شمس نيوز/وكالات
يبدو أن ولي العهد السعودي محمد بن نايف لم يتنحى راغبًا لابن أخيه الشاب الطموح محمد بن سلمان، إذ تكشف تفاصيل روتها وكالة "رويترز" للأنباء أن الملك سلمان بن عبد العزيز أمره خلال اجتماع في اليوم الحادي والعشرين من يونيو للتنحي؛ "لإدمانه العقاقير المسكنة".
وذكرن "رويترز" نقلًا عن مصدر مقرب من الأمير محمد بن نايف، أن الملك أمره في الاجتماع بالتنحي لصالح ابنه الأثير الأمير محمد بن سلمان؛ لأن إدمانه العقاقير المسكنة يؤثر على حكم ولي العهد على الأمور وتقديره لها.
وقال المصدر "الملك جاء للقاء محمد بن نايف وكانا وحدهما في الغرفة وقال له: أريدك أن تتنحى، لأنك لم تستمع للنصيحة بأن تتلقى العلاج من إدمانك الذي يؤثر بصورة خطيرة على قراراتك".
لكن مسؤول سعودي كبير قال إن الرواية بأكملها "لا أساس لها وغير صحيحة فضلا عن كونها هراء".
وأضاف المسؤول، أن محمد بن نايف أُعفي من منصبه لاعتبارات المصلحة الوطنية ولم يتعرض لأي "ضغط أو عدم احترام". وأضاف المسؤول أن أسباب الإعفاء "سرية".
لكن مصادر مطلعة أفادت بأن الملك كان عازما على تصعيد ابنه لولاية العرش واستغل مشكلة محمد بن نايف مع الإدمان للإطاحة به.
وأبلغ ثلاثة أشخاص مطلعين على ما يدور في البلاط الملكي وأربعة مسؤولين عرب على صلة بأسرة آل سعود الحاكمة ودبلوماسيون في المنطقة "رويترز" أن محمد بن نايف فوجئ بتلقيه أمرًا بالتنحي.
وقال مصدر سياسي سعودي مقرب منه "كانت صدمة لمحمد بن نايف. كان انقلابًا. لم يكن مستعدًا".
ووضع هذا التغيير الذي ينطوي على مخاطر كبيرة سلطات واسعة في يد محمد بن سلمان الذي لم يتجاوز من العمر 32 عامًا ويستهدف فيما يبدو الإسراع بوصوله إلى العرش.
وأكد المصدر المقرب من محمد بن نايف، بأن لديه مشكلات صحية زادت بعد محاولة مهاجم من تنظيم القاعدة تفجير نفسه أمامه في قصره عام 2009. وأكدت ثلاثة مصادر أخرى في السعودية والمسؤولون العرب الأربعة الذين لهم علاقة بالأسرة الحاكمة هذه المشكلات الصحية.
وقالت المصادر إن هناك شظية مستقرة في جسد محمد بن نايف لم يتسن إخراجها وإنه يعتمد على عقاقير مثل المورفين لتخفيف الألم. وأضاف مصدر أن بن نايف عولج في مستشفيات في سويسرا ثلاث مرات في السنوات القليلة الماضية.
انقلاب قصر: عزل بن نايف وقطع الاتصالات
تحرك العاهل السعودي قبل اجتماع لمجلس الشؤون السياسية والأمنية كان مقررًا أن يبدأ في الحادية عشرة مساء. لكن قبل ذلك بساعات قليلة تلقى بن نايف ما اعتبره اتصالًا هاتفيًا عاديًا من محمد بن سلمان وأخبره بأنه يريد مقابلته.
وفي الساعات التي تلت الاجتماع الذي شهد عزل محمد بن نايف جرى إطلاع مجلس البيعة، الذي يتألف من كبار أعضاء أسرة آل سعود، على رسالة ممهورة بتوقيع الملك.
وجاء في الرسالة التي صاغها مستشارو محمد بن سلمان أن بن نايف يعاني من مشكلة صحية وهي إدمان العقاقير وأنه جرت محاولات منذ أكثر من عامين لإقناعه بالتماس العلاج لكن دون جدوى.
ونقل المصدر المقرب من محمد بن نايف مقتبسات من الرسالةتقول إنه "نظرا لهذا الوضع الصحي الخطير تعين إعفاؤه من منصبه وتعيين محمد بن سلمان مكانه".
تليت الرسالة عبر الهاتف على أعضاء هيئة البيعة بينما ظل محمد بن نايف معزولًا في غرفة طوال الليل وتم سحب هاتفه المحمول وقطع الاتصال بينه وبين مساعديه واستبدال حراسه من وحدات القوات الخاصة في وزارة الداخلية.
