قائمة الموقع

خبر هيبة الأردن في مواجهة ابتزاز "شريك السلام" الإسرائيلي

2017-07-25T08:42:13+03:00

المقال عن افتتاحية صحيفة "القدس العربي"

تجلًت مؤشرات ومظاهر الغرور الاسرائيلي بصورة واضحة وهي تتفاعل مع تداعيات جريمة سفارة تل أبيب في قلب العاصمة الأردنية عمان بعنجهية فجة، تعيد التذكير بأن اتفاقية وادي عربة التي وقعها الراحل الملك الحسين بن طلال لا تحمي الشريك الأردني من آثار وانعكاسات صلافة شريك السلام المزعوم.

الجريمة التي راح ضحيتها أردنيان سقطا بدم بارد برصاص حارس الأمن الإسرائيلي، التي ترفض حكومة نتنياهو إخضاعه للتحقيق، أو حتى لتقديم إفادة من باب ذر الرماد في العيون.

بعيدًا عن تفاصيل الجريمة الإسرائيلية الجديدة، فان الفرصة اليوم مواتية مجددًا لالتقاط ما هو جوهري في سياسات إسرائيل المعادية للأردن والأردنيين والتي لا تحترم، رغم التنسيق والتطبيع الأمني والبيروقراطي، مصالح المملكة العليا، رغم أن التعاون في كثير من حالاته يتخذ شكل الارتهان والتبعية.

إسرائيل أثبتت مجددًا في حادثة السفارة، أنها لا تعير اهتمامًا لمواثيقها ولا للقوانين الأردنية ولا حتى للتقاليد المألوفة بين الشركاء والجيران، حيث أن أنظمة القانون الأردني تصر على استجواب كل من يرتكب جريمة على الارض الأردنية، فيما دخلت إسرائيل فورًا وهي تحاول حماية حارسها القاتل في سياق عملية ابتزاز جديدة ببعدها السياسي والأمني، مجازفة كالعادة بهيبة القانون وصورة الدولة، وهذا ما حصل سابقًا عند قتلها الشهيد القاضي رائد زعيتر.

 لعبة الابتزاز اتضحت فورًا عندما اشارت صحيفة "يديعوت احرنوت" إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة، بصدد مقايضة جديدة على حساب شريك السلام الأردني، عنوانها رفع البوابات الالكترونية عن أبواب المسجد الأقصى، مقابل مغادرة حارس الأمن القاتل بدون خضوعه للتحقيق أو توقيفه.

 المؤسف أن قلة الحيلة والضعف في مواجهة الخصم الإسرائيلي قد يدفعان الحكومة الأردنية للتجاوب مع هذا الابتزاز الصلف في مشهد متكرر، نخشى أن يغذي عدة ازمات ويتسبب باحتقان شديد في بلد مثل الأردن تعاني مؤسساته وشعبه بسبب تداعيات الاحتلال الإسرائيلي.

واستبق اليمين الإسرائيلي المتشدد المقايضة بسلسلة تهديدات عدائية وخطيرة للأردن من بينها التهديد بقطع المياه عن الأردنيين إذا ما خضع الحارس القاتل إلى القضاء الأردني، وكذلك الاشارة الوقحة التي صدرت عن عضو كنيست صرح بأن إسرائيل تحمي مؤخرة الجار الشرقي وانه يحتاج لتأديب.

طالما تحدث سياسيون ومسؤولون أردنيون بقصة العلاقة الخاصة والمؤثرة مع دولة الكيان الاسرائيلي "العميقة"، لكن جريمة السفارة ومن حيث تفاصيلها القانونية والسياسية تضع العلاقة المزعومة في اختبار حساس وحرج، لأنه إزاء مثل هذه الحادثة وانعكاساتها الخطيرة على الشارع الأردني، يكون قد آن أوان الاستثمار في العمق المشار اليه، الأمر الذي يبدو أنه لا يحصل ولن يحصل.

لا جدل حول تضحيات الشعب الأردني في دعم القضية الفلسطينية ووقفته البطولية لنصرة المسجد الأقصى، ولابد أن تستكمل الحكومة الأردنية منع سفر الطاقم الامني القاتل قبل استكمال التحقيق.

 يعتبر هذا الإجراء "سياديًا"، فدم الأردنيين ليس رخيصا وتضحياتهم التاريخية كبيرة، والمعركة الجديدة مع اليمين المتشدد في تل أبيب تحتاجها الدولة الأردنية قبل شعبها حفاظا على المبادئ، والقانون، وحفاظًا على ما تبقى من سمعة عملية السلام والأهم هيبة الدولة الأردنية.


جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"

اخبار ذات صلة