هناك استعداد ميداني وسياسي لمواجهة التبعات المتوقعة لهذا القرار الذي لاقى من البداية ترحيبا إسرائيليا كبيرا" يقول أبو عامر، مضيفا "هناك معلومات تقول إن الطرفين الأمريكي والإسرائيلي يبحثان مكان مناسب في القدس لنقل السفارة إليه، وربما يتم كشف النقاب عنه خلال الأيام القليلة القادمة وهناك مداولات إسرائيلية أمريكية وزيارة الأمريكان إلى إسرائيل من أجل ذلك".
وحذر أبو عامر من أن الإدارة الأمريكية تنتظر الفرصة المواتية لتحقيق مسعاها، في ظل انشغال عربي بالأوضاع الداخلية.
فيما يذهب المحلل السياسي أحمد عوض، بعيدا في تحليل تداعيات نقل السفارة بالقول إن هذه الخطوة:" يؤجج الغضب والعنف يمكن ان تكون هذه ذريعة لكثير من الأطراف في المنطقة أن تعلن الاشتباك مع الإدارة الأمريكية"، مضيفا أنه في حال نقلت السفارة فسيشكل ذلك " ضربة قاتلة للاعتدال العربي والفلسطيني الذي لم يفلح في منع إدارة ترامب من نقل سفارتها الى القدس".
وتابع: " ذلك يعني أيضا أن أمريكا تتخلى عن دورها كراعية للتسوية وهي تنحاز لدولة الاحتلال وهذا اعتراف منها ان القدس ليست أرض محتلة عام 1967 وهذا يناقض القانون الدولي والقرارات الدولية الصادرة بحق الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وحذر من أن هذه الخطوة ستطلق اليد الطولى للاستيطان في الضفة الغربية والقدس، أكثر مما كان عليه الحال في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
لغة المصالح
ومع ذلك يرى عوض أن لدى القيادة العربية والفلسطينية فرصة وحيدة في إيقاف مساعي ترامب لنقل السفارة، موضحا" إذا كان هناك دبلوماسية عربية سريعة التحرك لمنع ترامب من فعل ذلك فهو على استعداد أن يتراجع عن خطوته".
ويلفت إلى أن ترامب "رجل أعمال ولا يفهم سوى لغة المصالح "وفي حال تهديد الإدارة الأمريكية بأن مصالحها وعلاقاتها بالعالم العربي فقد يتراجع".
وأكد أن الفلسطينيين وحدهم ليس بمقدورهم مواجهة المسعى الأمريكي، وأنها تحتاج إلى التنسيق مع العرب والمسلمين والمجتمع الدولي وتكوين جبهة مشتركة لذلك.
في حين يخالفه في رأيه ذاك أستاذ العلاقات الدولية، أشرف الغيظ، مشيرا إلى أن ترامب "هو الواجهة الشكلية للسياسة الأمريكية لكن ليس هو المنفذ لها".
ويلفت إلى أن الإدارة الأمريكية الجديدة التي اختارها ترامب من اليمين المتشدد ستدفع في اتجاه تنفيذ وعده، ما لم يكن هناك وقفة عربية إسلامية ودولية. بحسب كلماته.
هل نشهد خطوات مماثلة في ظل صعود الشعبوية في أوروبا؟، يجيب أبو الغيظ أنه من الممكن أن تحذو دولا أوروبية حذو الولايات المتحدة في المستقبل مطالبة بنقل سفارتها من "تل أبيب" إلى القدس المحتلة.
وكانت أثيرت في بريطانيا دعوة من أحد زعماء المعارضة الشعوبيين إلى نقل سفارتها إلى القدس على غرار ترامب. لكنها أكدت عدم وجود نية لذلك، وقال مكتب الناطق باسم الخارجية البريطانية: "لن يتغيّر وضع بعثاتنا الديبلوماسية في اسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة".
وأوصى الغيظ في ختام حديثه باللجوء إلى المؤسسات الدولية للاحتجاج على نقل السفارة إلى القدس، موضحا أن" الولايات المتحدة لها نفوذ في بعض المؤسسات الدولية ولكن سيقابل بنفوذ أقوى منه. هناك صحوة ضمير لدى المجتمع الغربي والأسرة الدولية بعض الدول بدأت تغير من مواقفها لصالح الواقع الموجود".
وعلى الرغم من أن وعد ترامب ليس بالجديد، فقد سبق أن أطلقه كثيرون من المرشحين الرئاسيين الأمريكيين إلا أن ترامب هو من نوع الزعماء الذين قد يجعلون هذا الوعد واقعا ومن المرجح أن يحظى أيضا بمساندة كاملة من الكونجرس الأمريكي الذي يسيطر عليه الجمهوريون.
وفي حال حدثت هذه الخطوة فإنها ستلغي عقودا من الدبلوماسية الدولية التي حافظت على أن الوضع النهائي للقدس لن يتقرر إلا من خلال "تسوية عن طريق التفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين".