شمس نيوز/تمام محسن
على مدى عقود، كانت فكرة" حل الدولتين"، ركيزة أي عملية "تسوية سلمية" في الشرق الأوسط التي سعى للتوصل إليها كل الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين منذ ربع قرن ونيف.
وفي تحول واضح في نهج الولايات المتحدة المتبعة منذ فترة طويلة، أعلن الرئيس دونالد ترامب، الأربعاء، خلال مؤتمر صحافي عقده مع رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، عدم تمسكه بخيار "حل الدولتين"، وقال "أؤيد الحل الذي يوافق عليه الجانبان".
ورغم أن جملة ترامب بدت عارية عن أي تفاصيل، لكنها حملت مخاوف كبيرة إلى الفلسطينيين، حيث ندد صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في حديث للصحافيين، بـ"محاولات حثيثة وواضحة من الإسرائيليين لدفن حل الدولتين وإلغاء فكرة إقامة دولة فلسطين وفق حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية من خلال الامتلاءات وتوسيع الاستيطان".
وأوضح عريقات، أن "البديل الوحيد لحل الدولتين هو دولة ديمقراطية واحدة وحقوق متساوية للجميع، للمسيحيين والمسلمين واليهود".
من جهته، اعتبر فوزي برهوم، الناطق باسم حماس، أن الموقف الأميركي "تأكيد على أن ما يسمى بعملية السلام هو وهم (…) يحتاج إلى إعادة تقييم كل المسار السياسي للقضية الفلسطينية”، وهو ما يؤكد عليه خبراء ومتابعون مشيرين إلى قضية "السلام" في الشرق الأوسط بقيت تراوح مكانها منذ تجميد المفاوضات قبل ثلاث سنوات، في وضع المستفيد الوحيد منه هو الإسرائيليون.
ويرى كثير من المراقبين التريث وعدم البناء على هذه التصريحات والانتظار إلى أن تصبح فعلا قرارا رسميا من الإدارة الأميركية، خاصة وأن ترامب هو من الشخصيات التي تميل إلى الارتجال والمفاجآت غير المتوقعة في الكثير من القضايا.
اغتيال حل الدولتين
الأمر الذي لا يتفق معه، الكاتب عبد الناصر النجار، حيث قال" حسم ترامب حل الدولتين الذي غرقنا فيه منذ ما يقارب الأربعة عقود(...) السياسة الترامبية ليست وليدة اللحظة، ولا هي نابعة من جهل، وعدم معرفة، وإنما مخطط لها بذكاء من صانعي السياسات الأميركية، وهي سياسة طويلة الأمد ستستمر ما دام ترامب يمسك زمام الأمور وما دامت النخبة اليمينية الصهيونية هي من يقرر".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "الأيام "المحلية، ": من الواضح اليوم أن ترامب يرى الحل كصفقة تجارية، يتفاوض فيها الطرفان غير المتكافئين(...) إسرائيل القوية التي تملك الأوراق كلها، والفلسطينيون الضعفاء الذين لا يملكون إلاّ قبول الأمر الواقع(...) أو لا شيء".
فيما اعتبر الكاتب والمحلل، إبراهيم أبراش، أن تصريحات ترامب لم تقطع الطريق بشكل نهائي على حل الدولتين.
وأوضح في حديث لـ"شمس نيوز": أن " ترامب لا يتخلى نهائيا عن حل الدولتين ولكن يعيد صياغته، من حيث شروط قيام الدولة الفلسطينية والأمن وحدود الدولة او توقيت قيامها (..) ترامب لا يمكنه إلا طرح مشروع تسوية لا يمكن والكل يترقب البديل الذي سيطرحه في الفترة القادمة ".
وكانت اللجنة الرباعية الدولية، قد طرحت على الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، عام 2003، خارطة طريق تنص على قيام دولة فلسطينية على حدود حزيران 1967 إلى جانب "إسرائيل"، ولذلك سمي بمبدأ "حل الدولتين".
ماذا في جعبة ترامب بديلا عن حل الدولتين؟
قال أبراش" التخوف من التوافق في الرؤية بين ترامب ونتنياهو على الحل الإقليمي أي تأجيل حل القضية الفلسطينية والبحث عن تسوية في إطار علاقات جديدة ما بين الدول العربية وإسرائيل وبالتالي تصبح القضية الفلسطينية مجرد قضية في إطار إقليمي أكثر شمولية يشكل قضايا الإرهاب وإيران والتطبيع مع إسرائيل".
وأضاف: أنه ربما يتبنى ترامب الحل الاقتصادي الذي طرحه نتنياهو من قبل، والقاضي بالتعامل مع القضية الفلسطينية كمسألة اقتصادية وبالتالي تقديم تسهيلات للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، وحل القضايا الحياتية اليومية بعيدا عن الحلول السياسية.
وحول الخيارات الفلسطينية المطرحة الآن، أوضح أنه "في حال كان هناك توجه جاد من ترامب نحو تجاهل القضية الفلسطينية، هذا يتطلب من الفلسطينيين وضع استراتيجية وطنية جديدة تكون متحررة من اتفاقات أوسلو والتسوية الأمريكية، وذلك في إطار المصالحة الوطنية وتفعيل منظمة التحرير وخلق حالة شعبية في مواجهة المستوطنين".
سواء أكان ترامب عازما على المضي قدما بشأن رؤيته تجاه "السلام" في الشرق الأوسط أم لا، ستجد القيادة الفلسطينية نفسها مضطرة للبحث عن مخرج جديد بديلا عن "حل الدولتين".