شمس نيوز / عبدالله عبيد
بدأت علامات القلق واليأس تسيطر على وجه المواطنة "أم يوسف جبر"، من منطقة البريج وسط قطاع غزة، وهي تنظر إلى طفليها يوسف (11عاما)، ومحمد (8 أعوام) المصابين بمرض التليف الكيسي، وهم ممددين على أسرتهم ينتظرون العلاج المتعذر الحصول عليهم منذ أشهر عدة.
تواجه أم يوسف صعوبات في الحصول على الأدوية الخاصة بطفليها في الوقت الحالي، وتقول في حديث لمراسل "شمس نيوز"، "كثيرا ما تنقطع الأدوية عنا، خصوصاً وأن الأدوية نحصل عليها من خلال مركز أصدقاء مرضى التليف الكيسي. أقف عاجزة أمام صراع أبنائي مع المرض".
والتليف الكيسي مرض وراثي يصيب الغدد الدرقية والمخاطية وغالبًا ما يصيب الرئتين والبنكرياس والكبد والأمعاء والجيوب والأعضاء التناسلية، وتؤدي الإصابة إلى جعل المخاط ثخينًا لزجًا يسد الرئتين مسببًا مشاكل تنفسية ويخلق بيئة مواتية لنمو الجراثيم، وذلك من شأنه أن يتسبب بالمزيد من المشاكل مثل التهابات الرئتين المتكرر وتلفها.
وتتفاوت أعراض الإصابة وشدتها من شخص لآخر بحيث يعاني بعض المرضى من مشاكل خطيرة في التنفس، ويعرف المرض "بضعف النمو وفقدان الوزن" أو "المرض القاتل."
على قائمة الموتى
يختلف حال السيدة أم سليم سلامة من بيت لاهيا عن سابقتها، التي اعتادت على اصطحاب ابنها سليم (12 عاماً) المصاب بمرض التليف الكيسي إلى مركز أصدقاء مرضى التليف الكيسي بحي النصر بمدينة غزة لمتابعة علاجه.
وتضيف أم سليم لـ"شمس نيوز"، أن ابنها سليم بحاجة إلى عشرات الأنواع من الأدوية التي تبقيه على قيد الحياة، لافتة إلى أنه يتناول بشكل يومي 25 من كبسولات الكوريون 1000.
وأشارت إلى أن نجلها بحاجة إلى العلاج خارج القطاع، مستدركة "توجهنا إلى وزارة الصحة والأطباء دون أي جدوى، لأنهم يتعاملون مع مرضى التليف الكيسي على أنهم أموات".
ويحتاج المصابون بهذا المرض إلى تناول نحو عشر وجبات من الطعام إلى جانب أنواع من الفيتامينات وأنواع من الأدوية لتسهيل عملية الهضم.
317 حالة مرضية
وفي قطاع غزة يعاني 317 مريض مصاب بالتليف الكيسي، جراء الحصار الإسرائيلي، والوضع الاقتصادي المتردي في ظل إغلاق المعابر؛ الأمر الذي أدى إلى انقطاع الأدوية الخاصة لهم، بحسب مدير مركز أصدقاء مرضى التليف الكيسي، أشرف الشنطي.
وأكد الشنطي وهو عضو اتحاد عالمي للتليف الكيسي، خلال حديثه لـ"شمس نيوز" أن مرضى التليف الكيسي قطاع غزة يعانون من الموت البطيء في ظل غياب الرعاية الصحية وعدم تقديم العلاج اللازم في المستشفيات، ما يشكل خطرا حقيقيا يهدد حياتهم.
وقال إن عدم توفير العلاج اللازم لهؤلاء المرضى قد يؤدي إلى وفاتهم في نهاية المطاف، خصوصاً وأن مركز أصدقاء التليف الكيسي بحاجة إلى أدوية لتوفيرها للمرضى"، مشيراً إلى أن الأطباء في مستشفيات غزة يتعاملون مع مرضى التليف الكيسي على أنهم في "عداد الموتى"، على حد وصفه.
ويشكو الشنطي وهو أب لثلاثة أطفال مصابين بالتليف الكيسي، محمد وائل الذي توفى بعد 4 أشهر من ولادته بسبب المرض ومحمد البالغ من العمر 12 عام ومصطفى 11 عاماً، من عدم توفير أدوية خاصة بهذا المرض منذ أشهر عديدة "فأدوية الفيتامينات والأنزيمات والمضادات الحيوية غير متوفرة لدينا منذ أكثر من ستة أشهر".
ونوه إلى أن غياب هذه الأدوية ألجأ المرضى إلى المستشفيات وازدياد حالتهم سوءًا أكثر من السابق، "وقد يؤدي إلى وفاتهم في نهاية المطاف لأن اعتمادهم بشكل أساسي على الأدوية".
ويضيف " الأطباء يصفون العلاج والادوية للمرضى لكنهم لم يتابعوا حالته"، موضحاً أن أدوية (الإنزيمات والفيتامينات والمضادات الحيوية) غير متوفرة نهائياً لدى المركز الذي يديره.
ولفت إلى أن المرضى يعانون أيضا جراء انقطاع التيار الكهربائي لعدم حصولهم على تبخيرة التي هم بحاجة إليها ثلاث مرات يوميا؛ لتنظيف الرئة من البلغم اللزج.
مراكز متخصصة
وذكر مدير مركز أصدقاء مرضى التليف الكيسي أن مرض التليف الكيسي بحاجة إلى مراكز متخصصة " لأنه بعد فترة يحتاج مريض التليف الكيسي إلى زراعة الكبد أو الرئة، وهذا غير متواجد في غزة"، مشيرا إلى أن تكلفة زراعة الرئة والكبد عالية جداً تتراوح ما بين 50 ألف إلى 65 آلف دولار.
وناشد الشنطي، رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الحكومة رامي الحمد الله ووزير الصحة جواد عواد والمؤسسات المختصة بتوفير الدعم اللازم للمركز وتوفير الأدوية لمرضى التليف الكيسي، لأنهم يعدون من ذوي الاحتياجات الخاصة حسب تقرير الصحة العالمية.
وينتظر العشرات من مرضى التليف الكيسي السفر للعلاج وتوفير الأدوية لتبقيهم على قيد الحياة، إذ توفى عام 2006 سبع حالات بسبب اشتداد الحصار على قطاع غزة،وأربع حالات اخرى بسبب نقص الرعاية وقلة الأدوية في العام 2008.