وأرسل القصر مبعوثين إلى أعضاء هيئة البيعة للحصول على توقيعاتهم. ووقع جميع الأعضاء وعددهم 34 باستثناء ثلاثة ونجحت الخطة.
وسجلت مكالمات أعضاء هيئة البيعة المؤيدين لعزل الأمير محمد بن نايف وأذاعها عليه مستشار للديوان الملكي لإظهار شدة القوى المؤيدة لتنحيته وإثناء ولي العهد البالغ من العمر 57 عامًا عن أي رغبة في المقاومة.
وبحلول الفجر كان الأمير محمد بن نايف قد استسلم وأبلغ مستشارًا للديوان الملكي بأنه مستعد لمقابلة الملك. كان الاجتماع مقتضبًا ووافق بن نايف على التنحي وتوقيع وثيقة تفيد بذلك.
وقال المستشار إنه حين غادر محمد بن نايف مقر إقامة الملك فوجئ بالأمير محمد بن سلمان في انتظاره. واحتضن الأمير محمد بن سلمان الأمير محمد بن نايف وقبله بينما سجلت كاميرات التلفزيون المشهد.
وبعد قليل صدر بيان معد مسبقا يعلن قرار الملك سلمان تعيين ابنه وليا للعهد. كان هذا هو المقطع الذي أذاعته وسائل الإعلام السعودية والخليجية في الساعات والأيام التالية.
قيد الإقامة الجبرية
قال المصدر إن الأمير محمد بن نايف لا يزال قيد الإقامة الجبرية ليظل معزولًا بعد الإطاحة به ولا يسمح له باستقبال زوار باستثناء أفراد أسرته. وأضاف أنه لا يتلقى اتصالات هاتفية. وفي الأسبوع الأخير لم يسمح له إلا بزيارة والدته المسنة بصحبة الحراس الجدد الذين كلفوا بمرافقته مؤخرًا.
وذكر المصدر أن الأمير محمد بن نايف يود أن يصطحب أسرته إلى سويسرا أو لندن لكن الملك سلمان وابنه الأمير محمد قررا أنه يجب أن يبقى. وأضاف المصدر "لم يكن أمامه أي خيار".
وقال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية إن واشنطن كانت تعلم أن الأمير محمد بن سلمان هو المفضل لدى الملك لكن ما هو أكثر من هذا "يلفه غموض شديد".
وذكرت المصادر أن مسألة الخلافة بدأت عام 2015 عندما تم حل ديوان الأمير محمد بن نايف ودمجه مع الديوان الملكي مما حال دون أن يحشد الأمير دعما مستقلا. وتبع هذا عزل سعد الجابري المستشار الأمني للأمير محمد بن نايف.
ما علاقة كوشنر؟
وحين دخل الرئيس دونالد ترامب البيت الأبيض نجح الأمير محمد بن سلمان في إقامة اتصالات مع واشنطن لمعادلة الدعم القوي الذي كان يتمتع به محمد بن نايف في المؤسسة الأمنية والمخابراتية الأمريكية نتيجة نجاحه في التغلب على تنظيم القاعدة بالمملكة.
وقال المصدر القريب من محمد بن نايف لرويترز، إن عملية التغيير مضت قدما بعد أن أقام محمد بن سلمان علاقة قوية مع صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر.
ورفض مسؤول في البيت الأبيض التعليق عندما سئل عن علاقة كوشنر بمحمد بن سلمان.
وقال المسؤول في إشارة إلى إعفاء محمد بن نايف من ولاية العهد وتعيين محمد بن سلمان بدلًا منه "حرصت حكومة الولايات المتحدة أيضا على عدم التدخل أو أن ينظر إليها على أنها تتدخل في مثل هذا الشأن الداخلي الحساس. نكن احتراما كبيرا للملك وللأمير محمد بن نايف والأمير محمد بن سلمان وأكدنا دوما رغبتنا في مواصلة التعاون مع المملكة العربية السعودية وقيادتها. تم توصيل هذه الرسالة على جميع مستويات الحكومة"
ومع صعود محمد بن سلمان المفاجئ تسري تكهنات الآن بين دبلوماسيين ومسؤولين سعوديين وعرب بأن الملك سلمان يستعد للتنازل عن العرش لابنه.
وقال مصدر سعودي نقلا عن شاهد بالقصر الملكي إن الملك سلمان سجل هذا الشهر بيانًا يعلن فيه التنازل عن العرش لابنه. وقد يذاع هذا الإعلان في أي وقت.. ربما في سبتمبر أيلول