شمس نيوز/ تمام محسن
يبدو أن الجهود الإسرائيلية لن تكل عن السعي وراء حل إقليمي، يخلصها نهائيًا من عبء الدولة الفلسطينية التي ينشدها الفلسطينيون.
ويأتي طرح عضو حزب الليكود اليميني ووزير المواصلات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بإنشاء سكة قطار تربط "إسرائيل" بكلٍ من الأردن والسعودية، فيما أسماه بـ "سكة حديد السلام الإقليمية"، للدفع قدمًا بهذا الحل الذي قد يجد قبولًا عربيًا وفق محللون.
ووفق الخريطة التي عرضها كاتس أمام الصحافيين، فإن "سكة السلام الإقليمي" ستنطلق من مدينة حيفا إلى بيسان المحتلتين، لتمر عبر جسر الشيخ حسين الذي يربط بالأردن، ومن هناك إلى مدينة إربد شمالًا، ومن ثم إلى دول الخليج العربي والسعودية.
دمج "اسرائيل"
من جهته، اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح عبد الستار قاسم، اقتراح الوزير كاتس خطوة في إطار "دمج إسرائيل في المنطقة"، موضحًا أن "إسرائيل ستصبح جزءًا لا يتجزأ من المنطقة العربية، وسيكون هناك المزيد من ترابط المصالح الاقتصادية بين الإسرائيليين والعرب".
وحذر قاسم، في اتصال هاتفي مع "شمس نيوز"، من خطورة هذا الطرح على القضية الفلسطينية، في حال قبلت به الأطراف العربية، قائلًا "هذا حل على حساب الشعب الفلسطيني ومن شأنه أن يؤثر سلبًا على القضية الفلسطينية التي ستصبح طي النسيان".
وكان الوزير الإسرائيلي، قال: إن "هناك محادثات مهمة مع دول عربية بشأن مشروع السكة"، لكنه امتنع عن قول ما إذا كانت دول عربية وافقت على المشاركة في مبادرته.
فيما يرى قاسم، أن البلدان العربية جاهزة لقبول هذا الطرح، لكن هناك "خجل" من التصريح بمواقفها، على حد تعبيره.
وأوضح قاسم، أن الأنظمة العربية "تقترب من القبول بالحل الإقليمي على حسابها وليس على حساب ما نهبته "إسرائيل" من الفلسطينيين"، مشيرًا إلى أن سقف المطالب العربية لتسوية الصراع "منخفض جدًا".
وتابع بالقول: ما دامت الأنظمة العربية تقبل ما لم يقبله الفلسطينيون بعد، فإنه من المتوقّع أن تدير أميركا وإسرائيل ظهريهما للفلسطينيين ويبعدانهما عن طاولة المفاوضات لصالح الأنظمة العربية.
وفقًا للحل الإقليمي، المطروح في أعقاب حرب عام 1967، فقد وضعت "إسرائيل" شرطًا على العرب لإنهاء الصراع مفاده بأنه إذا أراد العرب حلًا للصراع القائم فذلك يتم فقط من خلال المفاوضات الثنائية المباشرة. وبذلك يتم استبعاد الحل العربي المشترك، أو مواجهة العرب لإسرائيل دبلوماسيًا جماعة وليس فرادى.
لعبة المحاور
فيما اعتبر، المحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي عمر جعارة، اقتراح كاتس يأتي في إطار الترويج الإعلامي الإسرائيلي لفكرة مفادها أن " إسرائيل جزء من التحالف الإسلامي(السني) مقابل محور الشيعي الذي تقوده إيران في المنطقة" .إذ يركز الاعلام الإسرائيلي على أن العالم السني لا قيادة له على نقيض المحور الآخر، وفق متابعة جعارة.
وقال:" كاتس يريد أن يعطينا خط حجازي -إسرائيلي، والظهور في الإعلام الموالي للمحور الشيعي على أن العالم السني وإسرائيل حلف واحد مقابل الحلف الممانع".
وفيما إنْ كانت الولايات المتحدة الأمريكية ستقبل بخطة سكة الحديد، قال جعارة إن "دعوة كاتس لا تقيم إلا بالإيعاز إلى أن هناك حقيقة محور أمام محور إيران، بزعامة السعودية على سبيل المثل وإسرائيل جزء منه"،
مؤكدًا أن أمريكا لن تقبل بأي شكل من أشكال الوحدة العربية وإن كانت على صعيد القطارات.
ولفت إلى، أنه منذ عام 1917 لم تشهد المدن العربية الكبرى أي سكة حديد سوى سكة الحجاز، التي كان من شروط معاهدة سايكس بيكو تفكيك هذا الخط.
وكان كاتس، قال إنه قدم الفكرة إلى مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط الشهر الماضي، والذي أعرب عن "حماسه" للخطة.
فيما أوضح جعارة، أن خطة وزير المواصلات لم تقدم على المستوى السياسي في "إسرائيل"، وأنها تعبر عن رأيه كاتس الشخصي، قائلا إن الأخير يحاول "تضخيم شخصيته السياسية بإنشاء سكة حديد في الشرق الأوسط تعمق الخلاف في الأراضي العربية ".
في نظرة تاريخية، أدت سكة الحجاز التي تم إنشاؤها في عهد الدولة العثمانية سنة 1900، لأغراض دينية، أدورًا مهمة في تعزيز صمود القوات العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى لعامين آخرين أمام تقدم القوات البريطانية المتفوقة عدةً وعتادًا.
وفقا للموسوعة الحرة (ويكيبيديا)، فقد استمر العمل بالخط الحجازي تسع سنوات إلى أن نشبت الحرب العالمية الأولى، حيث ظهرت أهمية الخط وخطورته العسكرية على بريطانيا، ونظرًا لاستخدام الخط الحجازي في بعض الأغراض العسكرية العثمانية، فقد تعرض الخط إلى كثير من الأضرار والتخريب خلال الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين، بتحريض من الضابط البريطاني توماس إدوارد لورنس، المعروف بـ"لورنس العرب".