قائمة الموقع

خبر "هاجر" كتبت قصص مرضى السرطان فتحولت إلى كاتبة لقصتها

2017-04-12T08:52:07+03:00

شمس نيوز/ توفيق المصري

"وسط هذه الحالة التي أحاول الاختباء في ثناياها، محاولة عن عمد تناسي هذا الألم الذي كان ينقلني مباشرة للسؤال عن حال المرضى الذين يحملون مرغمين على التنقل من غزة إلى مشافي الداخل المحتل لتلقى العلاج بكثير من الوجع والامتهان للكرامة، باغتني اتصال كنت أتوقعه يخبرني بأن طفلة شقيقتي التي لم تتجاوز العامين مصابة بالسرطان بعد سلسلة فحوصات وسحب للعينات، جعلتنا جميعاً نعيش حالة من القلق والترقب لأيام عديدة، سألت نفسي حينها ما الحكمة إذن التي أراد القدر أن يوصلها لي وأنا أفكر في حجم أوجاع هؤلاء؟ أحقاً سندرج ضمن قوائهم دون إنذار مسبق؟".

في 2 أبريل من العام 2017، خطت الزميلة الصحفية هاجر حرب هذه الكلمات، دون أن تعلم أن القدر سيكون حليفها.

ذكية، منظمة للغاية، تحب ويحبها الآخرين، صفات حامل اسمها، تجسدت فيها، هي هاجر أو زهرة اللوتس التي أخذت صفات الورود، في بشر، نثرت عبقها وحملت على عاتقها أن تخفف عن كل من اقترب منها.

طيلة أعوام والزميلة هاجر، تخط كلمات التضامن مع مرضى السرطان في غزة، فكتبت في بداية هذا العام، عن عيني هناء شحادة (56 عاماً) اللاتي أزهرن الورود وغنتا ألف أغنية للفرح، حينما ارتدت هناء لأول مرة ثديين صناعيين، فوجدت أنهما استطاعا تعويضها عن آلام نفسية وجسدية صاحبتها طوال سنوات عديدة، بعد إجرائها عملية استئصال للثدي.

ورصدت هاجر فكرة هي الأولى من نوعها في مؤسسة العون والأمل لرعاية مرضى السرطان؛ لتشجيع النساء على تركيب أثداء صناعية لتعوضها عن جزء أفقدها إياه المرض.

وكتبت هاجر، قصة زهرة-اسم مستعار- التي حلّقت بخيالها بعيدًا وتنهدت وكأنها تتنفس الصعداء قبل أن تباغتها على عجالة أيام القهر التي جرعها إياها زوجها بعد أن اكتشف أنها مصابة بسرطان الغدة الدرقية.

وأضافت: "وقف سميح-اسم مستعار-وقد تبدلت ملامح وجهه، وتحول الحب في ثوان إلى ثورة مِن الغضب، وقال لها "هيا عليك أن تقومي بجمع ملابسك كاملة، وتتبعيني".

ووثقت هاجر اللحظات الأولى التي عاشتها زهرة بعد تلقي زوجها خبر اصابتها بمرض السرطان، في قصة صحفية، حيث كتبت عن ما جال في بال زهرة فور مناداة زوجها لها بـ"تجهزي".

كانت هاجر الأذن الصاغية لزهرة وهي تسرد لها اللحظات المؤلمة في حياتها وهي تقول: "بقيت للحظات تحت تأثير الصدمة، عن أي شيء تراه يتحدث؟ هل حقاً ما سمعت؟ وأين سأذهب بملابسي؟".

وقطعها صوته من بعيد "هيا أسرعي"، ولم تفهم بعد ما يجب عليها فعله، وجاءها مسرعًا، يحمل في يده ثوبًا مهترئاً قديمًا، وأخذ بوضع ملابسها فيه، ثم جرها من يدها حتى وصل بها إلى منزل عائلتها.

وأضافت زهرة لهاجر: "طرق الباب مرارًا بكثير من الغضب، وكأن أمرًا ما قد حدث، استقبله شقيقي "مرحبًا"، لكنه ما لبث أن ألقاني في وجهه قائلاً: "شقيقتك لم تعد تلزمني، أرهقتني مصاريفاً، وأنا لا أطيق العيش مع مريضة".

مضى أشهر على كتابة هاجر لتلك القصص، التي تضامنت فيها مع مرضى السرطان، وشاركت في حملات مساندة لهم، منها حملة مرضى غزة الكرام، التي تهدف إلى شراء ما يعرف بـ"ميني باص"، للتخفيف عنهم تكاليف المواصلات ما بين المحافظات الجنوبية والشمالية، خلال رحلة تلقيهم للعلاج.

وفي كل خطوة كانت تساند فيها هاجر المصابين بهذا المرض، وكأن طريق المرض لها كان يقترب أكثر.

وقبل أيام قليلة من افصاحها عن اصابتها كتبت عبر حسابها في فيس بوك: "هذا الجهاز اسمه مموغرام، خاص بالكشف المبكر عن سرطان الثدي، وهو من أحدث الأجهزة الموجودة في قطاع غزة، وموجود في مستشفى الشفاء، وأنصح كل السيدات أن يجروا فحوصات، والأمر ليس مكلفًا، والفحص بيساوي حياة، ولا تستهينوا".

وبعد مرور 6 أيام على كتابتها لتلك  النصيحة، صباح أمس الثلاثاء، كتبت هاجر عبر حسابها في فيس بوك: "من اليوم سأبدأ بكتابة أول حروف التجربة الناجحة في مقاومتي لمرض السرطان، الذي زارني كضيف ثقيل دون استئذان، ومن فضلكم ادعموني، وساندوني لأبقى قوية، ولا تشفقوا عليّ فلست بحاجة لهذا".

وكشفت إحصائيات رسمية لوزارة الصحة الفلسطينية، أن معدل الإصابة بالسرطان في فلسطين بلغ 83.8 حالة جديدة لكل مئة ألف نسمة من السكان، بواقع 83.9 حالة جديدة لكل مئة ألف نسمة من السكان في قطاع غزة، و83.8 حالة جديدة لكل مئة ألف نسمة من السكان في الضفة الغربية.

وقالت الوزارة، إنه في العام 2015 بلغ مجموع حالات الإصابة بمرض السرطان المبلغ عنها في فلسطين 3,927 حالة جديدة، منها 2,400 حالة جديدة في الضفة الغربية، و1,527 حالة جديدة في قطاع غزة.

ومع قصة هاجر، تثبت أن الصحفيين الفلسطينيين قطعة من المجتمع، وهم من ساندوا الشعب الفلسطيني وسيبقون كذلك في نقل وايصال رسائلهم، كما أن ما أصاب الزميلة هاجر وأوجاعنا جميعًا، يزيد طواقم "شمس نيوز" اصرار على ايصال صوت المواطن ودعمه في التخلص من مشكلاته ومسبباتها .

اخبار ذات صلة