شمس نيوز/تمام محسن
بدأ الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب بالتحرك أسرع من المتوقع في المنطقة سعيًا وراء ما وصفها بـ"صفقة القرن" أو "الصفقة التاريخية" لتسوية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، التي تحدث عنها مرارًا خلال حملته الانتخابية.
فلم يكد يمر شهرين على توليه مهامه الرئاسية في 20 يناير/كانون الثاني، حتى بادر إلى مهاتفة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ونتنياهو وتاليًا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بالإضافة إلى إرسال مبعوثه للسلام جيسون جرينبلات إلى المنطقة لعقد لقاءات مع الجانبين.
وربما يراهن المسؤولون الفلسطينيون على خصوصية شخصية ترامب المختلفة عن سابقيه، وجرأته في اتخاذ القرارات بغض النظر عن رأي مستشاريه، في وقت عجز أسلافه السابقون عن تحقيق إنجاز واضح في هذا الصراع الشائك.
لكن مخاوف الفلسطينيين حول ماهية هذه الصفقة، وبشأن نجاح هذه الصفقة التي قال عنها ترامب "لا يمكنها أن تكون جيدة لطرف وغير جيدة للطرف الثاني".
فهل ينجح ترامب القادم من عالم المال، بعقد صفقته التاريخية وتحقيق ما عجزت عنه الإدارات الأمريكية السابقة؟
على الصعيد الفلسطيني الرسمي، أبدى وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، في لقاء مع صحفة الشرق الأوسط اللندنية، شكوكًا حول صفقة ترامب، قائلًا إنها "تعابير لغوية وليس لها أي مضمون سياسي".
وأضاف "هذا ما قاله ترامب نفسه، لقد انتقل من تعبير الاتفاق إلى الصفقة، ربما كلمة صفقة أهون بالنسبة إليه للتعبير عما يجول في نفسه وعن تجاربه السابقة، في نهاية المطاف، نحن ليس لدينا أي مانع في استعمال هذه التعابير إذا كانت تعطينا النتيجة التي نسعى إليها".
من جهة ثانية، يرى المحلل السياسي ناجي شراب، أن هناك رغبة أبداها ترامب في تحقيق إنجاز سياسي فيما يخص تسوية الصراع العربي-الإسرائيلي في وقت فشلت فيه الإدارات الأمريكية السابقة في تحقيق تقدم ملموس في هذا الملف المعقد. لكنه يستدرك بالقول "إنه لا ينبغي المبالغة كثيرًا بشأن الصفقة التاريخية".
وتنبأ شراب بملامح هذه الصفقة، مشيرًا إلى أنها لن تقتصر فقط على الجانب الفلسطيني-الإسرائيلي فقط، وإنما ستسعى لتشكيل "ناتو عربي" تكون "إسرائيل" عضو فيه، بالإضافة إلى عقد مؤتمر للسلام الإقليمي تحضره إسرائيل والدول العربية.
حل الدولتين أو اللادولة
وتابع: "ترامب لا يفرض أي حل سياسي على الأطراف فهو ليس مع أو ضد حل الدولتين وفي الوقت نفسه ليس مع أو ضد حل الدولة الواحدة، لكنه يعلم أن إسرائيل لن تقبل بحل الدولة الواحدة فمن المتوقع أن يقترح تطبيق ما لحل الدولتين لكن ماهية هذه الدولة مجهولة"، لافتا إلى أن أي صفقة محتملة ستتضمن الاعتراف بالمستوطنات الإسرائيلية.
وحول وضع غزة في صفقة ترامب، قال إن إدارة الرئيس الأمريكي قد تسعى لخلق "كينونة سياسية في غزة تكون نواة لدولة فلسطينية".
في حين توقع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت سميح حمودة، أن يقدم ترامب للفلسطينيين اقتراحًا بإقامة مجموعة من "الكانتونات" التي يطلق عليها لفظ دولة دون مضمون الدولة، مؤكدًا أن أي حل مقترح لن يكون مرضيًا لتطلعات الشعب الفلسطيني.
وحول إمكانية نجاح هذه الصفقة، قال شراب إن الظروف الحالية قد تساهم في دفع ترامب لإنجاز ما يصبو إليه، موضحًا أن لديه كونغرس مريح (غالبية الأعضاء من الجمهوريين) تدعم قراراته وسياسته.
بالإضافة إلى أن إسرائيل لا تشكك في دعمه وتأييده كما في الإدارات السابقة، وفق شراب، فضلًا عن ضعف البيئة العربية وانشغالها في قضاياها الداخلية وتخوفات الدولة العربية من التهديدات الإقليمية الخارجية.
وأشار إلى، أن حاجة الدول العربية لترامب كأنه هو المنقذ للوصول إلى التسوية وحالة الضعف والتشتت الفلسطينية ستساهم في انجاز تلك الصفقة.
بالمقابل شكك حمودة، من قدرة ترامب على إنجاز صفقته التاريخية، قائلًا إنه: "لا يمكن التعويل على شخص وتجاهل إرادة الشعوب.. حتى لو وافقت قيادة الفلسطينية وهو أمر مستبعد لن يقبل الشعب الفلسطيني كذلك الشعوب العربية والإسلامية المؤيدة لحقوق الفلسطينيين".
ولفت إلى، أن التفاؤل بمواقف الولايات "حمق سياسي".
وعلى خلاف سابقيه، قلل رائد نعيرات أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح، من جدية تصريحات ترامب، قائلًا "لا أعتقد أن هناك صفقة، لكن الحديث يدور حول عقد مؤتمر إقليمي يقوم على إعادة بعث المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية من جديد للتوصل إلى حل للصراع".
وأضاف: أن نجاح أي مسعى للحل تعتمد على نوايا الإدارة الأمريكية في الضغط على " إسرائيل" وإمكانية حدوث اختراق في الموقف الإسرائيلي، وفق نعيرات.
لكن هل تقبل الأطراف العربية الانخراط في هذه الصفقة؟
يرى نعيرات، أن العالم العربي في الوقت الراهن لا يشكل حالة ضاغطة على الموقف الدولي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، مضيفا: أن الأنظمة العربية تحاول "انتزاع مواقف من الولايات لتثبيت وضعها في بلدانها أكثر من الدفع باتجاه تغيير موقف واشنطن من الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي".
من جهة ثانية، قال حمودة إن الجهود العربية والدولية ليس بمقدورها أن تلغى طبيعة القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن أي محاولة لترسيخ وجود "إسرائيل" في المنطقة بإضافة شرعية عليها "محاولة فاشلة".