شمس نيوز/ عبدالله مغاري
قبل أشهر عديدة، عُلقت الآمال على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي وعد مرارًا وتكرارًا بعد تولي منصبه، بحل القضية الفلسطينية وتحقيق "سلام عادل" في المنطقة، فزار الأراضي المحتلة، وطار مستشاروه أكثر من مرة بين طرفي الصراع.
هؤلاء المستشارون المعروفون بانحيازهم لـ"إسرائيل"، حملوا مطالب حكومة الاحتلال وشروطها، كان أبرزها "وقف التحريض" والامتناع عن دفع رواتب الشهداء والأسرى، كشروط للعودة إلى المفاوضات، دون أن يناقشوا صلب القضية حتى الآن، حسب تصريحات مسؤولين بالسلطة والمنظمة.
سياسة واشنطن وتبنيها لموقف الاحتلال، بالإضافة إلى تركيز وفودها على القضايا الهامشية، أصاب قيادة السلطة والمنظمة بالإحباط، ما دفع أبو مازن لرفض لقاء المبعوث الأمريكي جيسون غرينبلات في مقر المقاطعة الشهر الماضي، والاكتفاء بلقائه مع أمين سر اللجنة التنفيذية صائب عريقات، والذي كرر الاستفسارات الفلسطينية ذاتها على غيرينبلات، والممثلة بموقف واشنطن من حل الدولتين ووقف الاستيطان، كشرطين لبدء مفاوضات جديدة.
هذه الاستفسارات التي لم تجب عنها الولايات المتحدة حتى الآن، زادت من شعور السلطة الفلسطينية بالإحباط، التي تحاول التعلق بأي مبادرة أو خطوة تحقق حلمها بدولة على حدود 67، ليبدأ الحديث من قبل مسؤولين فلسطينيين عن الصين كوسيط نزيه للسلام، دون أن ينطق الاسرائيليون بكلمة عن هذه القضية.
رؤية صينية**
الصين، وهي من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير، ودولة فلسطين، وواصلت دعمها للفلسطينيين منذ عقود من الزمن، قدمت مبادرات عديدة وأبدت استعدادها لدفع عجلة "السلام" طوال السنوات الماضية.
الرئيس الصيني "شي جين بينغ"، قدم مقترحًا من أربع نقاط لتسوية القضية الفلسطينية، خلال زيارة رئيس السلطة محمود عباس لبكين في، يوليو الماضي، تشمل دعم بلاده لحل الدولتين ودعم بناء دولة فلسطينية مستقلة على حدود 67، بالإضافة لإجراءات صينية ملموسة لدعم التنمية الاقتصادية لفلسطين.
كما عرضت بكين في مبادرتها، استضافة ندوة حول السلام في وقت لاحق هذا العام، وإطلاق آلية حوار ثلاثية مع فلسطين و"إسرائيل" في إطار مبادرة الحزام والطريق، وهذا ما يتوافق مع رؤية الصين لتحقيق شرق أوسط يتمتع بالسلم والازدهار كما ورد في خطاب الرئيس الصيني خلال زيارته للمنطقة العام الماضي.
ترحيب فلسطيني**
أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، قال إن المبادرة الصينية للسلام ستساهم في إطلاق عملية تفاوضية قائمة على الشرعية الدولية، ومرجعيات القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية، معرباً عن ترحيبه بالمبادرة التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ لإحياء "عملية السلام".
كما أعرب عريقات، عن تطلع الفلسطينيين لأن تلعب الصين دورًا فاعلاً يساهم في اختراق العملية السياسية والضغط على "إسرائيل" للالتزام بقواعد القانون الدولي وإنهاء الاحتلال.
وأشار إلى، أن ما يؤهل الصين للعب دور فاعل في "عملية السلام" هو أنها "قوة عالمية عظمى وتتمتع بعلاقات سياسية واقتصادية مؤثرة جداً مع الإقليم والمجتمع الدولي، مضيفًا أن الصين "لعبت دوراً نافذاً باعتبارها عضو مجلس أمن دائم و أنها رئيسة لجنة الأمن الدولي ما يمنحها القوة للقيام بدور سياسي مهم.
لا رغبة**
وفي نظرة إلى الموقف الاسرائيلي الصامت حتى الآن تجاه مبادرات الصين، يرى عضو الكنيست السابق طلب الصانع، أن الاحتلال الاسرائيلي لا يرغب بدخول أي طرف غير واشنطن على خط "عملية السلام"، ولن يسمح بذلك.
وقال الصانع في حديثه لـ"شمس نيوز"، إن إسرائيل تبحث عن وسيط منحاز لها، ولن تسمح لأي وساطة صينية أو روسية أو أوروبية غير الوساطة الامريكية، لأنها تدرك أن أمريكا ليست فقط منحازة، بل واقعة تحت اللوبي اليهودي ولا تستطيع التحرك إلا بأوامر من تل أبيب" .
وأوضح الصانع، أن الصين يمكن أن تكون طرفًا نزيهًا في "عملية التسوية"، إلا أن الاحتلال لا يبحث عن النزاهة في وسطاء السلام، كون أن "إسرائيل" تدرك أنها الخاسر حال دخلت النزاهة بالقضية، لافتًا إلى أنه بجانب رفض "اسرائيل" دخول وسطاء غير واشنطن، فإن الإدارة الأمريكية ستُمانع أيضًا.
استدعاء أمريكي**
من جهة أخرى، يرى الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله، أن تصريحات المسؤولين الفلسطينيين بخصوص الدور الذي يمكن أن تلعبه الصين بحل القضية الفلسطينية، نوعًا من أنواع الضغط الذي تمارسه السلطة على واشنطن.
وقال عطا الله في حديثه لـ"شمس نيوز"، إن آمال السلطة لا زالت مبنية على واشنطن في حل القضية الفلسطينية، وأن الجميع يعلم أن الصين ليست بالدولة التي يمكن أن تلعب دورًا فاعلًا في هذا الملف، رغم أن علاقتها بالفلسطينيين جيدة، إلا أن علاقتها مع "اسرائيل" لا تسمح لها بممارسة أي ضغوط على الاحتلال .
وأشار عطا الله إلى، أن السلطة والمنظمة تعرفان أنهما بحاجة إلى دولة قادرة على ممارسة الضغوط على "إسرائيل"، وأن لا أحد يمكنه القيام بهذا الدور سوى واشنطن، مضيفًا "حديث المسؤولين جزء من الاستدعاء الأمريكي وليس جزء من الاستدعاء الصيني".
وحول احتمالات نجاح السلطة في استدراج الإدارة الأمريكية لبذل جهودًا أقوى في "عملية السلام"، استبعد الكاتب عطا الله نجاح هذه المحاولة، مردفًا: "الكل يعرف كيف توزع القوة بالعالم وخصوصا على الملف الفلسطيني، الولايات المتحدة تقوم بعمليات تجريف لكل ما سبق من علاقات مع الفلسطينيين وغيرهم، لديها برنامج و سياسة هي تعرف ماذا تريد".