غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر باع البيض للجنود الإسرائيليين.. أصغر جاسوس في العالم

شمس نيوز/ وكالات

خلال حرب 67 بين مصر و"إسرائيل"، اجتهد رجال المخابرات لتسريب المعلومات من داخل معسكرات جيش العدو بصحراء سيناء، شمال شرق مصر.

وفي ظلمة إحدى الليالي، تسلّل أحد الضباط المصريين متنكرًا في زي أعرابي زاعمًا أنه يتاجر بالمخدرات، وبعد رحلة شاقة وصل الضابط إلى بئر ماء قريب من كوخ، يقطنه طفل وأبيه، لمحه صاحبه، الشيخ عطية، وما كان منه إلا أن دعاه لاستضافته، لتبدأ معها فصول الحكاية.

تدور أحداث هذه القصة في سيناء، حيث لعبوا أهلها "البدو" دورًا محوريًا في الإعداد لمعركة العبور طيلة 6 سنوات، وتعددت بطولاتهم، لكنّ قصة الطفل "صالح" مختلفة تمامًا عن غيرها.

"صالح" الطفل راعي الغنم الذي كان يخرج لصحراء سيناء مع اصطحابه لعدد من الطيور في درجة حرارة عالية، وكان يسرع إلى كوخ والده "الشيخ عطية" فور انتهائه من جولاته اليومية، ليستظل بسقفه من أشعة الشمس الحارقة.

حياة "صالح" تلك، تغيرت، بعد استضافة والده لضابط المخابرات المتنكر، الذي نشأت علاقة صداقة بينه وبين والده وقتها، والذي أراد تجنيده.

في اليوم الثاني، وبعد مشاهدة الضابط المصري لابنه الطفل "صالح" لأول مرة، فكر الضابط في تغيير الخطة بإحلال الصغير مكان والده؛ لأنه لن يكون مثارًا لشك العدو مطلقًا.

وبدأ الضابط في الانفراد بـ"صالح" بعيدًا عن والده في حذر، حتى حقق مراده بأن يكون هذا الطفل أداة المخابرات المصرية لتسريب معلومات وأسرار معسكرات العدو بأرض سيناء، حتى أصبح "أصغر جاسوس" في العالم.

وقتها ودع الضابط الشيخ عطية وصافح الطفل عند رحيله لتأكيد الموعد الجديد بينهما عند صخرة بالقرب من الشاطئ، وبالفعل انتظر في اليوم التالي وصول "صالح" الذي تأخر، وكان مبرر الصغير هو انتظاره اللحظة المناسبة للتحرك بعيدًا عن أعين "الإسرائيليين".

وفي اللقاء حرص الضابط على تلقين "صالح" التعليمات التي تجعله في مأمن لكل تحركاته، وفي تلك اللحظة خطر بباله فكرة إقحام هذا الصغير في معسكرات الجيش الإسرائيلي بسبب دجاجاته التي يبيع بيضها في مختلف الأماكن.

وبدأ الضابط في شرح المهمة للطفل والتي تتمثل في دخوله معسكرات جيش العدو لبيع البيض للجنود، وفي نفس اللحظة يتابع كافة تحركاتهم وما يخزنونه ليتعرف على التفاصيل من الداخل، وفي المقابل تجواله لن يثير شك أحدهم.

ونفذ "صالح" المطلوب منه بأن باع البيض بشكل يومي داخل المعسكر وتمكن من توطيد علاقته بالجنود "الإسرائيليين"، والذين لم يجدوا حرجًا في الحديث معه لكونه في النهاية طفل، وفي المقابل كان يحصل منهم على علبة من اللحوم المحفوظة أو المربى.

وبارتياح الجنود إلى الطفل أصبح مسموحًا للصغير بدخول المعسكر حتى لو لم يكن محملًا بالبيض، كما كانوا يلهون ويلعبون معه، في المقابل يستمع بأذنيه الصغيرتين لكافة التفاصيل والأحاديث التي يخوضون فيها وكأنه لا يفهم شيئًا، وهي الحالة التي استمرت لـ 4 أشهر.

وعلى مدار أشهر، لاحظ "صالح" ما يدور داخل المعسكر، حتى تمكن من التعرف على الثغرات في حقول الألغام المحيطة لأربعة مواقع مهمة مزودة بالمدافع الثقيلة، بجانب أماكن مولدات الكهرباء وخزانات المياه، إضافةً إلى تفاصيل عن غرف الضباط وأماكن نوم الجنود وأعداد الحراسة الليلية، حتى الأسلاك الشائكة، وصولًا إلى التمييز بين أنواع الأسلحة بفضل التعليمات التي تلقاها من ضابط المخابرات.

واستمرت علاقة "صالح" بالمخابرات العامة لما قبل معركة العبور بشهور، وبازدياد ثقة الجهاز في الطفل أوكل إليه الضابط مهمة زرع قطع معدنية صغيرة في غرف قادة المواقع العسكرية لجيش العدو، وأرشدوه بوضعها على الأجزاء الحديدية المختفية بالأسرّة والدواليب لاحتوائها على وجه ممغنط.

ورغم قلق رجال المخابرات حيال هذه المهمة إلا أن الطفل نجح في التنفيذ، وساهم بذلك في رصد كافة التعليمات التي يوجهها القادة الإسرائيليون لقواتهم بجانب الأحاديث الدائرة في الغرف المغلقة.

بهذا الشكل أنهى الطفل مهامه في سبتمبر 1973، وقبل الحرب بـ20 يومًا صدرت الأوامر من المخابرات المصرية بنقل "صالح" وأسرته إلى القاهرة، ومروا خلال تحركهم بالقناة وقرية ميت أبوالكوم، والذي انتظرهم فيها الرئيس الراحل محمد أنور السادات، قبل أن يصلوا لمحل إقامتهم الجديدة.