غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر أطفال غزة.. واقع صعب ومستقبل مجهول!

شمس نيوز إسلام قاسم

للأطفال الحق في الحياة بكرامة والشعور بالأمان وحق التعليم والصحة واللعب والمأكل والمشرب , باعتبار هذه الفئة هي النشأ المستقبلي, وثروة من ثروات الشعوب, وهذا ما دعت إليه الأمم المتحدة , ووثقته بعدد من المواثيق , ولكن أطفال غزة يعيشون بدون طفولتهم, تحت أصوات المدافع والقصف وأزيز الطائرات , فبعد تعرض قطاع غزة لثلاثة حروب متتالية وصعبة, حرب في "2008" وأخرى في "2012"  وفي هاتين الحربين كان للأطفال النصيب الأكبر من الاستهداف والقتل, وفي" 2014" شنت اسرائيل علي قطاع غزة حربا شرسة استهدفت خلالها كل ساكن ومتحرك من المواطنين ومنازلهم بشكل كبير, وما ظهر جليا للعالم في هذه الحرب هو استهداف الاطفال بوحشية  كبيرة وبشكل متعمد, كون "إسرائيل" تعتبر هذه الفئة هي "العماد الناشئ" لفلسطين.  

واستشهد في هذه الحرب ما يقارب من450 طفل, وأصيب الألاف ,مما ترك لدى الاطفال مشاكل نفسية, قد يعانون منها لأعوام طويلة, وظهرت هذه العوامل من خلال تأثر الأطفال بما مروا به من أحداث عصيبة خلال الحرب, من استشهاد ذويهم واصابة بعضهم وهدم منازلهم , إضافة إلى أصوات القصف والتدمير والتهديد والتشريد, وذلك يتطلب عمل معالجة نفسية عاجلة لهذه الفئة, والتي أدت لحدوث صدمة كبيرة لديهم يمكن أن تؤثر علي مستقبل حياتهم بشكل كبير.

الأسبوع الأول

أية قاسم معلمة في إحدى مدارس غزة تقول : مع بداية السنة الدراسية الجديد ,التقينا بالأطفال اللذين  تم تدرسهم في السنوات الماضية , ومع أول نظرة ألقيتها علي الاطفال تحسست بأن هناك تغيرات كبيرة طرأت عليهم , "حزن شديد, خوف من اقل الاصوات,  نشاط الاطفال أصبح معدوما بعدما كانوا مفعمين بالنشاط ,سكون عميق, ووجدنا بعض الحالات الصعبة, من ضمنها عدة حالات من الطالبات لا يتناولن الطعام , وحالات أخرى تعاني من التبول بشكل مفاجئ".

وتضيف قاسم لـ"شمس نيوز" : بدأنا دراسة الكثير من الحالات وأيقنا بأننا لا يمكن أن نبدأ العام الدراسي دون عمل معالجة سريعة لتلك الحالات ,  ليتم البدء بمشروع المعالجة النفسية للأطفال, من خلال دراسة الاحوال الاجتماعية للحالة, والبيئة الخاصة بالحالة أثناء الحرب , لمعرف طريقة التعامل معها من خلال جلسات علاجية و توعوية وإرشادية .

وتتابع قاسم: كان من ضمن برنامج المعالجة النفسية للأطفال, أسبوع ترفيهي لجميع الطلاب والطالبات, لتحسين أوضاعهم وحالاتهم , وذلك من خلال ممارسة الرياضة اليومية والالعاب الترفيهية المتنوعة كالرسم وكرة القدم ولعبة البرشت والمسابقات الثقافية المصحوبة بالجوائز التحفيزية وألعاب كثيرة, للتخفيف عن الاطفال ألام الحرب الوحشية ,والعمل على تحفيز القدرات العقلية لإكمال المسيرة التعليمة بالشكل الصحيح.

