غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر حدثان.. هل يؤشران إلى التغيير

المقال يعبر عن رأي كاتبه

بقلم / صادق الشافعي

هل هي مجرد مصادفة اجتماع الحدثين في فترة زمنية قصيرة ومحددة؟               

هل هما مؤشران على بداية تبشر بمغادرة موقع المتلقي ورفض الاستمرار فيه، وتعلن السأم من البقاء في موقع السكوت والاستكانة على كل ما يحصل لنا وعلينا وبنا، وكله إلغاء ونكران وتعدٍّ.

وهل هي صدفة حصول الحدثين في زمن تحضر فيه معركة الكرامة في ذكراها، بكل حمولتها الكبيرة من معاني البطولة والتحدي والاقتدار، ومن عبق الكرامة والوطنية؟

الحدث الأول، وقفة الكرامة الوطنية والإنسانية، والكرامة الشخصية والوظيفية أيضا، التي وقفتها الدكتورة ريما خلف في وجه الموظف الأعلى رتبة بالعالم، الأمين العام للأمم المتحدة. ففي مواجهة توافقه مع الموقف الأميركي والإسرائيلي، أو استجابته أو خضوعه له، لا فرق، وإصراره عليها أن تسحب التقرير الذي أصدرته منظمة «الأسكوا» (لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا) التي تحتل الدكتورة ريما موقع الأمينة التنفيذية فيها، في مواجهة ذلك، رمت باستقالتها مضحية بالموقع وكل ما يعطيه من امتيازات معنوية ومادية.

لكن التعويض عن هذه الامتيازات جاءها فورياً وعارماً في موقف الناس بكل أطيافهم ومناطقهم ومن الكثير من الجهات والقيادات والهيئات الرسمية والنضالية والمجتمعية مقدراً ومرحباً ومحتضناً.

في كتاب استقالتها الى الأمين العام، قالت الدكتورة ريما : «.... وبعد إمعان النظر في الأمر أدركت أنني لا أستطيع أن أسحب، مرة أُخرى، تقريراً للأمم المتحدة ممتاز البحث والتوثيق عن انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان.... أتنحى جانباً وأترك لغيري ان يقوم بما يمنعني ضميري من القيام به....إنني أستقيل، ببساطة، لأنني ارى واجبي تجاه الشعوب التي نعمل لها وتجاه الامم المتحدة وتجاه نفسي ألا أكتم شهادة حق عن جريمة ماثلة تسبب كل هذه المعاناة لكل هذه الأعداد من البشر...»

التقرير الذي طلب الأمين العام سحبه ليس تقريرا ثانويا قليل الأهمية او معدومها، ولم يصدر عن هيئة ليست ذات أهمية أو ليست ذات اختصاص. التقرير صادر بإجماع أعضاء الـ «الأسكوا». والتقرير جاء نتيجة بحث واستقصاء علمي وحيادي يعتمد على الوقائع والحقائق. وتولى مسؤولية صياغة التقرير النهائية محترفان أميركيان ضليعان بالقانون الدولي والإنساني وتطبيقاته على قضايا المجتمعات.

الأهمية الخاصة للتقرير، انه الأول الذي يصدر عن الأمم المتحدة او اي من هيئاتها ويخلص الى نتيجة /حقيقة جوهرية ان دولة الاحتلال (إسرائيل) أسست نظام فصل عنصري (ابارتايد) يهيمن على الشعب الفلسطيني بأكمله.

هذه النتيجة/ الحقيقة التي كشفها واعلنها التقرير بقدر ما فيها انصاف للشعب الفلسطيني وما يعانيه من فصل عنصري، فإنها تقدم أساساً سياسياً إضافياً قوياً يمكن البناء عليه في النضال الوطني والسياسي الدولي الفلسطيني والعربي. وهذا بالضبط، ما اشعل جنون دولة الاحتلال واطلق اتهاماتها الفاقدة للعقل والمنطق ضد التقرير وصانعيه، وما دفع الولايات المتحدة الى نصرة ربيبتها وتشكيل ضغط قوي على الأمين العام للأمر بسحب التقرير.

