غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر (قصة) "خلود".. رفضت ابتزاز الاحتلال على "إيرز" ثم ماتت بكرامتها

شمس نيوز/ توفيق المصري

أزهر في قلبها الفرح، وغابت الأوجاع حينًا رغم شدتها مع سماعها أنها أخيرًا ستحصل على تصريح لتلقي جرعة من الحياة في إحدى المستشفيات الفلسطينية في القدس المحتلة.

قف وأطلق العنان لمخيلتك، واطرق أبواب المرض للحظة، والعق مرارة الكيماوي وتساقط خصلات الشعر؛ مؤلمة حقا هذه التجربة من التخيل، فكيف لمن عاشوها وباتوا ينتظرون جرعة أخرى من الحياة، تلك الحياة التي تصطدم دومًا بالاحتلال.

في يوم ليس ببعيد، استفاقت الثلاثينية خلود السعيدني من مخيم البريج وسط قطاع غزة، على فاجعة الإصابة بمرض السرطان، فسارعت ملهوفة للبحث عن العلاج، دون أن تعلم بأن الأمر ليس بذات السهولة الذي توقعته.

"ألو.. خلود أنت مطلوبة لمقابلة المخابرات الإسرائيلية في معبر بيت حانون، وستحصلين بعدها على تصريح للعلاج".. قبل أشهر قليلة باغت خلود هذا الاتصال الهاتفي، الذي أشعل داخلها الأمل، وبدا لها أن الكون صغير إذ ما قورن بفرحتها، ولوهلة شعرت أن المرض بدأ بالتلاشي منها.

الليلة الأخيرة.. كعروس بعد زفة حناء، الفرح يصبو داخلها، حتى جفناها لم يلتقيا، بانتظار موعد الفرح في يوم غد، والذي بمخيلتها ستزف فيه على كرسيها المتحرك الذي سيعينها لتلك اللحظة حتى تستنشق عبير الفرح فيها، وتركض على قدميها تاركة ذلك الكرسي الذي أجبرها المرض على اقتعاده.

في طريقها، كانت ترسل خلود أنغامًا "يا أمي سأتعافى، وترد والدتها الحمد لله أخيرًا"، وتذرف الدمع وتخبئه لئلا تنغص عليها فرحتها.

وعلى بعد أمتار قليلة من الحافلة التي تقل المرضى من داخل معبر بيت حانون "إيرز" إلى القدس، أوقفها أحد ضباط المخابرات الإسرائيلية، دون أن تعلم أن أمامه سينتهي طريق الأمنيات والآمال بالتعافي.

ترقبت خلود ما سيقوله ضابط المخابرات الإسرائيلية، بعد أن مد يده في جيبه، وأظهر لها صورة لأحد الأشخاص، فسألها وهو يشير إلى وجهه، "هل تعرفينه؟"، فأخبرته بلغة جازمة أنها لا تعرفه.

لم يهدأ بال الضابط، بعد صيغة الثقة الفلسطينية التي هزت كيانه، فوضع خلود أمام خيارين، إما الإدلاء بمعلومات عن الشخص أو المغادرة للبيت، فاختارت المغادرة للبيت، وتقدمت بطلب لتصريح جديد، لكنها لم تستلمه، حتى غادرت الحياة، يوم الإثنين الماضي.

على صفحة خلود في فيس بوك، كلمات نثرتها مواقفها كانت كفيلة بخطها، حتى بعد مفارقتها للحياة، "فلسطينية وأفتخر، والموت بعزة وكرامة وشرف ودين"، رفضت على المساومة بضميرها ووطنها، وآثرت الرحيل بكرامة وثبات.