بقلم: موشيه العاد
هناك عدد من السيناريوهات لليوم التالي لمحمود عباس، لكن الأمر الأكيد هو وجود الفوضى وعدم الهدوء.
اعتاد مقربون من محمود عباس على القول إنه عندما يقرر الانسحاب فإن هذا لن يكون بسبب وضعه الصحي، بل بسبب اليأس من فكرة كونه رئيس دولة فلسطين الأول. فكرة أن يكون الرئيس الفلسطيني الأول الذي سيقوم بقراءة وثيقة الاستقلال الفلسطينية في شرقي القدس هي فكرة لن تتحقق. صحيح أن أبو مازن هو شخص مريض ومستنزف، والأشخاص الذين يشبه وضعهم الصحي وضعه يعيشون منذ زمن على اجهزة التنفس وعلى الكراسي المتحركة. وفي الوقت الحالي يتردد محمود عباس بين الحصول على العلاج في تل أبيب أو في عمان.
إن إرهاق عباس ينبع من الضغط النفسي الكبير، وحجم الضغط الذي تعرض له في الأشهر الأخيرة لا يستطيع تحمله من هم أصغر منه.
وقد بدأ ذلك بطلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوقف عن دفع رواتب الأسرى في السجون. وهذه الخطوة لا يستطيع أي رئيس فلسطيني القيام بها، سواء في الوقت الحالي أو مستقبلا. فهي تعتبر انتحارا سياسيا. وقد أدار السيسي ظهره لمحمود عباس واهتم بالاتفاق مع حماس، وخصمه محمد دحلان يقول له إنه جاء من أجل السيطرة على غزة بدعم من مصر والإمارات. وكانت الذروة بالطبع هي أزمة المسجد الأقصى التي أظهرت أنه لا أحد يهتم بالفلسطينيين. وقد كان هناك تعاطي مع كل العرب، لا سيما الأردن ومصر ودول الخليج والأوقاف الاسلامية، لكن لم يتم التعاطي مع السلطة الفلسطينية. ولهذا يبدو أن أبو مازن قرر الاستقالة.
يجب على واشنطن والعواصم الغربية والقدس الاستعداد لليوم التالي لمحمود عباس، خاصة لأنه مثل سلفه عرفات، لم يعين وريثا له. والسيناريوهات في هذه الأثناء أكثر مما كانت في السابق. فمحمود عباس هو آخر القادة الذين سيطروا بفضل الشخصية وليس بفضل المكانة، ولا يمكن مقارنته بسلفه الكاريزماتي. ويمكن القول إن الزعيم الفلسطيني القادم سيضطر إلى تبني الطرق الديمقراطية العربية الأخرى، وأن يحيط نفسه بجيش من الحراس والأجهزة الأمنية والاستخبارات في كل زاوية وكل شارع.
السؤال الرئيس هو من الذي يمكنه أن يستبدله؟ يبدو أن مروان البرغوثي فقد مؤخرا الكثير من قوته. وإضافة إلى ذلك لا أحد في الطرف الاسرائيلي ينوي إطلاق سراحه. ومحمد دحلان لديه الكثير من المال والكثير من الأعداء. ويجب أن لا ننسى أن أبو مازن هو الذي قام بإبعاد دحلان وطلب منه مليار دولار بسبب الفساد. القائد الغزي الذي غادر في حزيران 2007 وتسبب بمواجهات وقتلى بين حماس وفتح في القطاع، يمكنه العودة إلى رام الله فقط بمساعدة المال من أجل شراء المؤيدين من النخبة الأمنية والسياسية في السلطة الفلسطينية. وإذا كان عباس سيكون على قيد الحياة عند وصول محمد دحلان إلى المقاطعة، فإن هذا سيعمل على تقصير حياته.
هناك أشخاص في السلطة الفلسطينية يعتبرون أنفسهم ورثة محتملين، لكن تأثيرهم السياسي ضئيل. وكل من يريد السيطرة يجب عليه التمسك بالجنرال ماجد فرج، الذي هو مفتاح كل هذه السيناريوهات، والذي هو رئيس المخابرات العامة، هو الجهة الأمنية القوية في المناطق، سيحمل المفتاح الذي سيحصل عليه من محمود عباس. فرج هو أسير سابق من مخيم الدهيشة للاجئين، ويتمتع بعلاقة ممتازة مع الجهات الأمنية الاسرائيلية، ومحاربته ضد حماس تمنحه علامة مرتفعة. وهو يسأل نفسه لماذا لا أكون أنا؟
هناك سيناريو آخر يجب أن نأخذه في الحسبان وهو قيام حماس بانقلاب. صحيح أنه لدى السلطة الفلسطينية سبع كتائب عسكرية باسم "كتائب دايتون"، لكن قوة حماس أكبر من قوة هذه الكتائب. والسؤال هو إذا كانت حماس مستعدة وتريد الآن مواجهة الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية. ويبدو أن الوقت الحالي غير مناسب لذلك، والسيناريو الأخير يعبر عن موقف بعض الخبراء بالشؤون الإسلامية والذين يزعمون أنه بعد فشل القيادة الفلسطينية، حان الوقت للعودة إلى القيادة المحلية وإنشاء إمارات صغيرة مثل إمارة جنين ونابلس، وما بقي هو فقط غياب الهدوء.
ترجمة: موقع عكا للشئون الإخبارية