أثار الحرب

حازم الحلاق أحد الطلاب اللذين خضعوا للمعالجة النفسية, وكانت حالته صعبه كما علمنا, يحدثنا بأنه قبل بداية الحرب الاخيرة ,"ما كنت أخاف بالمرة ,بس بعد الحرب من كثر القصف والأصوات العالية صرت أخاف من أي صوت حتى لو ما كان قوي , ولا أقدر على التركيز مع المعلمة و دائما  أشعر بالخوف والفزع" .

ويتابع الطفل حازم في حديثة لـ"شمس نيوز" : "بعدما اهتموا بي المعلمات وكانوا يلعبوني و يحكوا معي ويشجعوني ويعطوني جوائز, شعرت بتحسن وتخلصت من الخوف, وبدأت ألعب مع إصحابي, وأنا مستعد من اليوم للدراسة, وما بدي أخاف" .

برامج المعالجة

فضل أبو هين مدير مركز التأهيل المجتمعي وإدارة الأزمات يؤكد بأن الأوضاع قبل الحرب وبعد الحرب  كانت متوترة جدا ,وقد اتسم القطاع بفقدان الأمن والأمان ولم يكن يتوفر مكان آمن يستطيع الطفل أن يشعر به بالهدوء والراحة, وبالتالي لجأ الأطفال وذووهم لمدارس الوكالة ,واتخذوا منها مكانا لعيشهم, فتم قصف المدراس واستشهد عدد من الاطفال فيها, إضافة للمنازل والشوارع وأسطح المنازل, بمعنى أن جميع الاماكن التي تمثل وجود الأطفال استهدفت بشكل متعمد, بهدف زرع الحسرة داخل نفوس الاباء والامهات وإيجاد مصدر قوي من الالم والخوف والتوتر .

ويتابع أبو هين خلال حديثه لـ"شمس نيوز" : ظهرت عدة أعراض على الأطفال نتيجة للحرب : العرض الاول سريع كرد فعل من الاحداث الصعبة والمشاهدات الصعبة التي عاشها الأطفال, كالخوف والقلق والاكتئاب والبكاء والتعلق بالأهل والانطواء والعدوانية والقسوة, وهذا ما وجدنه في الأطفال أثناء الحرب وبعد الحرب, وفي الأمد البعيد هناك اعراض ستظل مختزلة في داخل الطفل وسيكون التعبير عنها وإخراجها بصورة بطيئة تدريجيا مستقبلا, وهذا يعنى بقاء تأثير العوامل الصعبة إلى أطول فترة ممكنة, وستخلق أمراض نفسية عند البعض, ولها مخاطر كثيرة في المستقبل, وهذا هو الخطر الأكبر, منوهاً إلى أن كثيرا من الأمراض كالخوف والوسواس والانفصام والاكتئاب والهوس يمكن وقوعها مستقبلا .

ويشدد أبو هين على أن إعطاء وزارة التربية والتعليم أسبوعا للأنشطة الحرة والترفيهية للأطفال, له آثار ممتازة, يمكنها أن تجعل للمدرسة مكانا صديقا وأمنا للطفل, ولكنها ليست كافية لأن حجم الخطر يتجاوز عشرات أضعاف البرامج التي قدمت للأطفال خلال هذا الأسبوع .

ويضيف المختص النفسي : يمكن تقسيم الأطفال لثلاثة فئات, فئة الأطفال الذين تأثروا بشكل مباشر بالحرب, بقصف منازلهم واستشهاد أحد من أفراد عائلاتهم, والفئة الثانية المستهدف أقاربهم, والفئة الأخيرة  التي  لم تشعر بالخوف وتشعر ببعض الأمان, بمعنى أن هناك عدة برامج يمكن أن تفيد كل هذه الفئات من خلال الألعاب والفضفضة داخل المدرسة.

ويؤكد أبو هين على ضرورة التوعية المتواصلة من قبل الاهل, ومعرفة كيفية التعامل مع الظروف التي طرأت على الطفل, بالإضافة للدور المطلوب من الأستاذ أو المرشد النفسي الذي يقدم الاهتمام والرعاية الازمة للأطفال.