بقلم: يوسف رزقة
سنوات طويلة تلك التي أمضتها السلطة في مفاوضات مع الطرف الإسرائيلي على قاعدة حل الدولتين الذي طرحه الرئيس الأميركي بوش الابن. لم تسفر عشرون سنة أو تزيد عن أي تقدم حقيقي في مشروع حل الدولتين. قلنا وقال محللون كبار إن حكومات اليمين لا تؤمن بمشروع حل الدولتين، وإن الرئيس الفلسطيني يجري خلف سراب يحسبه ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا.
كان الرئيس عباس يرفض كلام المحللين، وربما كلام بعض الفصائل، ويسافر لدول الخارج لجلب تأييدها لمشروع حل الدولتين، وكثيرًا ما طالب (إسرائيل) أن تقف عند حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧م، مع إبداء موافقته على تبادل أراضٍ بالقيمة والمثل، وبذل كل ما يستطيع لكي تتفهم حكومة الاحتلال المطالب الفلسطينية، بحسب قرارات الشرعية الدولية، وأنه يتمسك بحدود ٦٧ حدودًا للدولة الفلسطينية، وكانت حكومات العدو تناور وتستهلك الوقت من أجل توسيع الاستيطان وعمل كل ما يلزم من إجراءات تمنع التواصل في الضفة، وتمنع فرص قيام دولة فلسطينية.
ما كانت حكومات الليكود واليمين تقوم به سرًا ودون إعلان، تقوم الآن بشكل علني، فما إن جاء اليوم المناسب حتى صوت حزب الليكود الحاكم الذي يرأسه رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو على قرار يرفض بالمطلق إقامة دولة فلسطينية غربي نهر الأردن؟!
كانت إذًا لعبة حل الدولتين مناورة من حكومات تل أبيب للاستفادة من الوقت، وتوسيع الاستيطان في أرجاء مختلفة من الضفة والقدس، وانتظار التوقيت المناسب للإفصاح عما يخبئه الليكود، وها قد جاء الوقت المناسب، وتم الإعلان عن رفض قيام دولة فلسطينية غرب نهر الأردن، وبالتالي وضع القرار محمود عباس في موقف من عليه أن يقدم لشعبه ردًا واضحًا وشافيًا، كيف سيتعامل مع قرار الليكود، في ظل رئاسة نتنياهو الرجل الأول في حزب الليكود الحاكم؟!
هل من طريق أمام السلطة يمكن أن تسير فيه في ضوء هذا القرار، أم هل سيلجأ محمود عباس إلى حل السلطة، أم هل لديه فرصة أخرى للاستعانة بالمجتمع الدولي للضغط على حكومة تل أبيب للتراجع عن قرار رفض قيام الدولة الفلسطينية؟!
إن حكومة الليكود واليمين تطرح بدائل لحل الدولتين. إن توجهات حكومة إسرائيل تتجه نحو الحلول الإقليمية والاقتصادية، والحكم الذاتي، الذي لا يرقى لقيام دولة فلسطينية ذات سيادة، وذات علاقات خارجية دولية. وقد دعا الليكود إلى ضرورة الاستعداد لانهيار السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، من هنا نفهم لماذا رفضت (إسرائيل) المبادرة العربية، وغيرها من المبادرات الداعية لاستئناف المفاوضات على قاعدة حل الدولتين. حيث كشف قرار الليكود أنه لا دولة فلسطينية غربي النهر، وأنه لا عودة أيضا لحدود ١٩٦٧م.
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"