شمس نيوز/ براء الوادي
تغيب مظاهر الحياة الطبيعية عن مخيم "نهر البارد" الواقع في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، وبالتحديد في بقعة منخفضة من منطقة "البطن السمين" على أرض حكومية، أي لا تعترف بقانونيتها البلدية هناك، رغم أنها تأوي 100 أسرة فلسطينية لاجئة.
وعائلات "النهر البارد" جميعها، تعيش تحت خط الفقر، داخل بيوت متهالكة، بناها أصحابها من "الزينكو" وبعض الحجارة، وسط ظروف اقتصادية بائسة، تنعكس على ملامح المخيم وأهله، إلى جانب انعدام المناخ "الصحي" اللازم، فتسلل الأمراض إلى الأجساد الضعيفة هو أكثر ما يقلق هذه الأسر بفعل تواجدها قرب أماكن ملوثة.
جغرافيًا، يُحاط المخيم بمقبرة من ناحية، ومكب للنفايات من ناحية أخرى، ويقع قرب أراض رملية (سوافي)، ينعدم وجود السكان فيها، منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005.
وتزداد مُعاناة سكان المنطقة مع وجود مكب نفايات بجوار بيوتهم التي يقطنون بها. يكدر حياتهم رائحتها الكريهة، وانتشار الأمراض بفعل القوارض والحشرات المنتشرة هناك، وتغيب أصحاب القرار عن قضاياهم وعدم مساعدتهم في ايجاد حلول لهم.
حشرات وقوارض**
السيدة، "أم عماد" إحدى سكان المنطقة، تتحدث لـ "شمس نيوز"، عن الشاحنات التي تأتي كل يوم لتلقي كمية كبيرة من النفايات، مما يزيد من كمية النفايات الموجودة داخل المكب، وهذه النفايات يجمعونها من مختلف أنحاء محافظة خانيونس.
وأضافت أم عماد، الرائحة الكريهة تزداد سوءًا بالمنطقة، مما يؤدي إلى انتشار الحشرات الضارة والسامة "كالبعوض والذباب وغيرها"، وفي أوقات كثيرة تمتد الرائحة الكريهة إلى المناطق المجاورة مما يزعج السكان بشكل كبير ويؤثر عليهم.
ويقول الشاب "صبري العقاد" أحد السكان أيضًا (23عامًا)، المكب يبتعد عن بيتي مسافة لا تزيد عن 15 متر، والرائحة الكريهة دائمًا موجودة ومع تزايد انتشار الأمراض بسبب المكب المجاور للمنطقة أصبحت أخاف على ابنتي التي لم يبلغ عمرها سنة من أن تصاب بمرض أو تختنق.
لا تغني أو تقي**
وأضاف العقاد، الأسبوع الماضي في موجة الحر لم نستطع تحمل حرارة الجو والرائحة الكريهة، خصوصًا أن جميع البيوت في المنطقة مبنية من الواح الـ "زينكو" وغير مسقوفة، باستثناء شرائح القماش المهترئة والنايلون الذي لا تغني من برد الشتاء أو حر الصيف.
ويتابع متسائلا" :لا نعرف ماذا نفعل هل نخرج من البيت بسبب ارتفاع حرارة الجو، أم نبقى في الداخل هروبًا من رائحة المكب الكريهة المتزايدة مع حرارة الجو؟".
وتابع العقاد، كل فترة يتم حرق النفايات داخل المكب مما يزيد بشكل كبير من الرائحة والأمراض المنتشرة، وهروب السكان خارج المنطقة.
ويقول "ناجي زعرب" (56عاماً)، يوجد العديد من الأمراض التي أصابت أطفالنا بسبب الجراثيم الناتجة عن المكب، وقدمنا عدة شكاوى للبلدية ولوكالة الغوث، ولكن لم يستجب لنا أحد ولم ينظروا إلينا، ومنطقتنا لا يوجد بها صرف صحي مما يجعل الحياة فيها منعدمة تمامًا.
غير قانوني**
وتابع زعرب، منطقتنا مهمشة من قبل البلدية والحكومة ووكالة الغوث ومن جميع الجهات، ومنطقتنا تقع بين مكب نفايات ومقابر الأموات.
في سياق ذلك، التقت "شمس نيوز"، مع الدكتور يوسف شبير مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية خانيونس، الذي أوضح أن كمية النفايات التي يتم ترحيلها من مدينة خانيونس تتراوح ما بين 140الى 150 طن يوميًا، فالمكبات العشوائية تم القضاء عليها بنسبة كبيرة جدًا، وما يتم جمعه يتم ترحيله يومياً إلى مكب صوفا أو مكب دير البلح.
ويضيف شبير، أن ما هو موجود من نقاط عشوائية هي نتيجة مخلفات من المواطنين، هم من يقومون بإلقاء هذه النفايات في مناطق عشوائية، ونحن نعمل جاهدين بالقضاء على هذه المكبات العشوائية.
وأشار مدير دائرة الصحة والبيئة في البلدية، إلى أن هناك بعض المعوقات التي تواجه عمل الدائرة في منطقة النهر البارد فهي منطقة عشوائية لا توجد لنا أي خدمات فيها، فقط قام بعض المواطنين بالسيطرة عليها، فهي منطقة زراعية ضمن الأراضي التابعة للبلدية، ولكنها منطقة نائية جدًا
وذكر شبير أن، منطقة النهر البارد غير قانونية والمواطنين الذين يقطنون بها لم يتوجهوا إلى البلدية لتقديم شكوى بأنهم يعانون من مكب القمامة، والبلدية تخدمهم بشكل مجاني، معقبًا: فنحن نرحل القمامة كل عشرة أيام، فنحن ننتظر منهم التوجه ودفع رسوم رمزية عشرة شواكل لكل بيت، فهذه المنطقة غير قابلة لسكن ولا يوجد أي دور للبلدية أو خدمات لسكان في هذه المنطقة.