هناك 18 دولة عربية في منظمة «الاسكوا» التي أصدرت التقرير.               

هل سيكون موقفهم موقف الصامت غير المعني بالأمر؟ ام يتخذون موقفاً يدافع عن التقرير والنتيجة / الحقيقة الهامة التي خلص اليها واعلنها، وتشكيل وقيادة موقف دولي يدافع عن التقرير ويتمسك به ويتصدى لضغوط ومطالب شطبه؟

 وربما أيضا، وحسب ما تسمح قواعد وطرائق العمل بالأمم المتحدة، الوصول بالتقرير الى الجمعية العامة لمناقشته وإقراره فيها، او في اي هيئة عامة أُخرى.

المهم، الا ينجح سحب التقرير، او ألا تنتهي عملية سحبه بهدوء وصمت، حتى لا يشكل ذلك انتصارا لدولة الاحتلال والقوى والدول الداعمة لها.

هل نطمح ان يكون هذا الموضوع احد العناوين التي يقف أمامها مؤتمر القمة العربية القادم بعد ايام قليلة. وان يكون تبني التقرير والدفاع عنه احد قرارات المؤتمر ومكوناً من مكونات خطط وبرمجة التحرك العربي في المحافل الدولية فضحاً لعنصرية دولة الاحتلال واستمرار احتلالها.

وما دام الأمين العام للأمم المتحدة مدعواً لحضور القمة العربية فلماذا لا يكون إسماعُه الصوت العربي وإعلان الموقف المذكور وبلورته في حضوره؟

الحدث الثاني، هو تصدي قوات دفاع الجو السورية لطائرات دولة الاحتلال عندما أغارت على احد المواقع في أراضي الدولة السورية.

الأهم من الجدل حول حقيقة إسقاط احدى الطائرات المغيرة، انه كان هناك رد وانه يحصل لأول مرة، وانه تم بصواريخ نوعية جديدة اصبح يمتلكها الجيش العربي السوري.

والاهم أيضا، ان العدو المعتدي قد اعترف بواقعة التصدي، وان لم يعترف بسقوط طائرته، وانه اضطر الى تشغيل نظام «حيتس» الدفاعي المتطور لديه لاعتراض الصواريخ السورية، واضطر الى تشغيل صفارات الانذار في بعض مناطقه. وان التصدي للغارة احدث حالة جدل حامية داخل دولة الاحتلال ومكوناتها السياسية والعسكرية والمجتمعية وتساؤلات متشككة حول درجة الأمان المتوفرة حقيقة لدولة الاحتلال، ومجتمعها.

 وزير دفاع دولة الاحتلال (ليبرمان) من موقع إنكار واستهجان حق وواجب الجيش العربي السوري الدفاع عن أجوائه، صرح بانه سيدمر قواعد وبطاريات الإطلاق في العمق السوري اذا ما تم تكرر التصدي لغاراتهم العدوانية، الا ان الدفاعات الجوية السورية عادت وأسقطت طائرة معتدية دون طيار عندما اخترقت الأجواء السورية، واعترفت دولة الاحتلال بذلك.

الحدث السوري، هو مؤشر قوي آخر عن القدرة على مغادرة موقع التلقي، الى موقع الانتصار للكرامة الوطنية. مستقوياً في ذلك بالمتغيرات الهامة التي حصلت على الأرض، وبالمتغيرات في الموقف الدولي، وبالتحالفات الهامة والثابتة.

الحدثان هامان ومؤشران وتقع في صلبهما كرامة الوطن وكرامة المواطن.

والحدثان ليسا وحيدين بل هناك أحداث ومؤشرات أُخرى، أولها صمود الجماهير الفلسطينية في وجه الاحتلال وسياساته القمعية وتمسكها بحقوقها التاريخية وثوابتها الوطنية.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".