شمس نيوز/ خاص
شهد قطاع غزة، الجمعة الماضية، جريمة جديدة من نوعها حينما أقدم مجهولون على اغتيال الأسير المحرر والقيادي في كتائب القسام الشهيد مازن فقهاء، بعد إطلاق الرصاص عليه من مسافة الصفر في مدينة غزة.
التخطيط الجيد والتدبير المحكم كان عنوان العملية، كونه جرى استخدام أدوات جديدة فيها، كالمسدس (كاتم الصوت)، وتنفيذها خلال عدة دقائق، وعدم إبقاء أي دلائل في مكان الجريمة، وهي طريقة يتبناها الموساد الاسرائيلي في تصفية قادة المقاومة في الداخل والخارج.
لكن اللافت في جريمة اغتيال فقهاء هو صمت القيادة السياسية والعسكرية الاسرائيلية وامتناعها عن التعقيب على العملية أو الاعتراف بالضلوع في تنفيذها، رغم مرور ثلاثة أيام على تنفيذها.
ويرى مراقبون أن "اسرائيل" اتبعت سياسة الكتمان حول قضية اغتيال الفقها خشية أي مواجهة مع قطاع غزة ، تضعها في مأزق أمام المجتمع الدولي بتسببها في اندلاع المواجهة، فضلا عن الضغط الذي يعيشه القطاع بسبب الحصار الذي يجعله قاب قوسين أو ادنى من الانفجار.
واكتفى وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، بالإعلان عن أن "اسرائيل" تنتهج سياسية جديدة ضد حماس بشكل مسؤول وصارم، قائلاً: "من يرى ردودنا يدرك أن هذه سياسة مختلفة، مسؤولية وصرامة".
سياسة الغموض
الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، عدنان أبو عامر، رأى أن "اسرائيل" تنتهج سياسة الغموض، من حيث عدم الإعلان أو التبني، خاصة في حال اغتيال قادة المقاومة البارزين، على اعتباره جزءاً من سياسة الردع الاسرائيلية.
وأشار أبو عامر خلال حديثه مع "شمس نيوز" إلى، أن الصمت حيال عملية اغتيال فقهاء، لم تكن الأولى، وهناك سلسلة من الاغتيالات نفذتها سواء في الداخل أو الخارج، ولم تعلن عنها "إسرائيل".
وأكد ذلك المحلل في الشأن الاسرائيلي عامر خليل، مبيّناً أنه على مدار الصراع القائم مع الاحتلال لم يترك أثرًا أو دليل لأي عملية ينفذها، وينتهج سياسة الصمت.
وقال خليل لـ "شمس نيوز"، إن "اسرائيل" دائما تقوم بعمل سري من وراء الستار، بما فيها عمليات اغتيال قادة المقاومة، دون الاعتراف بذلك، ولكن مع مرور الوقت، ربما تعلن بشكل أو بآخر.
واستدل على ذلك، حينما حاول الموساد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل عام 1997، أثناء تواجده في الأردن، من خلال وضع السم له وقتله، لكن الأمر لم يدم طويلا حتى اعترف الاحتلال بذلك.
فضلًا عن اغتيال الأمين العام المؤسس لحركة الجهاد الإسلامي فتحي الشقاقي، عام 1995، في جزيرة مالطا بعد مشاركته في مؤتمر في ليبيا، حيث تم إطلاق النار عليه من مسافة صفر في عملية محكمة، ولم تعترف "اسرائيل" بذلك إلا بعد عدة سنوات.
إدانة نفسها
بالعودة إلى أبو عامر، قال إن قادة "اسرائيل" السياسيين يريدون إبقاء الموضوع طي الكتمان، حتى لا تدين نفسها أمام الرأي العام العالمي، وتتسبب باندلاع مواجهات عسكرية مع الفلسطينيين.
وأضاف أبو عامر، أن الاحتلال يريد أن يضلل جهات التحقيق الفلسطينية، وعدم إعطاءها معلومات مجانية في هذا الشأن، مستدركاً: "لكن كل المؤشرات تشير إلى أن اسرائيل هي تقف خلف تنفيذها".
وفيما يتعلق بجلسة الحكومة الاسرائيلية التي عقدتها أمس عقب عملية الاغتيال، فأوضح أبو عامر، أنها لم تتطرق إلى القضية بشكل علني، وحافظت "اسرائيل" كعادتها على سياسة الغموض وعدم تناول القادة لها.
وأوضح أن، الاحتلال افسح المجال للكتاب والمحللين للتلميح بصورة أو بأخرى عن مسؤوليتها عن عملية الاغتيال.
المحلل العسكري في القناة العاشرة ألون بن دفيد، قال إن الجهات الأمنية الرسمية، لا تزال تواصل تكتمها على حادثة اغتيال الشهيد مازن فقها، لأن أي تلميح اسرائيلي في هذا الموضوع قد يتسبب في قيام حماس بالرد الفوري على الحادثة؛ الأمر الذي قد يتدحرج إلى حرب.
وأضاف: "اكتفى الجيش الإسرائيلي برفع التأهب على طول الحدود مع قطاع غزة، وإصدار تعليمات للجنود باتخاذ اجراءات الحماية؛ خوفاً من نيران القناصة، ردا على اغتيال فقها".
أما المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرنوت، رون بن يشاي، فقد قال إن حماس ستفضل في ردها على اغتيال الشهيد مازن فقها استهداف جنود الجيش الإسرائيلي، ولذلك يجب الاستعداد لهذا السيناريو التكتيكي، حيث أنهم يستحينوا الفرصة لتصفية واستهداف جنود وضباط الجيش سواء على الحدود مع قطاع غزة أو في الضفة الغربية.