بقلم / حمزة حماد
إن شعور الشباب بالمسؤولية والواجب الوطني مفهوم عظيم يحتاج إلى تكريس وتعزيز بشكل كبير جداً، خاصة أننا نعيش حالة فلسطينية صعبة، وثقافة منبوذة من قبل الغيور على وطنه، حيث تحتاج إلى كل الجهود المخلصة في بناء هذا الجيل المقهور، الذي تعرض لظلم شديد نتيجة الممارسات اللأخلاقية من قبل أطراف المحاصصة الثنائية أطراف الانقسام.
مررت على دراسة قيمة بعنوان "متطلبات النهوض بحالة حقوق الشباب الفلسطيني"، وكان قطاع غزة نموذج لهذه الدراسة، حيث أدرج من خلالها واقع البيئة التي يعيشها الشباب من ناحية سياسية واجتماعية واقتصادية، ومن جانب أخر أبرز الملامح لشريحة الشباب، وصولاً لحقوق الشباب في المواثيق الدولية والتشريعات المحلية.
وكم هو فاضح تهميش الدور الشبابي من خلال إدراج العقبات التي تواجههم، باعتبارهم السلاح الأقوى في بناء الوطن، ومواجهة محتله، والأقدر على التأثير، كما أن كانت المطامع الخاصة هي الهدف الأسمى عند أصحاب القرار الفلسطيني، والذي يدعونه بأنه مستقل، وهنا لا أريد انحاز إلى طرف دون الأخر، لأنه كلاهما يتلاعب على آهات وألام شعبنا، ولا سيما منهم الشباب بالتحديد، كونهم الفئة الأكبر بالمجتمع والأكثر تضرراً.
وعلى غرار ذلك إن إدارة الأزمة بين أطراف الانقسام فتح وحماس، وصعود تيار فتح دحلان على الساحة، وإعلان مؤتمرات متعددة بالقاهرة "مؤتمر الشباب"، والاهتمام الواضح لهذه الخطوة هو بالاتجاه الصحيح، ويحتاج إلى تكريس بالشكل الإيجابي الذي يخدم تطلعات الشباب، الذين يعتبروا عماد الوطن وبناة المستقبل، بعد عن نظرة الفكرة الواحدة أي أن إيجابية طرف تعني تفضيله وإنما اتقاء عمله والإشادة به، ولكن ليس على قاعدة الانقسام، والانقسام الحزبي أو الوطني، بل المراد على قاعدة التوافق، والنظر إلى تجليات المرحلة المعاشة فلسطينيا أو عربيا، من أجل الشراكة الحقيقية للشباب في صنع القرار الوطني، والقدرة على تحقيق الهدف المنشود، باعتبار أن الشباب هم وقود الثورة والشريحة الأكثر فاعلية وتأثيراً في المجتمعات. وعلى ذلك يمكن أن نعتبر هذا كنزاً تنموياً حقيقياً إذا أحسن تأهيله واستخدامه جيداً، كي يكون رصيداً وطنياً للشباب، ليتمكن من رسم ملامح مستقبله إيجابياً، بدلاً من حالة التهميش التي نراها اليوم من قبل الكل الفلسطيني.
علماً بأن بعض الإحصائيات تؤكد أن الشباب يشكل نسبة هائلة بالمجتمع الفلسطيني تصل إلى حوالي 45 % من عدد السكان، وبغض النظر عن التعريفات الخاصة بالشباب فيما يتعلق بالعمر أو الفترة الزمنية المحددة، حيث تقدر الأمم المتحدة سن الشباب ما بين 18 – 24 ،ويحدد جهاز الإحصاء الفلسطيني السن ما بين 18 – 29 ،آما تحدد بعض المنظمات الأهلية العاملة بالمجال الشبابي السن ما بين 18 – 34 عام، نقول بغض النظر عن تلك التعريفات إلا أن الشباب يتمايزون بالدينامكية والمثابرة والتطلع إلى المستقبل، عبر تبوء مراكز قيادية بالمجتمع على المستويات المؤسسات والوظيفية والسياسية والنقابية والاجتماعية المختلفة.
