قائمة الموقع

خبر مأزق التسوية الإقليمية

2017-08-19T06:17:12+03:00

بقلم: حسين حجازي

في الطريق إلى أيلول بعد أيام وفيه وقوف المؤمنين على جبل عرفة والطواف حول البيت العتيق، وهل نسأل كما في كل أيلول، كم أيلولًا يحمل في سرديتنا من وقفة أخرى في هذه الرحلة؟ وإليه اليوم الخطاب والوقوف أمام الأمم المتحدة في جمعية لقاء الأمم، لنطرح من جديد ونلقي بالرمح كرة أخرى، طلب الاعتراف والإقرار بعضوية الدولة. التي يعلن نتنياهو على رؤوس الأشهاد أنه لن يعطينا إياها طوعًا حتى بالمفاوضات.

وفيه على القائد أن يقرر ويعقد العزم على تنظيف البيت من جديد، إذا كان للنقاشات والجدل حبال طويلة لا تنتهي، ولسنا مترفين كما كان حال أهل أثينا. وإليه وفيه هذا الأيلول الذي تتساقط فيه أوراق الخريف، ولا خريف يدنو من أبوابنا، وانما هي البداية في كل مرة.

هيا نعاود بناء وتجديد النظام الفلسطيني وليست المسألة تجديد الشرعية، ولكن لقطع الطريق على محاولات التربص بنا والالتفاف علينا، مما يسمى اليوم إطرافًا في هذا الإقليم المهترئ. فليس علينا ان نخطئ في اتخاذ القرار الصائب عند هذا المنعطف، كما قال براكليس مخاطبًا الاثينيين: ليس لنا أن نكترث بقوة أعدائنا أو الأخطاء التي قد تأتي من الأطراف المحيطة بنا، وإنما الاهتمام بأخطائنا نحن والمهم ألا نخطئ.

وقد طرح السؤال مذيعو قناة الجزيرة الأذكياء السؤال: لماذا إذن برأيكم تقوم إسرائيل في قرارها إغلاق قناة الجزيرة بالانقياد الفاضح لما تسميه دول الاعتدال السني العربي؟ ووددت لو تعلم البعض من الأخ أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الجواب الوحيد على السؤال اللغز، ببساطة قال المجدلاني في حديث إذاعي آخر: لأن نتنياهو وجماعته يريدون عقد أي صفقة مع أي طرف إلا مع الفلسطينيين أي مع الممثل الحقيقي للشعب الفلسطيني، والطرف الرئيسي في الصراع، وهذه هي المسألة الرئيسية والمفتاح لفهم كل ما يحدث.

 ونعرف الآن أن الرئيس دونالد ترامب على رغم العواصف التي يصنعها بنفسه أو يصنعونها له، والتي ما زالت تهب عليه وتكاد تضع مصير رئاسته في مهب الريح. إلا أنه قرر قبل أيام إرسال وفد رفيع المستوى برئاسة صهره كوشنير لاستئناف محاولته تحقيق السلام بيننا وبين إسرائيل، في إطار ما بات يعرف بصفقة القرن أو الصفقة الكبرى. ولكن اللافت أو الجديد هذه المرة هو توسيع الدائرة لتشمل محادثات الوفد السعودية والإمارات وربما مصر وقطر.

وهو ما يطرح سؤالًا فلسطينيًا إذا كانت الخطة الموسعة تستهدف البحث في التسوية الإقليمية أولًا، أو بشكل مواز للتسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين أي للضغط على الفلسطينيين؟ أو هي محاولة الالتفاف على المبادرة العربية للسلام التي تقتضي الحل أولًا مع الفلسطينيين، وبعد ذلك الحل الموسع أو السلام الإقليمي.

وكان الرئيس أبو مازن استبق كل ذلك وطرح سؤالًا واحدًا على مبعوثي الرئيس ترامب، وهذا السؤال من شقين: ما هو موقف إدارتكم من حل الدولتين؟ ونريد إجابة واضحة لكي نعرف الى أين نسير. والشق الثاني: ما هو موقف إدارتكم من الاستيطان؟ وكان هذا السؤال يعكس انزعاج الرئيس مما بدا عليه الحال من هذه الإدارة، باكتفاء مبعوثها الى رام الله بممارسة دور ساعي البريد، ولكن الذي يتبنى الموقف الإسرائيلي، وليس دور الراعي أو الوسيط الثالث.

