قائمة الموقع

خبر هل يمكن أن يبقى هذا الانقسام إلى الأبد!

2017-03-13T07:17:07+02:00

المقال يعبر عن رآى كاتبه

بقلم / د.عاطف أبو سيف

ليس المرء بحاجة للكثير من الذكاء حتى يدرك أن حكومة الوفاق باتت في مهب الريح، كما يمكن الفهم من الكثير من التصريحات التي تشير إلى حقيقة مؤكدة أن الأمر بات مقضياً.

كأننا لسنا بحاجة لحكومة من الأساس، قد يبدو هذا صحيحاً لأن وجود شيء اسمه "حكومة وفاق" لا يستقيم مع وجود الانقسام، فهما ضدان لا يلتقيان حيث لا يمكن أن يظل الانقسام موجوداً في ظل حكومة وفاق.

وعليه لم يكن ثمة حكومة وفاق ولا ما يحزنون، كل ما في الأمر أن الترتيبات التي نجمت عن اتفاق الشاطئ لم يعد لها حاجة بعد أن تم تجريبها.

بالطبع قد ينطلق ماراثون جديد للبحث عن صيغ جديدة، على أحدهم أن يقول إنها لن تكون أكثر نفعاً ولا أنجح من سابقاتها لأنها لا تبحث في العمق، بل تنظر في القشور.

صحيح أن ثمة عمقا كبيرا تحت السطح لكن حتى السطح بحاجة لمعالجات أكثر عمقاً.

دون ذلك فإن المجازفات ستظل تحمل ما تبقى من الشيء الذي ندعوه "وطنا" على بساط ريح لا نعرف أين يذهب بنا أو متى نسقط منه دون رحمة؛ لأن جعبة الأخطاء لم تعد تحتمل، ولأننا لم نعد نقدر أن نتحمل أكثر من ذلك، أو كأنه ليس من المسموح لنا أن نخطئ بعد ذلك.

الخلاصة أن ثمة لحظة علينا أن نقول فيها الحقيقة: حكومة الوفاق لم يعد ثمة حاجة لها.

بيد أن مثل هذا القول قد يبدو مخادعاً، إذ إنه يقترح أنها لم تكن تحتضر منذ البداية، فالحكومة التي ولدت نتيجة توافق بين التنظيمين الكبيرين، توافق مشوه كما يجب الاعتراف لم يحل أياً من المشاكل الحقيقية بينهما، لم تجهز على الانقسام ولم تحقق الوحدة ولم ترأب الصدع.

بعبارة أخرى كانت شكلاً آخر من أشكال الانقسام وتمظهراً جلياً من تمظهراته العديدة.

لم يكن هناك ما يبشر بعد اتفاق الشاطئ غير الابتسامات وهزات اليد "الحميمة" والعناقات "الحارة" التي كان المواطن آخر من سيصدقها، غير ذلك لم يكن ثمة ما يدعو للتفاؤل.

وحتى في أحسن الأحوال فإن "التشاؤل" بكلمة إميل حبيبي كانت الكلمة الأخف وطئاً.

بدا أن اتفاق الشاطئ شكلي، وأن الحكومة التي تشكلت بموافقة الطرفين ليست إلا إدارة جديدة للانقسام وتوزيعا آخر للنفوذ.

هل كان ثمة حكومة وفاق قبل ذلك؟ بكلمة أخرى هل فعلاً كان هناك حكومة فلسطينية واحدة تحكم الضفة الغربية وقطاع غزة.

طبعاً كلمة "تحكم" مخادعة أيضاً، لأننا كيان تحت الاحتلال سواء كنا في الضفة الغربية والقدس أو غزة رغم إعادة تموضع الجيش الإسرائيلي لقواته خارجها.

ولكن لتجاوز ذلك: هل فعلاً هناك حكومة تدير حياة الناس في الجغرافيا الافتراضية. أي مواطن سيجيب بـ"لا" كبيرة حيث إن الحكومة مثلاً لم يكن لها أي علاقة بقطاع غزة ولم يتم تمكينها في القطاع، ولم تمارس أياً من مهامها الحقيقية فيه.

بالطبع حين يقوم الاتفاق المؤسس لعمل الحكومة بترحيل كل القضايا العالقة خاصة معالجة ملف الأجهزة الأمنية في غزة والموظفين فهو ينزع من الحكومة دسم الحكم.

فأساس الحكم هو السيطرة والسيادة، وحين لا يكون الأمن بيد الحكومة فهي أيضاً لا تجبي ضرائب ولا تمارس أي سلطة.

وحين يظل ملف الموظفين عالقاً فإن جهازها الإداري في غزة في واد وهي في آخر.

إلى جانب ذلك فإن الشعور كان طوال الوقت أن ثمة حكومة ظل أو حكومة سرية تحكم القطاع، وكانت علاقة وزراء حكومة الحمد لله في غزة مجرد زيارات موسمية وتم التعامل مع غزة كأنها محافظة أخرى من محافظات الوطن وليست أحد جناحي الجزء المتاح لنا منه - لم يكن متاحاً بشكل كامل مع الاعتذار لشاعرنا الكبير أحمد دحبور.

كان المطلوب ربما التريث قليلاً حتى يتم التوصل إلى حلول أعمق للمشاكل العالقة، لأن الأخطاء لا تذهب بل تختبئ، تنتظر لحظة الإعلان نفسها. وبمراجعة فترة عمل حكومة الوفاق فإن قائمة طويلة من الأخطاء تنتظر، أخطاء ليست في الممارسة والتنفيذ، وهذه كثيرة، بل أيضاً في المفاهيم الفاعلة في العقل التوافقي إن وجد مثل هذا العقل.

سنعود مرة أخرى إلى الجدال والصراع وتحميل المسؤوليات، دون أن يغير هذا في حقيقة الأمر شيئاً.

لم يكن المطلوب أكثر من بعض الوقت، وبعض الصدق وبعض الجرأة. هل يمكن أن يبقى هذا الانقسام إلى الأبد! إذا كان هناك من لا يرى مستقبلاً لغزة إلا عبر الانقسام، وإذا كان هناك من يراهن على أن الوضع الحالي يمكن له أن يدوم ويدوم، وإذا كان هناك من لا يخاف من المستقبل المجهول الذي ينتظر البلاد، فإن الغد لن يكون وفق هواه؛ لأن المصير المجهول لن يكون هو أو حتى نحن من يحدده، بل إن أعداء الشعب الفلسطيني وإسرائيل من يحدده، وقتها سيجد نفسه أيضاً الخاسر. معادلة الكل فيها خاسر.

نحن بحاجة لحكومة تحكم، حكومة تمارس مهامها بشكل لائق، حكومة قادرة على أن تكون عتبة حقيقية نحو إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة، وليست لبنة أخرى من لبناته. 

بعد أشهر قليلة سيمر عقد على انقلاب حماس الذي قاد إلى هذا الانقسام، وسنسجل أننا عاجزون عن التقدم خطوة واحدة إلى الأمام، عن أن نزيل البقعة السوداء من تاريخنا، عن إدارة حياتنا. ماذا تبقى لنا؟ ليس الكثير لأننا نبرح مكاننا، ونعشق الغوص في الأزمات، وفي مرات كثيرة نبحث عنها، بدلاً من إيجاد الحلول.

والحل لن يكون أكثر من حكومة وحدة وطنية حقيقية قادرة على أن تكون حكومة الجميع، لكنها تحكم وتسيطر على كل قطاعات الحكم وأدواته، يشمل هذا إيجاد حلول حقيقية وليس الوقوف على القشور.

اخبار ذات صلة