شمس نيوز/تمام محسن
قبل أن يشارف العام على نهايته، تتجه باريس نحو عقد مؤتمر دولي ثان للسلام في الشرق الأوسط، لاستكمال الجهود التي تم التوصل لها في المؤتمر السابق المنعقد في أواسط يناير الماضي.
وكان المشاركون في "مؤتمر باريس الدولي للسلام" أكدوا على ضرورة حل الدولتين لإنهاء النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، محذرين الجانبين من اتخاذ أي "خطوات أحادية الجانب" تستبق نتيجة مفاوضات قضايا الوضع النهائي، ومنها القدس والحدود والأمن واللاجئين.
ويتزامن الحديث حول الدعوة الفرنسية مع بداية تحركات الإدارة الأمريكية الجديدة في المنطقة؛ لبحث تسوية للصراع الذي طال أمده.
لكن الفلسطينيين تساورهم الشكوك إزاء التحول في سياسة واشنطن التي تنتهجها منذ عقود في إدارة الصراع، خاصة بعد أن ألمح دونالد ترامب في فبراير/ شباط بتخليه عن حل الدولتين.
استعادة ادوار
وفي هذا السياق، يرى عثمان عثمان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح، أن الدعوة الفرنسية تهدف لإعطاء زخم في اتجاه إيجاد حل للقضية الفلسطينية في ظل غياب دور فاعل لواشنطن.
وقال عثمان، إن "غياب التنسيق مع الولايات المتحدة من أجل عقد مؤتمر من هذا النوع هو إقرار ضمني أن سياسية أمريكا لن تجلب السلام إلى المنطقة".
وأشار إلى، أن أمريكا أكدت في أكثر من موقف أنها ستقف إلى جانب "إسرائيل"، ما يعني أن كل قرارات الاتحاد الأوروبي الصادرة بحق "إسرائيل" ستضرب في عرض الحائط.
وفسر عثمان التحركات الفرنسية، بمحاولة باريس استعادة أدوراها التاريخية وممارسة نفوذها في الشرق الأوسط .
وقال: "في حال لم يتحرك الغرب متمثلا بأوروبا وواشنطن فإن الأطراف المعتدلة بالمنطقة التي تمثلها السلطة ودولا عربية أخرى، سيتراجع دورها وهذا ربما سيعزز من دور الأطراف المتشددة لتأخذ موقعها في بحث القضية الفلسطينية".
استهلاك للوقت
لكن عثمان يستبعد أن يأتي المؤتمر بنتائج جديدة على الأرض، مضيفا أنه سيؤكد على قرارات المؤتمر الأول ويتخذ مواقف مناهضة للاستيطان وانتهاك قرارات الشرعية الدولية والتأكيد على خيار حل الدولتين.
فيما يرى أشرف الغليط، الخبير في العلاقات الدولية، أن عقدا مؤتمر ثان للسلام هو "استهلاك للوقت"، قائلا إن "إسرائيل سترفض المشاركة كدأبها في التنصل من كل المؤتمرات الأطروحات التي تفرض عليه لإنهاء الاحتلال".
ويتفق مع سابقه في أن أوروبا تريد استعادة أمجادها في الشرق الأوسط وفرض نفسه بقوة على الساحة الدولية وكسر الاحتكار الأمريكي، لكنه يختلف مع المحلل عثمان بالتشكيك في نجاح المحاولة الأوروبية على الساحة الفلسطينية بشكل خاص.
وأوضح بالقول:" في اتجاه حل القضية الفلسطينية لا يمكن لأي دولة أن تؤثر على إسرائيل إلا إذا أعلنت تلك الدول في كافة المحافل الدولية والاعلان الصريح أن إسرائيل دولة احتلال".
فيما قلل ناجي شراب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر، من أهمية الدعوة في ظل احتكار الإدارة الأمريكية الجديدة لأي تطورات سياسية في المنطقة، مشيرا أنها "مجرد دعوة رمزية" تسعى للفت الانتباه إلى القضية الفلسطينية فقط.
وفي حال انعقاده، كما يرى شراب، فلن يخرج عن كونه "لقاء تشاوري" يضم عددا من وزراء الخارجية، وسيفضي إلى صدور بيان يؤكد على ما جاء في المؤتمر الأول بدون صفة إلزامية.
اليمين الفرنسي
ومع اقتراب انعقاد الانتخابات الرئاسية الفرنسية في نيسان المقبل، واحتمال وصول اليمين المتطرف إلى قصر "الاليزيه" بزعامة مارين لوبين، يكلل مساعي باريس لدور أكبر في الشرق الأوسط تحديات، وفق المحللين.
وأوضح عثمان، أنه في حال صعود اليمين إلى الرئاسة الفرنسية، فسيكون هناك انسحاب "غير مرئي" من عملية السلام في المنطقة لصالح أمريكا، مؤكدا في الوقت ذاته أن أي من الأحزاب الفرنسية- حتى اليمين- لن تقبل بالتفريط في دور فرنسا ونفوذها وتواجدها في الشرق الأوسط.
بينما يرى شراب، أن انعقاد المؤتمر الأول مرتبط بشخصية الرئيس الفرنسي الحال فرنسوا هولاند والحزب الاشتراكي الذي يمثله، متوقعا أن وصول اليمين سيعطل انعقاد أي مؤتمر دولي للسلام.