الأمر الذي عبر عنه الرئيس في الزيارة الأخيرة للوفد بعدم الالتقاء به، واتخاذه القرار بنقل المعركة الى الأمم المتحدة لنزع الاعتراف بعضوية الدولة، وتفعيل دور المحكمة الجنائية الدولية في الضغط على إسرائيل في قضية الاستيطان وجرائم الحرب في الحروب الأخيرة على غزة. وذلك رغم معارضة إدارة ترامب المتوقعة في مجلس الأمن الدولي.

ولكن السيدة أم الحذاء، حذاء الكعب العالي الشهير، مندوبة ترامب في مجلس الأمن، لن تستطيع ورئيسها، إزاء إصرارنا، بعد ذلك الذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت شعار «متحدون من أجل السلام»، من الحصول على هذه العضوية المهمة الآن لقطع الطريق على تجاوز المبادرة العربية للسلام في مبدئها الأساسي.

ولكن، إذ نعرف مواقف بعض أطراف الإقليم التي سيزورها مبعوثو إدارة ترامب، فإن السؤال الحاسم والذي أشرنا إليه هنا مرارًا سوف يظل ما هو موقف السعودية وخادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز من هذه المناورة التي يسعى اليها نتنياهو؟ والخشية ان يقع في ورطتها أو الأصح حفرتها ترامب، لأنه عندئذ لن تكون هناك صفقة كبرى أو تاريخية ولا هم يحزنون.

والرهان اليوم أن تدلي السعودية بموقفها بمثل الصراحة التي يعلن بها ملكان موقفهما، هما جلالة الملك عبد الله الثاني ملك الأردن وجلالة الملك محمد السادس ملك المغرب. أما قطر فإنها تستدعي تركيا أردوغان وإيران والعراق ولبنان بالمحصلة، لرفض وتعطيل أي تسوية إقليمية تتجاوز الإجماع الإقليمي العربي والرضا الفلسطيني عنها. فعن أي تسوية اقليمية يجري الحديث إذن؟

والجواب عن أي صفقة مع غير الفلسطينيين. ونستطيع الافتراض أن نتنياهو لا يبالي في هذه المرحلة لعقد السلام بناء على المبادرة العربية الأصلية، التي تشمل تطبيع العلاقات الاسرائيلية مع 55 دولة عربية وإسلامية، وإنما تكفيه هذه الجعجعة مع بعض الإقليم العربي من أجل كسب الوقت والالتفاف على القضية الفلسطينية، ووضع حل الدولتين في الثلاجة.

لكن مأزق هذا التصور أن العالم العربي نفسه والإقليم بوجه عام، هو في وضع من الاستقطاب والاصطفاف الحاد، والذي يحول دون قدرة أي من طرفيه الدخول في هذه المغامرة، إذا كانت أي محاولة لتجاوز رضا وموافقة الفلسطينيين انتقال الفلسطينيين الدخول بحكم التقاء المصالح في التحالف المقابل، ما يعني فشل تحقيق هذا التصور بالأخير. وحاليًا ربما يكتفي الفلسطينيون حتى الآن بالمراقبة والطفو فوق هذا الاستقطاب.

هل نفترض اذن، عند هذه البوابة أو الانعطافة الجديدة أن عقد المجلس الوطني في هذا الوقت الحاسم، إنما يستهدف ترتيب الجاهزية الفلسطينية للتصارع مع كل الاحتمالات؟ وأن هذا الموقف الفلسطيني الداخلي إنما يلتقي ويتداعم مع دلالات نتائج الانتخابات المحلية الأردنية الأخيرة، التي قصد منها الملك عبد الله الثاني في مقاربته المختلفة واللافتة في هذا التوقيت إزاء الإخوان المسلمين، توجيه رسالة واضحة لبعض أطراف الإقليم. إن الأردن وبعد زيارة الملك للرئيس أبو مازن في المقاطعة قرر منذ البداية أنه ضد هذه المغامرات، التي يمكن أن يرقص من خلالها البعض مع نتنياهو على جثة حل الدولتين.

وهل نفترض أخيرًا أن الاحتدام المقبل للمعركة والاستقطاب انما هو الطريق الذي سيقود غزة ورام الله الى تجاوز انقسامهما؟ إذا كانت «حماس» و«فتح» معا لا يجدان أمامهما بعد ذلك أي هامش للمناورة، وانما الاصطفاف في الموقع الواحد نفسه.

 

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"

اخبار ذات صلة