قائمة الموقع

خبر كراج "بامية" في غزة.. حلقة وصل مقطوعة

2017-02-13T11:39:25+02:00

شمس نيوز/ توفيق المصري

تصوير/ حسن الجدي

للعائدين والقادمين، ألقت هوائها بعد رحلة، ومنذ وضع الاحتلال أسلاكه الشائكة بين غزة والبلدان المجاورة، لم تعد تعمل، والتهم الغبار أجزائها.

يكتسى الكراج بثوب الصمت، وخردة الباصات المهترئة التي تملأ المكان، ولم تعد تشرع نوافذ التذاكر أبوابها، وخلا من المصطفين الملهوفين لالتقاط تذكرة رحلة تَجّول لبلدان مجاورة أو للعاصمة القدس، ولا تجد من يجلس خلف مكتب ليحصي الميزانية، حتى المروحة التي ركنت في أحد الزوايا صمتت منذ دهر، ولا تسمع في الاستراحة التي كانت تعج بالزوار سوى صوت الهواء يحتك الحديد بعد أن كان يتشارك فيها المجتمعين قصصهم.

وما إن تطأ قدامك باب كراج باصات "بامية" بميدان فلسطين في مدينة غزة، يتسلل إلى ذهنك "التاريخ الذي مر من هنا"، وبخطوات مليئة بالشغف تدفعك للتجول داخله لمعرفة تفاصيل هذا المكان.

صور محفورة

في جولة اصطحبنا فيها أحد الشاهدين على هذا المكان ليطلعنا على المراحل التاريخية التي عاشها.

الحاج فايز البيطار أبو رامي (64عاماً) الشاهد على هذا الكراج، والذي لم يتم التطرق لتاريخه قبل إعداد هذا التقرير، ويجلس أبو رامي على بابه لبيع الخصار والحلويات منذ (54 عاماً).

يقول أبو رامي، تاريخ الكراج يعود إلى ما قبل عام 1948، بحسب ما سمع عن والده الذي جلس قبله على بوابته.

ويستذكر أبو رامي، خروج باصات المسافرين في عهد المصريين قائلاً: "أعي جيداً أنه كان يخرج من هنا باص في الساعة 7 صباحاً، من غزة للقاهرة، وكان يرجع عصراً من نفس اليوم باصاً آخر من القاهرة لغزة، وكان ينزل الركاب هنا، وكان يضم الكراج مجموعة باصات".

ولم ينس جماليات تلك اللحظات، التي كان يركب فيها أحد الباصات للذهاب لشاطيء غزة، والتي كانت تأخذ ساعات من وقته، وهو يقوم بإنزال الركاب ويقلهم على طول الطريق.

ولا تزال أشكال الباصات محفورة في ذهنه، وهي باصات صناعة مصرية.

ويضيف أبو رامي: "ولم يكن في وقتها باصات أخرى أو شركات أخرى في القطاع، ولم يكن إلا شركة فلسطينية وحيدة ومعتمدة منذ عشرات السنين، ومن عهد المصريين، وأعي ذلك مذ كنت أبلغ من عمري 11 عاماً".

وعن حركة الباصات ومحطاتها، يقول أبو رامي: "من هذا الكراج كانت تخرج الباصات للعريش، ولرفح، وللقاهرة وللقدس وكان ينقل الركاب من شمال القطاع إلى الجنوب وبالعكس، ومن غزة لجباليا ولبيت حانون، وكان يأتي المواطنين للكراج بأغراضهم وبأسلالهم، ومحملين بأكلهم وشربهم".

استراحة تجمع ثقافات

وبالرغم من تغير الزمن، إلا أن أبو رامي يستذكر كل شيء داخل الكراج، من عمال، واستراحة كانت تجمع المواطنين فيها قبل موعد تحرك الباصات، والتي كانت تضم عدة ثقافات منها المقدسية والمصرية والأردنية.

شركة الباصات هي شركة نقل مساهمة فلسطينية وكانت تملك كل خطوط النقل في القطاع، وهي ملكاً لعائلة أبو رمضان ويحمل كراجها اسم "بامية"، على قطعة أرض تتجاوز 3 دونمات مستأجرة من وزارة الاوقاف لأكثر من 99 عاماً.

ويقول أبو رامي، "كانت تقف باصات هذا الكراج في القدس قبل عام 1967، وكان الأردنيين يأتوا لقطاع غزة عن طريق باصات القدس، وذلك حتى انتفاضة عام 1987، والتي بعدها انقطت كل السبل وأغلق الاحتلال كل الطرق".

وقبلها كانت تصل باصات هذا الكراج للخليل والقدس ليصلي المواطنين فيها، وكان يرجع محملاً بأناس من عمان عبر القدس إلى غزة، وفي عهد المصريين كانت تخرج الباصات "ترانزيت" لمصر والقاهرة وكان يرجع محملاً بالمصريين، وكانت أهالي قطاع غزة وقتها تجار شنطة من مصر إلى غزة، بحسب ما يقول أبو رامي.

تذكرة كسرت الحواجز

وظلت باصات هذه الشركة تعمل حتى عام 2000، وبعد أن وضع الاحتلال حواجزه بين المدن الفلسطينية تعطلت وتراجع عملها خاصة بعد التطور وامتلاك المواطنين لوسائل النقل "السيارات".

ولا زال ماثلاً أمامه "فلسطينيي 48 الذين كانوا يدخلوا القطاع، عبر إيرز لغزة، والملتقى في ميدان فلسطين، للزيارات، وكانت هناك معارف ونسب، والاحتلال قطعنا، ويوم وجد الاحتلال الاسرائيلي قطعت صلة غزة بالعالم والمصريين".

في ساعات انتظار كان ينطلق الفلسطينيين من كراج "بامية" إلى القاهرة والقدس، وكانت ترجع الباصات محملةً بثقافات عدة في خط عودتها، وكان الذهاب للبلدان العربية لا يكلف عناء سفر هذه الأيام، ففي تذكرة من داخل الكراج كانت تكسر حواجز البلدان والمناطق التي فرضها الاحتلال الاسرائيلي.













 

اخبار ذات صلة