غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر مجموعة من المساكين .. نحن..!!

 بقلم/ أكرم عطا الله

لست مأخوذاً بالشعارات الكبيرة لأن التجربة المكثفة تسحبك أحياناً لتجد نفسك تلميذاً في مدرسة الواقعية السياسية، لست معجباً بعنتريات الفصائل الفلسطينية التي تمارسها ضد بعضها والتي تستدعي أحياناً ما نسيناه في طفولتنا في صراعات الحواري وأدرك أن الأمر أحياناً ليس أكثر من "أسد علي ....." فيما ننكشف أمام موفد دولة أو عاصمة ، نتلبد أحياناً أمام سلوك نكاد ننفجر منه ونبتلع ألسنتنا ضعفاً.

إن صح الحديث عن تسليم قطر قائمة لحركة حماس تطالبها برحيل عدد من قادتها فهذه تضيف الى اهانتنا جميعاً وليس حماس فقط واحدة جديدة كأن الفلسطيني أصبح طريداً من كل العواصم ويبدو أن الخبر صحيح لأن اسرائيل التي تتواصل مع الدوحة أكدت الخبر في موقع واللا وأيضا رئيس المعارضة الاسرائيلية هرتسوغ الذي رحب بالخطوة وكذلك تسيبي ليفني.

ذات مرة أصيب القيادي الكبير فيصل الحسيني بجلطة لدى زيارته للكويت وهي أول زيارة لفلسطيني بهذا المستوى لتلك الدولة بعد الخلاف الحاد بينها وبين القيادة الفلسطينية التي غامرت بتأييدها احتلال الكويت يبدو حينها أنه سمع لكلاماً صعباً وقاسياً لم يحتمله ليموت قهراً كانت تلك لحظة مدعاة للحزن ، لا يختلف المشهد كثيراً من طلب الدوحة مغادرة حماس وهنا الأمر يتساوى بين الأختين المتصارعتين بلا رحمة.

قطر تسلمنا قائمة الرحيل ونستجيب بصمت الذي لا خيار له سوى استمرار الرحيل كما سيرة شعب أصبح هذا قدره الوحيد ، وجيسون غرينلات يسلمنا قائمة شروط وتستجيب للتنفيذ ويمكن أن نحصي الكثير مما تجرعناه مرغمين نبتلع اهانتنا ببكاء خافت حتى دون أن نتمكن من الاعلان عنها أو اعتراضنا عليها ، نخفي مشاعرنا الغاضبة والممتلئة حزناً حد الانفجار لكننا لا نستطيع الانفجار لأننا أكثر ضعفاً أمام كل الخصوم وأمام كل الأصدقاء حتى.

لنهبط قليلاً من سماء الادعاء نحن بحاجة الى تأمل ذاتنا المقهورة بفعل التاريخ الذي لم يكف عن التواطؤ علينا، علينا أن نتوقف ونتحسس الجدار الأخير الذي يستند عليه ظهرنا بعد أن دفع الجميع جميعنا نحو الحائط بلا كثير من التفاؤل، نحن في أسوأ أحوالنا ضغوطات من كل الاتجاهات ولا مجال للتشفي لأن كل ثيراننا تقف على عتبة المذبح والسكين واحد أو مرجعية واحدة لكل السكاكين التي تتأهب لجزنا ونحر مشروعنا.

هناك عاصفة سياسية بات من السهل قياس سرعة رياحها التي تعصف بالعواصم التي تضحي بنا لتخفيف حمولة زائدة حتى لا يغرق مركبها وتضرب مباشرة جلدنا العاري لنوقف رواتب الأسرى لأننا فقدنا القدرة على ممانعة أي شيء وسط هذا الهدير الجارف ببساطة لأننا فقدنا مناعتنا الداخلية قبل كل شيء فذهبت ريحنا.

وسط هذا الواقع وبواقعية شديدة تبدو كل الكلمات الصاخبة والصارخة التي نطلقها ضد بعضنا مدعاة للسخرية والحزن في آن واحد ، حالة استئساد كل منا ضد الآخر وادعاء امتلاك القوة أصوات لا تتوقف عن الصراخ والشتم فكيف يمكن فهم مفارقة الضعف والقوة التي تلبستنا دون أن نشعر، الضعف أمام أي آخر والقوة الطاغية ضد بعضنا.

علينا أن نكف عن هذا العبث، أن ننظر لأنفسنا جيداً في مرآة كبيرة وأن نرى كيف تتقاذفنا العواصم وكيف يركلنا كل من يشاء دون أن نصرخ بالشكوى، أن نرى كيف بددنا بأيدينا حصننا المنيع الذي كان يوماً وكيف هدمنا معبد وطننا المقدس؟ الوحدة التي كانت على امتداد تاريخنا سلاحنا الوحيد عندما كانت تهب العواصف والعواصم كنا نشبك أيدينا ونصمد، علينا أن نرى كيف أصبحنا بوزن الريشة وكيف تتقاذفنا الرياح.

لا خيار أمام الرئيس سوى الشراكة ليتمكن من مواجهة الضغوطات ليتحجح بها أمام من يريد منه التنازلات تماما كما يستغل الاسرائيليون شراكة المعارضة مثلما يفعل نتنياهو الذي يبرر تصلبه حتى لا تسقط الحكومة بسبب المعارضة ولا خيار أمام حماس سوى أن تكون جزء من الشراكة لتجد أرضاً تقف عليها بدل أن تستمر في صحراء السياسة ذات الرمال المتحركة التي تسحبها كل مرة باتجاه، الواقع أكثر صعوبة مما نعتقد وعلى الجميع، ومن اعتقد يوماً أن لوحده قادر على بناء الأوطان والمواجهة سيكتشف الآن أنه يدفع ثمن اعتقاده، وعندما يكتشف ماذا سيفعل هذا هو السؤال والاجابة لا تحتمل كثير من الوقت لأن حركة الاقليم أسرع مما تخيلنا وخارطة التحالفات تتغير بلا شعارات كبيرة وبلا وهم وانتفاخ للذات نحن مساكين حقاً ويمكن أن نكون غير ذلك..!!

المقال يعبر عن رأي كاتبه

نقلا عن نبأ برس

 

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".