شمس نيوز/ تمام محسن
تصوير/ حسن الجدي
كمشهد مجمّد من القرن الماضي تبدو مخيمات قطاع غزة، صباحًا، في ظل غياب المياه عن غالبية المنازل في المخيم، يحمل الغادين والرائحين "سطول" المياه متنقلين بها من منزل لآخر.
تحمل سيدة ثلاثينية مع اثنين من أطفالها "كالونات"، و" زجاجات" معبأة بالمياه إلى منزلها، ستكون زادها طيلة النهار بعد انقطاع المياه لأكثر من يومين عن المنزل.
وتقول أم العبد بانزعاج بادٍ على ملامح وجهه:" إذا أجت المية (المياه) بتقطع الكهرباء وما بنلحق نعبي الخزانات، وإذا أجت الكهرباء بتقطع المية".
ويهدد استمرار انقطاع التيار الكهربائي عن قطاع غزة، خدمات المياه المقدمة لنحو مليوني شخص في القطاع، والذي يعاني بالأصل من عجز مائي يقدر بـ 100 مليون متر مكعب سنويًا، فضلًا عن أن مجمل المياه التي يتم إنتاجها غير صالحة وغير مناسبة بنسبة 95 %، والـ 5 % الصالحة مهددة بالتلاشي، وفق مصلحة مياه بلديات الساحل.
لكن لم تعدم السيدة أم العبد وسيلة أخرى لتوفير المياه، فلجأت مضطرة إلى شركات تحلية المياه لتوفير حاجتها من المياه، ما يشكل عبئًا ماليًا إضافيًا.
وتتزايد احتياجات المواطنين للمياه في فصل الصيف الذي يحل هذا العام ضيفًا ثقيلًا في ضوء تفاقم أزمة الكهرباء لتصل إلى أقل من أربعة ساعات وصل طوال اليوم.
ليس بعيدًا من منزل أم العبد، يحتاط محمد أبو عودة لنفاذ وشيك وحتمي لخزانات المياه في بيته، ويقوم بنقل المياه "البلدية" في وقت انقطاع الكهرباء، يدويًا، إلى خزان احتياطي نصبه أمام منزله.
ويقول أبو عودة الذي يتشارك منزله مع اثنين من اخوته وعائلاتهم:" ننام بدون كهرباء أفضل من أن ننام عطشانين".
في السياق، حذرت مصلحة مياه بلديات الساحل، من أن تجدد أزمة الكهرباء، يُنذر بحدوث أزمة حقيقية ستؤدي إلى تراجع كبير على جودة الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين.
وأوضحت، في بيان سابق، أن كافة مرافق مصلحة المياه والبلديات وأعمالها مرتبطة بالتيار الكهربائي بالدرجة الأولى.
وقالت إن استمرار هذه الأزمة سيؤدي الى تخفيض عمل آبار المياه ومحطات ضخ المياه بنسبة 60% ومحطات التحلية بنسبة 80% من طاقتها.
هذا ولا يعتمد الغالبية العظمى من سكان القطاع على المياه التي تصلهم من البلديات في الشرب، حيث يشترون المياه بواسطة شركات خاصة تعمل على تحليتها، فيما يقتصر استخدام مياه "البلدية" لأغراض التنظيف، وهو ما يزيد من الأعباء المالية على السكان.
ويعاني قطاع غزة منذ ثماني سنوات، من أزمة كهرباء خانقة، وصلتها ذروها خلال نيسان/أبريل المنصرم مع توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع بسبب نفاذ الوقود، وإعادة فرض ضريبة "البلو".
ويحتاج القطاع إلى نحو 400 ميغاوات من الكهرباء، لا يتوفر منها سوى 212 ميغاوات، توفر "إسرائيل" منها 120 ميغاوات، ومصر 32 ميغاوات (خاصة بمدينة رفح)، وشركة توليد الكهرباء 60 ميغاوات.