قائمة الموقع

خبر في غزة .. من صيدلي وأمين مكتبات إلى بائع متجول

2017-01-15T15:25:48+02:00

شمس نيوز/توفيق المصري

لم يتوقع عادل بارود "أبو محمد" (49 عاماً)، أن تنقلب حياته رأساً على عقب، بعد التغيرات التي طرأت عليها، فوجوده خلف "بسطته"، تختصر مقولة: "أن تنير شمعة، خيرٌ من أن تلعن الظلام ألف مرة".

فأبو محمد لم يعد يجلس على مكتب، أو يصرف وصفات الأدوية للمرضى، ولا يجد من يداوي قلبه، بعدما قُطع راتبه منذ أحداث الانقسام الفلسطيني.

يحمل "أبو محمد" عدة شهادات علمية، منها شهادة البكالوريوس في الصيدلة، ودبلوم كمبيوتر، ويسعى لمحاربة وتغيير واقعه، من خلال لجوئه لدراسة بكالوريوس العلوم المالية في الجامعة الإسلامية؛ ليدخل مجال التجارة، لكنه لم يعد يقوى على دفع رسوم دراسته الجامعية، المتبقي له 3 فصول.

قصتنا هي إحدى آلاف القصص في غزة، التي كُتب لها أن تدفن حيةً، أو أن تعيش الحياة مفتقدةً لحقٍ من حقوقها.

حسرة آخر الشهر

يستعد أبو محمد يومياً صباحاً لنقل بضاعته من منزله بجانب حمام السمرة، ليفترش بها الأرض إلى جانب أحد أبواب البنوك وسط ميدان فلسطين في مدينة غزة.

وبدى أبو محمد يتعالى على نظراته التي اكتست بالمرارة، لزملاء مهنته الذين يمرون أمامه ليتقاضوا رواتبهم من البنوك.

يسرد أبو محمد، الأب لـ 6 أطفال قصته، وهو يشعر بآلام من تتشابه قصتهم معه: "أشعر بمن لم يقوموا بتدبر أمور حياتهم، فأنا لجأت للبيع على بسطة؛ لأن خلفي أسرة، وأعرف زملاء لي قطع راتبهم، ودفعهم قطعه لإخراج أبنائهم من المدارس؛ بسبب عدم مقدرتهم على دفع الرسوم".

تاريخ مشرق

في العام 1990 عمل "أبو محمد" مدة عامين في مجال الصيدلة، بعدها اعتقل في سجون الاحتلال حتى عام 1996، وخرج مع صفقة أوسلو، وحظي بوظيفة في وزارة الأوقاف.

يقول أبو محمد: "عملت عامين صيدلي في مستشفى الشفاء، وبعدها انتقلت لوزارة الأوقاف وعملت فيها أمين مكتبات، ولغاية الآن أنا موظف لدى السلطة الفلسطينية وعلى قيودها، لكن بدون راتب، ودوامي كان حتى أحداث الانقسام، ولم أعمل بعدها مع أي جهة في غزة".

ويضيف: "بعد قطع راتبي لجأت للبيع على بسطات وللبيع المتجول، فأبيع الرز والسكر والمواد التموينية الأساسية، ودخلي اليومي لا يتعدى 20 أو 30 شيقلاً، وأعمل من أجل مصروف البيت؛ ومن أجل أن لا أمد يدي للناس ولا أحتاج أحداً".

ويرجع أبو محمد أسباب قطع راتبه؛ لتقرير كيدي كُتب بحقه، قطع على إثره راتبه، في شهر 10 عام 2007، ويستذكر أنه كان موظفاً حكومياً مصنف على الدرجة الرابعة، وأنه كان يتقاضى راتباً شهرياً (2500 شيقلاً).

لم يركن أبو محمد، وكان له محاولات لإرجاع راتبه، لكن ومع مرور أول عام على قطع راتبه وطرقه لكل الأبواب، أصابه اليأس؛ لتنكر السلطة، حتى بعد حكومة الوفاق التي تشكل معها بصيص أمل، فقده؛ فمنذ تشكلها ولم يحرك أحداً ساكن.

يقول متسائلاً: "الأب يفرق بين أولاده؟، ورئيس السلطة الفلسطينية كيف له كقائد أن يفرق بين أفراد مجتمعه؟".

ويشارك أبو محمد البيع أكبر أبناءه الذي لم يتخط عمره (12عاماً) بعدما أنهى تقديم امتحاناته لهذا الفصل، يقول أبو محمد: "أعرف من أصدقائي المقطوعة رواتبهم، أن منهم من أخرج أولاده من المدارس، وتحولوا لمتسولين في شوارع غزة، وأصبحوا مشردين".

وتمنى أبو محمد، أن لا يرى أحداً قد قطع راتبه؛ من أجل أن لا يحرم أبناءه من قوتهم، وطالب بإرجاع المقطوعة رواتبهم.

يشار أنه، قبيل أحداث الانقسام منذ عام 2007 كان عدد موظفي القطاع الحكومي نحو 70 ألفًا، لكن اليوم يصل إلى 50 ألفًا، وذلك بعد استثناء حالات الوفاة والتقاعد والفصل.

وكان قد طالب الحراك التنظيمي للمقطوعة رواتبهم بغزة، في وقت سابق، بإعادة الرواتب التي قطعت بتقارير كيدية خلال فترة سنوات الانقسام.
 

اخبار ذات صلة