شمس نيوز/ توفيق المصري
تصوير / حسن الجدي
داخل غرفة توزعت فيها القطع هنا وهناك يلفت انتباهك إمعان العشرينية نور جبر، من سكان شمال قطاع غزة، في كل قطعة خشبية تتلمسها، لتضع لها مخططاً لإخراجها بصورة فنية جميلة ممزوجة بذوقها واحساسها، مصحوبة بحديث داخلها يقول إن "التراث يجب أن نحييه بالحداثة".
ولا تَحيكُ الفتاة جبر فن التطريز على قطع الأقمشة كما اعتدنا أن نرى أمهاتنا وجداتنا، بل تخطت ذلك بمشروعها الذي أطلقت عليه "كنعانية"، فقامت بالتطريز على القطع الخشبية، كما وتطرز على البلاستيك والألمنيوم والجلد، مضيفةً بذلك نقلة نوعية للتراث الفلسطيني.
تقول جبر لـ"شمس نيوز" وهي ممسكة قطعة خشبية بيدها اليسرى وإبرة بخيط في يدها اليمنى تعزف فيها بإحساسها على نقشٍ من تصميمها وتفريغها: "أحببت التراث وفن التطريز منذ طفولتي، وعشقت كل التراث الفلسطيني، وظل عالقاً في ذهني لأعمل فيه بشبابي".
لم تستسلم الفنانة جبر للواقع الصعب الذي يعانيه آلاف الخريجين في قطاع غزة، بل شكل لها دافعاً للجوء نحو موهبة الطفولة في فن التطريز، فبعد أربع سنوات درست خلالها الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي وتخرجت في العام 2013، لم تيأس لعدم حصولها على فرصة للعمل.
تمسك الفنانة جبر، أداة "مقدح" لحفر تصميهما الذي وضعته، وتقوم بحفر نقاط متقنة بعناية ليخترقها خيط التراث، ولتخرج بالجودة المطلوبة، غير مكترثة للوقت الذي تأخذه بعض القطع، والتي تصل لعدة أيام.
تضيف الفنانة، وهي تخترق بإبرتها والخيط قطعة خشبية حفرت عليها خارطة فلسطين: "بعد تخرجي لم أحظ بوظيفة في مجال دراستي، فأحببت أن يكون لي مشروعي الخاص، وفي أن يكون مختلفاً عن باقي المشاريع، وأن أضيف فيه شيئاً جديداً وغريباً، وفي نفس الوقت يَسهلُ تطبيقه وأن يقبل عليه الزبائن".
عدة منتجات تقوم الفنانة جبر بصناعتها، منها منتجات خاصة بالمؤسسات من شعارات وأدرع، ومنتجات للزبائن وتتضمن الاكسسوارات والمعلقات والمداليات.
ومزجت الحداثة مع التراث بإدخالها التراث الفلسطيني للأثاث المنزلي، عبر أشرطة قماش مطرزة أو بالتطريز على خشب الأثاث، كما وتدخل التراث في أطقم الضيافة.
وتصنع الفنانة جبر منتجات خاصة بالفتيات والشباب، وقطعاً تراثية تناسب أماكن العمل.
وتسخر وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق منتجاتها، ويشكل لها الحصار المفروض على القطاع منذ عشر سنوات عائقاً أمام إيصال أعمالها لطالبيها عبر العالم.
وتقول الفنانة جبر خاتمة حديثها لـ"شمس نيوز"، "تراثنا لا يقتصر على الأشياء القديمة فقط، بل تراثنا متجدد بشبابه ويجب أن نسعى لإضافة لمساتنا العصرية عليه، فاليوم أطرز على الخشب، وأسعى في المستقبل للتطريز على الزجاج وأطمح لجلب ماكينة بسيطة يتم استخدامها باليد للتطريز على الحديد".