غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر أثناء الحرب على غزة.. للمعاناة شكل آخر!!

شمس نيوز / عبدالله المغاري

في حرب غزة, لحظات فقط قد تكون هي الفارق الزمني, بين الموت والنجاة, بين أن يوضع شخصا في ثلاجة الموتى, أو أن يعود إلى الحياة من جديد ليبقى شاهدا على جرائم الاحتلال, فارق زمني يكاد لا يذكر, بين تهديد إسرائيلي بالقصف وبين لحظة القصف نفسها, هذه اللحظات التي يتسارع خلالها المواطنون بحثاً عن مكان يحميهم من حمم ونيران الموت.

هذا حال الأسوياء الذين يمتلكون كافة قدراتهم العقلية والجسدية, فكيف كان حال الأشخاص من ذوي الإعاقة وأهاليهم لحظة القصف، وكيف كانوا يهربون من قذائف إسرائيلية أبادت مناطق سكناهم؟

ماجدة خلف (23 عاماً) والتي أضيفت إلى قائمة ذوي الإعاقة بفعل خطأ طبي قبل أعوام, لتصبح بعدها عاجزة حتى عن الهروب من الموت, تقول لـ"شمس نيوز": أنا أسكن على بعد أمتار من الشريط الحدودي، وأنا بغرفتي سمعت صوت رصاص دخل الغرفة، وبعد هيك صارت القذائف تنزل علينا مثل المطر".

وتضيف خلف لـ"شمس نيوز": بعد قليل تقدم جنود الاحتلال ودخلوا بيتنا وطلبوا منا الانتقال من غرفة لغرفة، وبعدها طردونا من البيت وطلبوا منا مغادرة الحي الذي نسكن فيه"، مبينة أن لحظة خروجها من المنزل كانت لحظة صعبة على نفسيتها.

وتابعت بالقول: خرجنا من المنزل دون أن نتمكن من اصطحاب احتياجاتنا، وحاولنا التواصل مع أي سيارة لتنقلنا, فلم نتمكن من ذلك،  قطعنا أكثر من كيلو متر مشياً على الأقدام وكان والدي يسحبني على كرسيي المتحرك بينما القذائف تتساقط والطائرات تحلق فوقنا, حتى وصلنا إلى شقة أخي وسط المخيم".

وصلت ماجدة إلى مكان تعتقد أنه أكثر أمناً ولكن طائرات العدو لم تجعل أي مكان يسلم من إجرامها. تقول ماجدة: ونحن في شقة أخي ضربت الطائرات منزلا مجاورا لنا، فتطاير الركام علينا ولم أتمكن إلا من مسح وجهي, حينها شعرت للمرة الأولى أنني عاجزة".

معلق بـ"الووكر"

أما حكاية الطفل محمد أبو حجير فتحمل صبغة أخرى، فقد جعل من "الووكر" -الأداة الطبية المساعدة له على التحرك- صديقاً ملازماً له، وكل شيء بالنسبة, فهي التي تساعده في التنقل من مكان إلى آخر, وهي التي يحاول من خلالها أن يكون شريكا للناس.

محمد الذي وُلد مصابا بمرض "شد الأعصاب والشلل الدماغي" شاء الله أن يبقى "الووكر" رفيقاً له, ولكن قذيفة إسرائيلية فرقت بين محمد وبين رفيق دربه.

يتحدث والد الطفل أبو حجير لـ"شمس نيوز" قائلا: محمد بالنسبة لي كل حياتي، أثناء الحرب كنت دائماً بجانبه، أخاف أن يصاب بأي مكروه، في يوم من أيام الحرب تم استهداف منزلنا وتدمرت الآلة التي أحبها "الووكر"، فأصبح محمد يعتمد علينا في كل شيء"، منوهاً إلى أن ابنه محمد قد حزن كثيراً على فقدانها.

وأضاف: المنزل دُمر بشكل كامل, وكل شيء ذهب, حتى المزرعة التي هي مصدر دخل الأسرة، ولكن محمد لا يعي ذلك كثيراً, فبالنسبة له الشيء الوحيد الذي خسره هو "الووكر"، فلم يبكِ سوى لأجله" .

