شمس نيوز/ ولاء جبريل
يوم تجمع أطفاله حواله "بابا بدنا نطلع على البحر"، لم يتوقع أحمد السايس من سكان حي الزيتون جنوب غزة، أن تلك اللحظات بداية قصة مؤلمة ستظل راسخة في ذاكرته.
بعد إلحاح، أذعن السيد أحمد لطلب أطفاله واسطحهم إلى شاطئ بحر غزة، رغبة في الترفيه عنهم في ظل الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي وارتفاع درجات الحرارة.
عادت العائلة إلى منزلها، ويوم مر على عجل، لكنه توقف عند طفلهم أحمد والبالغ من عمره (6 سنوات)، والذي ساءت أحواله، وحاروا مما أصابه.
يقول والد الطفل، لـ "شمس نيوز": "عندما ذهبت بابني محمد إلى المستشفى لم أتوقع أن تكون حالته خطيرة إلى هذه الدرجة.. جاء الأطباء وقاموا بمعاينته أكثر من مرة، وفي كل مرة كانوا يقولون كلامًا لا يوافق كلامهم السابق، وكان أكثر ما تردد على لسانهم، هو أن محمد لديه جرثومة في الدماغ بسبب مياه البحر العادمة"، يقول أحمد لـ"شمس نيوز" وهو يسمح دموعه.
تجمعت كل فصول المعاناة، أمام محاولات إصدار العائلة تحويلة طبية لعلاج فلذة كبدهم بالخارج، إلا أن المماطلة "أجبرت الطفل على المكوث في العناية المركزة في مستشفى (الدرة) تسعة أيام، كانت تمر على عائلته وكأنها سنوات"، كما يقول والده.
راحة وسكينة، دخلت قلب والد الطفل محمد ووالدته، بعد أن حصلوا وبصعوبة على نموذج الرقم (1)-الذي يعني حصوله على الموافقة للخروج للعالج بالخارج-، واعتبروا بهذا النموذج ستتحسن أحوال طفلهم وسيخرج للعلاج.
يوضح أحمد، "بعد أن أصدر الأطباء ذلك النموذج، سلموني ورقًة بأن أذهب به العيادة الخارجية، ليوقعوا عليها بخروج محمد للعلاج بالخارج، لأن حالته الخطيرة لا تستوجب الانتظار في القطاع المحاصر الذي لا يتوفر في مستشفياته أدنى مقومات الحياة الصحية من أدوات وأجهزة طبية تعالج مرضاه".
ويُكمل: "بعدما أخذت الورقة، في صباح يوم الثلاثاء الماضي، ذهبت بها مسرعًا لتلك العيادة، علها تكون قارب النجاة لطفلي، وقالوا لي ارجع غدًا؛ لأن اللجنة تكون موجودة يوم الأربعاء، وهي من ستوقع على ورقة ابنك".
تم التوقيع على الورقة، سيغادر محمد صباح الخميس إلى الضفة الغربية..لكن هذا لما لم يحدث أبدًاز
وفي الخميس المقرر، أخبرت العيادة الخارجية أحمد السايس "أنه ليس هناك أيّة مستشفى في الضفة تريد استقبال محمد، لعدم توفر مكان لحالة طفله، وعليه الانتظار".
ويعلق والد الطفل: "ظلت اللجنة تماطل، ووزارة الصحة في رام الله تتأخر في الرد وتؤجل بالملف، والحالة تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، إلا أن فارقت روح محمد جسده، وصعد للعلياء عند رٍب لا يُظلم عنده أحدًا".
ويتابع وقد وضع يديه على خديه، كورقة سقطت من غصن، "لم أكن أعلم بأن ترفيهي عن عائلتي، والذهاب لشاطئ البحر، سيحكم على طفلي بالموت"، يصمت ويكمل بحالة هستيرية: "أنا لم أرد شيئًا سوى رسم البسمة على وجه طفلي وعائلتي".
الجدير بالذكر، أن وزارة الصحة برام الله، أوقفت قبل عدة شهور مئات التحويلات الطبية العاجلة عن مرضى غزة، وحرمت مستشفيات القطاع من عشرات أصناف الأدوية أهمها أدوية أصحاب الأمراض الخطيرة، ما أدى لوفاة وتدهور حالة العشرات منهم.