شمس نيوزإسلام قاسم
واحد وخمسين يوما من الحرب شنتها اسرائيل علي قطاع غزة سمتها بـ"الجرف الصامد", استخدمت فيها أفتك أسلحتها, ألاف من الصواريخ أطلقتها طائراتها صوب المدنيين العزل ومنازلهم, أبادت بها الشجر والبشر, ومع كل يوم من ايام الحرب كان الجيش الاسرائيلي يصعد من هجماته ضد المدنيين, فقتل المئات وجرح الألاف وشرد عائلات بأكملها من سكان القطاع.
وما يميز هذه الحرب هو الاستهداف المباشر للمنازل و الأبراج السكنية بشكل مكثف ,ومع كل استهداف يصبح المواطن الغزي بلا مأوى, فيزداد الطلب على الشقق السكنية ، ليتم استغلال المواطنين من بعض أصحاب المنازل والعقارات السكنية, برفع أسعار الشقق بشكل خيالي , ومع قلة الشقق السكنية يضطر المواطنون للاستئجار لإيواء عائلاتهم, خاصة كبار السن والمرضى والأطفال.
عجبٌ عجاب!
أبو ياسر دبابش قُصِف منزله في مدينة غزة يتحدث لـ"شمس نيوز" بعدما تم استهداف منزل العائلة في اليوم الخامس عشر من الحرب, لجئنا لمدارس الأونروا التي كانت ممتلئة بالنازحين وكانت الفوضى عارمة ,ولم نستطع التأقلم مع الوضع نظرا لتدني مستوى الخدمات و أنتشار الامراض ومعي ولدتي كبيرة في السن, مما أجبرني للبحث عن بيت للإيجار, وهنا رأيت "عجبٌ عجاب" ارتفاع في أسعار الشقق بشكل مهول , كان سعر الشقة المتوسط 200 دولار أما الأن فقد ارتفع ما بين 500-600 دولار وهو مبلغ لا نقدر على دفعه.
ويتابع "دبابش" ومع غلاء الأسعار وقلة الشقق السكنية وقلة العمل اضطررنا لتأجر حواصل والعيش فيها مع عائلتي وبسعر مرتفع 200 دولار شهريا, مضيفا : بيوتنا هُدمت وهُجِّرنا من مساكننا, "والناس مش رحمانا ما في حد بحس فينا وين النخوة؟! , وين الحكومة؟! لماذا لا تتابعهم أو تحاسبهم؟!.
فاعل خير
المواطن "أبو عمر الطويل" يتحدث لـ"شمس نيوز" وهو أحد سكان حي الشجاعية, يروي تفاصيل مأساته مع المستأجرين, ويقول : خرجنا من منزلنا من شدة القصف وتوجهنا لمدارس الأونروا, وهنا بدأت الحكاية لم تطاق الحياة في المدارس لا نظافة ولا خدمات وفوضى كبيرة.
ويضيف : قررنا البحث عن شقة للإيجار حتى وصلنا إلى احدى الشقق وإذا بصاحبها يطلب 500 دولار في الشهر, على أن يتم إخلائها أيام الهدنة فرفضنا العرض, وتوجهنا لمنطقة تل الهواء فوجدنا شقة صغير لا تتجاوز 50 مترا وبثمن 350 دولار! .
ويتابع " أبو عمر" : وصلنا لقناعة بأننا لا نستطيع تأجر شقة في الوقت الراهن, نظرا للأحوال المادية الصعبة ونحن اليوم نعيش من بيت لبيت, " يوم عند أقاربنا ويوم عند أصحابنا, حتى اتصل بنا "فاعل خير" ووفر لنا شقة نسكن بها حتى انتهاء الحرب والعودة لتعمير بيتنا.
ويشير "أبو عمر" إلى أن أغلب الذين قُصفت منازلهم ونزحوا من أماكن سكناهم هم من أصحاب الدخل المحدود والفقراء, متسائلاً : لماذا كل هذا التعسير واستغلال حاجة الناس..؟".
دور وزارة الداخلية
بدوره, أوضح إياد البزم المتحدث باسم وزارة الداخلية أنه في ظل حالة النزوح الكبيرة من المناطق الحدودية جراء تدمير عدد كبيرة من المنازل, أصبح هناك ما يقارب من نصف مليون مشرد في مناطق قطاع غزة, وبالتالي أصبح هناك ضغط كبير في موضوع استجار الشقق السكنية ,من أجل توفير أماكن لإيواء المواطنين, مما جعل بعض "مرضى النفوس" يحاولون استغلال حاجة الناس في هذه الظروف الصعبة ويضاعف سعر الشقق السكنية.
وأكد البزم لـ"شمس نيوز" أن جهاز الشرطة ووزارة الداخلية بغزة تابعت هذا الامر خلال فترة الحرب, وحاولت السيطرة على هذه الحالة إلى حد كبير, من خلال تواصل المواطنين بالوزارة عبر الارقام المجانية , لنتوجه إلى أي شكوى لضبط هذه الحالة ومحاسبة المسؤولين عن استغلال المواطنين, بالإضافة إلى مساعدة بعض العائلات في أيجاد شقق سكنية.
وأضاف : للأسف كانت هذه الحالة متواجدة, جراء النقص الكبير في عدد الشقق في ظل العدد الكبير من النازحين ,مؤكداً أن هذه الحالة لم تكن بشكل موسع ولكنها اقتصرت على بعض أصحاب الشقق.
حرمة الاستغلال
من جانبه, أكد الشيخ عمر فورة أن الجهاد ليس بالسلاح فقط , فعندما يأوي الإنسان اخوته اللاجئين الذين دمرت بيوتهم وقصفت منازلهم علي رؤوسهم, فانه يجاهد في سبيل الله ,والله تعالى ربط الجهاد في القران الكريم بثمانية مواضع وقدم المال على النفس.
وأوضح فورة لـ"شمس نيوز" أن الاحتكار وغلاء الاسعار واستغلال حاجة الناس هو حرام شرعا , مستشهدا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل محتكر خاطئ".
وأضاف : أما من يطلب مالا مقدما فهو اشتباه في وضع المال , وهو بذلك يشن حربا جديدة على الناس, مستدركاً بالقول :أما كل انسان يخفف عن الناس ثمن الإيجار ويؤويهم فله أجر عظيم, وبذلك يكون قد نال رضى الله والمسلمين.