لم تقف معاناة محمد عند هذا الحد، فما لم يدركه محمد يدركه أهله, فهو لم يتناول علاجه الذي هو عبارة عن منشط للمخ, منذ بداية العدوان الإسرائيلي. يضيف والده: محمد بحاجة إلى علاجه الذي فُقد في منزلنا المدمر وتكلفته مرتفعة، وليس بوسعي شراءه، خاصة بعد أن تدمرت مزرعتي، وهي مصدر رزقي الوحيد، بسبب الحرب, وأخاف أن يتفاقم وضعه بزيادة"

تستمر المعاناة

معاناة فئة ذوي الإعاقة لم تتوقف يوما، ففي أيام السلم والحرب يعايشون الألم, فالمسنة فرحانة النسر (80 عاما) عاشت لحظات القصف, وبسبب الصواريخ زادت آلامها وأوجاعها، لتقول متحدثة لـ"شمس نيوز": كان القصف ينزل علينا بكثافة، وما قدرت على الخروج من البيت، إلى أن جاء بعض الشباب ونقلوني إلى الجهة الثانية من الدار، ولم يتمكنوا من جلب كرسيي المتحرك الذي تدمر بعد قصف البيت".

وتضيف الحاجة المسنة: هربنا إلى المدرسة، وابنتي أحضرت لي الكرسي المتحرك الخاص بحفيدتها المقعدة"، معربة عن استيائها من المعيشة داخل مركز الإيواء، كونها مصابة بالعديد من الأمراض.

وتناشد المسنة فرحانة المسئولين, بالوقوف إلى جانبها، وتطلب من المؤسسات توفير كرسي متحرك لها, لتعيد الكرسي الذي تستخدمه إلى حفيدة ابنتها, ليتسنى لها العودة إلى مقعد الدراسة.

أيادٍ مكبلة

لم يقف أهالي ذوي الإعاقة عاجزين وحدهم, أمام إنقاذ أبنائهم وإخراجهم من دائرة الخطر, فضراوة النيران الإسرائيلية, جعلت المختصين أيضا يقفون عاجزين أمام القيام بواجباتهم.

تقول إرهاف أبو الروس، الأخصائية الاجتماعية والناشطة في شؤون ذوي الإعاقة, منذ أكثر من خمسة عشر عاماً: لم أشعر يوماً أني غير قادرة على خدمة هذه الفئة المهمشة إلا خلال العدوان الإسرائيلي, بالرغم من أننا كنا نعمل ضمن  لجنة طوارئ, شُكلت منذ المنخفض الجوي ودربت على العمل في الأوقات الصعبة, ولكن اشتداد الحرب وعدم توافر الإمكانيات جعلنا نقف دون تقديم المساعدة المطلوبة ".

وتضيف أبو الروس لـ"شمس نيوز": خلال الحرب لم يتمكن الأخصائيون ولا المؤسسات العاملة في مجال خدمة ذوي الإعاقة,  إلا من تقديم القليل من الخدمات, التي كان غالبيتها يتمثل في الاتصال الهاتفي بذوي الإعاقة وأسرهم , ومحاولة تقديم النصائح والإرشادات ورفع معنوياتهم".

وأشارت إلى أنه  بعد حرب الأيام الثمانية عام 2012, قامت معظم المؤسسات بتقديم طلبات تمويل إلى جهات مانحة, للحصول على أدوات طبية مساعدة, مستدركة: ولكن معظم هذه الطلبات رُفضت بدعوى أن ما جرى كان عملية عسكرية, وليست حربا أو جريمة أو لأسباب سياسية، وهذا ما نتخوف منه اليوم، أن ترفض الطلبات للأسباب نفسها".

وتابعت: نحن اليوم بحاجة إلى إيجاد مخزون استراتيجي من الأدوات الطبية المساعدة ليتسنى لنا مواجهة أي طارئ "، مناشدة المانحين أن يرسلوا الأدوات الطبية اللازمة لا أن يرسلوا أموالا، لأن هناك صعوبة في شراء الأدوات الطبية من غزة ويصعب استيرادها أيضا.

وأفادت إحصائية أوليه أن 11 شخصا من ذوي الاحتياجات الخاصة قد استشهدوا في الحرب الإسرائيلية علي قطاع غزة، فيما أصيب العشرات في الغارات التي استهدفت كافه المناطق.

وأوضحت الإحصائية أن المئات من جرحي العدوان أصيبوا بإعاقات مختلفة، مشيرهً إلى أن أضراراً كبيره لحقت بمنازل الكثير من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.