غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر فقراء في غزة تحولوا لأحياء على ورق!

شمس نيوز/ توفيق المصري

تمسك أم محمد قطعاً من القماش، تحيك بها دموعها، لتنسج قصة مرض زوجها وإعالتها لأطفالها طيلة تلك الفترة، فهي تُطبق مثل "امرأة بألف رجل"، في تحملها وصبرها على أوجاع الحياة.

وتحاول الخمسينية سد رمق جوع أطفالها الثمانية، والتغلب على الأوضاع المعيشية الصعبة لعائلتها، من خلال تعلمها مهنة التطريز والخياطة، وبيع القطع التي حاكتها ببراعتها.

وتطبق أم محمد قاعدة "القرش الأبيض، ينفع في اليوم الأسود"؛ فظروفها أجبرتها على تجفيف البندورة والزيتون، وأن تطحن شجيرات الزعتر التي زرعتها في بيتها، فلا تعلم ماذا يخبئ الغد.

هذه إحدى القصص التي عايشها مراسل "شمس نيوز" لتسليط الضوء على أوضاع الفقراء الصعبة، التي لم ترصدها عدسات الكاميرات، في ظل غياب المسؤولية الاجتماعية.

حين يفتك المرض

وفي مأساة جديدة، حيث يقطن المواطن سليمان مراد (52 عاماً) داخل منزل من جدران مهترئة، وتعتليه ألواح "الزينكو"، التي لا تقي عائلته برد الشتاء خاصة عند هطول الأمطار.

لم يقو المواطن مراد الذي يقطن حي الشيخ رضوان غرب مدينة غزة، على الحديث طويلاً؛ لأمراض أنهشت جسده، منها الاضطراب النفسي منذ عدة سنوات، إضافة إلى إصابته بمرض الغضروف، ومشاكل في القلب ومرض السكر المزمن.

وخلال حديثه ينظر إلى عدة الخياطة التي يأويها في منزله، ليفتح شريط ذكرياته حينما كان يعمل في ذات المجال، منذ بداية انتفاضة الأقصى.

ويتقاضى الخمسيني راتباً من الشؤون الاجتماعية كل ثلاثة شهور، لا يكفي إعالة أسرته، متسائلاً "كيف لألف شيكل أن يعيشوا عائلة كلها مرضى، وليس لهم أي دخل؟".

ولم تحتمل زوجة مراد أوضاعهم الصعبة، الأمر الذي دفعها لطلب الاستغاثة من أي فاعل خير يتكفل لو جزء من أعباء تكاليف العائلة وعلاج زوجها.

وتتحدث الزوجة وقلبها يعتصر ألماً "في كثير من الأوقات، الطعام لا يتوفر في بيتنا، فلم نجد سوى قليل من العدس والزعتر"، مشيرةً إلى عدم توفر غاز الطهي. أولادي كانوا يشعلوا لي الحطب للطهي، لكن حينما أصابتني الأزمة، والضغط المرتفع، بت لا أطيق رائحتها".

ومن معاناة إلى أخرى، فإنها أُصيبت بعدة أمراض أهمها الأزمة والضغط، نتيجة اشعالها للحطب بسبب نقص الغاز، لطهي بعض الطعام المتوفر لديها، وهذا يضاف إلى إصابتها بإعاقة في قدمها نتيجة استهداف طائرات الاحتلال لمنزل بالقرب من بيتها.

وترقد زوجة مراد في فراشها منذ شهر تقريباً، لعدم توفر علاجها الذي يبلغ سعره 300 شيكل، وتحتاج  قرابة 600 شيكل شهرياً لشرائه.

وتناشد الزوجة المؤسسات وأصحاب الضمير الحي، بأن يساهموا في انتشالهم من حالتهم، عبر توفير فرصة "بطالة" لزوجها، ولو في مجال الحراسة.

الجدير ذكره، أن ولدي العائلة يعانون من أمراض نفسية، بعد قصف الاحتلال لمنزل قرب بيتهم خلال عام 2008، الأمر الذي دفعهم للتوجه للمؤسسات والجمعيات الخيرية، ولكن دون مجيب.

وفي نفس العائلة، فإن الابن الأكبر محمد (24عاماً) والأب لـ 4 أطفال، منهم وفاء التي لم يتجاوز عمرها السبعة شهور، فيقضي بها والدها معظم أيامه داخل أروقة مستشفيات القطاع بحثاً عن علاج لها.

وتعاني طفلة السبعة أشهر "وفاء" من إعاقة، ووالدها لا يعمل.

البحث عن المسكن

وفي حكاية أخرى، اجتمعت الآلام داخل منزل أبو مصطفى الرملاي (54 عاماً) في شارع غزة القديم من مخيم جباليا شمال شرق مدينة غزة، يتحدث أبو مصطفى بعفوية وبدت لنا كلماته "كانت وجبة غداؤنا اليوم وليمة" أكبر من ولائم أمراء عصرهم.

ويشرح أبو مصطفى وضعه، "كنت أعمل في إسرائيل عاملاً، وكانت أمورنا مستورة، لكن حالياً لا يوجد عمل حتى للشباب، في ظل ارتفاع نسبة البطالة"، وفق قوله.

وينتظر أبو مصطفى بفارغ الصبر، شك الشؤون الاجتماعية كل ثلاث شهور؛ ليدفع أجرة منزله التي تصل شهرياً لأكثر 500 شيكل.

وتزداد معاناة عائلة أبو مصطفى، نتيجة تنقلهم لأكثر من منزل منذ عام 2008، في عدة مناطق، بحثاً عن إجار قليل، نظراً لعدم قدرتهم على سد اجارات البيوت.

أبو مصطفى الأب لثلاثة شباب، أوسطهم المصاب البالغ من عمره (23 عاماً)، وأكبرهم الذي يعمل في بيع الخضار مقابل 20 شيكلا يومياً، وأصغرهم البالغ من عمره (13 عاماً)، ولم يكمل تعليمه، لظروف العائلة الصعبة.

اصطحبنا أبو مصطفى للغرفة التي يخلد فيها أبنائه للنوم، كان قد عمد على قطع حراماً "مخمل" إلى نصفين؛ ليتسنى له توزيعه بينهم، في ظل عدم توافر حرامات كافية، تقييهم برد الشتاء.

وأكملت الأم سلمى الرملاوي (49 عاماً) لحديث زوجها أبو مصطفى، "بعد استئجارنا منزلاً في جباليا، وبعد شهر، أُخرجنا عنوةً، وتعرض ابني للحادث".

تحملت الأم سلمى عاماً كاملاً بمنزل يخلو من شبكات الماء والكهرباء ومن أدنى مقومات الحياة، من أبواب وشبابيك تقييهم برد الشتاء.

مفاضلة

وتضيف سلمى: "جاءت بعدها الحرب في عام 2014 لتكون لنا رحمة، فخرجنا من المنزل نحو مدارس وكالة الغوث، المجهزة أفضل من منزلنا".

بعد الحرب، انتقلت العائلة لمنزل آخر، كانت لا تزوره الشمس، وبسبب ارتفاع نسبة الرطوبة فيه أصيبت الأم بأزمة في التنفس، ومصاحبة لها.

وكتب الله لام مصطفى أن تتعافى من مرض السرطان الذي أصابها، بعد علاجها بالكيماوي، قبل أكثر من 12 عاماً، وتعاني الأم حالياً من شلل في يدها اليمنى وفي قدمها اليسرى، بعد استئصال ورم منها.

وتمنت ام مصطفى أن تتحسن أحوالهم، وأن تتوفر لزوجها فرصة عمل.