شمس نيوز/تمام محسن
عقب وصول الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تصبح الخيارات لدى السلطة الفلسطينية "صعبة" في مواجهة "إسرائيل" على الساحة الدولية.
وكان تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بانتهاج سياسات موالية لـ"إسرائيل" بشكل أكبر وبنقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" والموجودة فيها منذ 68 عاما إلى القدس، مرسخا تقريبا المدينة كعاصمة للاحتلال رغم الاحتجاجات العربية والفلسطينية والاعتراضات الدولية.
ومنذ تولي ترامب منصبه في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، لم تضيع حكومة الاحتلال وقتا في استغلال وجوده في منصبه، للاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية وتدمير ما تبقى من مبدأ "حل الدولتين".
ويتوقع خبراء ومحللون أن تنصيب الجمهوري ترامب سيضع السلطة الفلسطينية في الفترة المقبلة أمام خيارات صعبة ومحدودة للتحرك على الساحة الدولية واستكمال نهجها الدبلوماسي الذي توّجته العام الماضي بقرار مجلس الأمن 2334 الداعي إلى وقف الاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
عودة للمفاوضات
ويرى ناجي شراب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر، أن وصول ترامب إلى البيت الأبيض سيترك تداعيات كبيرة على الفلسطينيين، منوها أن ذلك يوجب على السلطة الفلسطينية إعادة التقييم لكافة الخيارات الفلسطينية وترتيب اولوياتهم بما يتفق مع بيئة هذه الخيارات.
ويتوقع شراب أن تفرض واشنطن على السلطة الفلسطينية العودة إلى طاولة المفاوضات مقابل تجميد نقل سفارة واشنطن إلى القدس المحتلة لفترة محددة.
وأشار إلى أن هذا الأمر من شأنه أن يضع السلطة في "مأزق رفض الطرح الأمريكي أو القبول بدون شروط مسبقة، وبناءً على ذلك من الممكن أن تتخذ الإدارة الأمريكية خطوات عقابية وتنقل سفارتها".
وكانت الجولة الأخيرة من المفاوضات قد انهارت في أبريل/نيسان عام 2014، دون تحقيق تقدم؛ بسبب رفض "إسرائيل" وقف الاستيطان، وقبول حدود 1967 كأساس للمفاوضات، والإفراج عن معتقلين فلسطينيين قدماء في سجونها.
مهادنة ومرونة
ويتوقع المحلل شراب أن تنتهج السلطة الفلسطينية في الفترة المقبلة استراتيجية المهادنة والمرونة السياسية مع الأمريكان، مستبعدا أي تحركات لانتزاع قرارات دولية جديدة على غرار قرار مجلس الأمن 2334.
ويتفق المحلل السياسي أحمد عوض مع سابقه، ويرى أن تنصيب ترامب سيقف عائقاً كبيراً يمنع استثمار الانتصارات الدبلوماسية في المحافل الدولية، مشيرا أن أمريكا وإسرائيل ستسعيان لتعطيل أي جهد دبلوماسي للسلطة في الفترة القادمة.
ويؤكد المحللان أن الخيار المتاح لدى السلطة في ظل هذه المعطيات يتمثل في تفعيل الخيارات الفلسطينية الداخلية، ويوضح عوض بالقول:" السلطة أضعف من أن تفرض على العالم أي شيء(..) كما أنها تواجه مأزق التفكك. لذلك يجب أن تقوم بتصويب نفسها أمام شعبها وإعادة شرعيتها عبر إجراء الانتخابات وتحقيق المصالحة الوطنية".
ويضيف شراب بدائل أخرى قد تلجأ إليها السلطة في ظل التعنت الأمريكي- الإسرائيلي، يذكر منها تفعيل الانتفاضة السلمية ومنظمة التحرير الفلسطينية، انهاء مرحلة أوسلو، وصولا إلى إعلان الدولة الفلسطينية المراقب تحت الاحتلال.
أكثر تفاؤلا
بينما يبدو، المحلل السياسي، إبراهيم ابراش، أكثر تفاؤلا من سابقيه ويرى أن القضية الفلسطينية ومساراتها لن تتأثر بأي رئيس أمريكي جديد؛ موضحا أن إنجازات الدبلوماسية راجع إلى عدالة القضية الفلسطينية.
لكن أبراش يستدرك: "بالتأكيد إسرائيل ستحاول توظيف الرئيس الأمريكي الجديد المناصر لها؛ للالتفاف على هذه الإنجازات لكن قدرة الإدارة الأمريكية على التغيير الجذري تبقى محدودة"، مضيفا:" هذا الامر يتطلب من القيادة الفلسطينية إدارة أكثر حزما ووعيا لملف الصراع مع الإسرائيليين والخلاف مع الأمريكان ".
كيف سيكون شكل التحركات الفلسطينية في المرحلة المقبلة؟
توقّع أبراش استمرار الحراك الفلسطيني على الساحة الدولية وتعزيز تحالفاتها مع موسكو التي أصبحت فاعلا أساسيا، ودولا أخرى كالصين والهند والاتحاد الأوروبي والمنظومات الأخرى لخلق توازن في العلاقة في مقابل التحالف الإسرائيلي الأمريكي، وفق قوله.
وفي ختام حديثه، دعا السلطة الفلسطينية إلى تعزيز تحالفاتها على المستوى العربي والدولي، مشددا على ضرورة انجاز ملف المصالحة الوطنية لمواجهة استحقاقات المرحلة القادمة.