وتميزت الحركة الطلابية في فلسطين بوصفها جزءً حيوياً من قطاع الشباب بروح المبادرة، والانتماء للمسيرة الوطنية، واكتساب التجربة، والخبرة بالعمل النقابي والاجتماعي، أما طبعت التجربة الطلابية الفلسطينية وخاصة في قترة الثمانينات بطابعها الديمقراطي من خلال الانتخابات الدورية التي كانت تحدث لمجالس الطلبة والنقاشات الهادفة لاغناء الفكر على المستوى الثقافي والسياسي نتيجة تغلغل القوى السياسية بين أوساط الحركة الطلابية.
بهذا لقد لومنا الكثير والكثير من الأطراف، لكن عامل الخذلان وفقدان الثقة التي يعيشها الشباب كانت أهم الأسباب التي كرست من المفاهيم الخاطئة، والتي لا يمكن من خلالها خلق حالة فلسطينية جديدة، تعبر عن مفاهيم وطنية صحيحة، والتي غيبت بفعل الأزمات والانقسام السياسي. كما أن دور الشباب بالواقع السياسي الفلسطيني يشكل مكاناً هاماً في حالة التغيير والاستعصاء السياسي، الذي بات يشكل خطراً على القضية الفلسطينية برمتها، واستحضاراً لأهم القضايا التي يجب أن يبرز بها الشباب هي إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب بوضوح انحيازه الكامل لدولة الاحتلال، وأنه ضد حل الدولتين الذي ينتهك من خلاله الحق الفلسطيني في الحصول على دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران حسب المواثيق الدولية، وهذا الخطاب يعكس عن الفكر السياسي الذي يتبناه بمواقف غير أخلاقية واضحة.
حيث الردود السياسة يجب أن تتمثل بوضع خطة فعلية لدى الشباب بالمرحلة المقبلة، والتي تبدأ بفتح حوار وطني فلسطيني شامل لدى الشباب بعيداً عن الفئوية لتحمل مسؤولياته السياسية، وتبنى منهجية وطنية شاملة في الوطن والشتات، ووضع آليات للتحرك لإنهاء الانقسام أو إنهاء إدارة الأزمة بين غزة ورام الله على أسس وطنية شاملة، كما أن الخطاب الإعلامي والسياسي الفلسطيني يتغير بتغيير الحالة الفلسطينية والواقع المتاح فلسطينيا ليرقى إلى مستوى الأزمة الفلسطينية.
إن الدور الطليعي للشباب لا يمكن قتله بفعل المنعطفات التي طعنت وحدتنا الفلسطينية، والتي كانت مبنية على أسس وطنية سليمة، مُصرين من خلالها تحقيق الهدف الموحد، وهنا يمكن التأكيد على أن واقع الشباب يشكل عقبة كبيرة في ممارسة دورهم الوطني، لكن يبقى الشاب الفلسطيني محل الأمل والازدهار استناداً لمواقف تاريخية، من خلال إيمان الشباب نفسه بأنه أساس الحل في مواجهة التحديات التي تواجه مجتمعنا الفلسطيني.
وعودة على طرق عقد مؤتمرات الشباب ومثال بسيط رؤية الخصم السياسي للرئيس الفلسطيني محمد دحلان، يخرج بضع عشرات من الشباب من غزة إلى سواحل مصر لمناقشة قضايا ذات قيمة جوهرية هو محل تقدير تلم للأعمار والحالة الداخلية لقرابة نصف مليون شاب وشابة فلسطيني في غزة، وأن الطاقم الذي يدير الملفات لدى السيد دحلان يبدو أنه لا يحتاج إلى نصح أو تقويم بقدر ما هو محل نظر واسع لهذا العمل مهما كان النظر يؤدي إلى رؤية خصومة سياسية بجلاء.
يبقى سؤال الكثيرين الأملين بحياة أفضل، متى سيكون هناك خطة إستراتيجية وطنية حقيقية تخدم الشباب المكبل بقضاياكم الثنائية، أليس من حقنا أن نسال أين نحن ذاهبون، لقد هدرت أعمارنا.