بقلم/ أكرم عطا الله
يحتاج الأمر إلى ما هو أبعد من التحليل السياسي لطبيعة علاقة القوى الفلسطينية بالإقليم، فلا ينطبق علم التحليل على حالتنا الفلسطينية لأن طبيعة الأشياء أن حركة حماس هي الأقرب لتركيا الحاضن الاقليمي لحركة الأخوان المسلمين، بينما حركة فتح هي التنظيم الأقرب للقاهرة في الحالة الفلسطينية سواء لعلاقتها التاريخية أو لتشكل منظمة التحرير فيها واستمرار الارتباط بينهما.
التبدلات عصية على الفهم ويبدو الأمر أشبه بردات فعل أو مناكفات أكثر منه لممارسة الرصانة السياسية وخصوصاً أن العلاقة بين الحركتين الفلسطينيتين تزداد تدهوراً ويتدهور معها كل الوضع الفلسطيني من نظام سياسي ومشروع وطني يتباعد أكثر وأصبح يتلخص في مجموعة صراعات يقودها الفلسطيني ضد نفسه فيما يتلاعب الأميركي بالجميع والجميع في مأزق يبحث عن حلول خارج الاطار الوطني.
زيارة حركة حماس الحالية إلى القاهرة لافتة فهي أول زيارة لرئيس المكتب السياسي للحركة منذ سقوط الرئيس المصري السابق محمد مرسي وهي تعكس تحولاً كبيراً في العلاقة بين الجانبين وإن كان للاندفاعة التي جسدها قائد حماس بغزة يحيى السنوار نحو مصر الدور الأبرز التي قام بها في يونيو الماضي، تلك الاندفاعة مثلت انعطافة هامة في رؤية وموقف حركة حماس فقد ذهب الرجل نحو الخصم اللدود لحركة الاخوان المسلمين بالمنطقة ولم تتوقف هذه عن التربص واستهداف الحكم في مصر واعلان الرغبة باسقاطه.
لكن هذا التطور يعكس ما هو أبعد من علاقة ثنائية بين الجانبين اذ كانت زيارة السنوار للقاهرة هامة من حيث شعور القاهرة بتجاهلها وابعادها من الملف الفلسطيني منذ فترة من قبل القيادة الفلسطينية سواء لرفض التعاطي مع مقترحها بالمصالحة العام الماضي أو لجهة نتائج مؤتمر حركة فتح وفي ذروة ذلك كانت حركة حماس تعيد لمصر دورها من بوابة واسعة وهي غزة وتلك هدية كبيرة قدمتها حماس للقاهرة وتصلح عربوناً لعلاقة سياسية بالتأكيد تفهمها مصر ويجب أن تفهمها حركة فتح التي تحاول تجاهل التطورات.
ثلاثة ملفات من المتوقع أن يناقشها وفد حركة حماس الذي يرأسه أعلى مستوى في الحركة ارتباطاً بالمستجدات القائمة الأول وهو العلاقة بين الجانبين والتي شهدت تحسن ملحوظاً فهذا هو الوفد الرابع الذي يزور القاهرة في الشهورالثلاثة الأخيرة فقد ذهبت حماس غزة نحو مغامرة في علاقتها بمصر وهو ما عبرت عنه فروعها في الضفة وفي الخارج وحلفاؤها مثل قطر وتركيا بالرفض الحاد أحياناً والهاديء أحياناً أخرى وبالتأكيد ترغب حماس غزة أن تستثمر هذه الأجواء لصالح علاقة أكثر متينة.
الثاني وهو ما يعلق بالتفاهمات التي جرت مطلع حزيران الماضي ولم يتحقق منها شيء حتى اللحظة فقد رفعت الحركة وناطقوها سقف التوقعات وكثر الحديث عن انفراجات لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع بل تحولت الى محل تندر لدى المتابعين ورواد التواصل الاجتماعي.
الملف الثالث وهو ملف تبادل الأسرى والذي يعتقد أن مصر تقوم بدور ما في هذا السياق ويعزز هذا الاعتقاد ما يصدر في اسرائيل من حراك سواء لجهة استقالة مسئول ملف الأسرى والمفقودين في الحكومة الاسرائيلية ليؤور لوتان أو للتصريحات المتصلبة التي صدرت خلال الأسبوعين الماضيين والتي تعكس حراكاً في هذا الملف لأن الطبيعي أن تبدي اسرائيل قدر من التصلب أثناء المفاوضات وواضح أن هذا التصلب الذي غطى صفحات الجرائد لم يكن مصادفة.
لا أحد يعتقد أن يكون موضوع المصالحة حاضراً لتعكر المناخ المصري الفتحاوي والذي ذهب الى تركيا قبيل عيد الأضحى فيما يشبه الرسالة لمصر وواضح أن مصر في ظل هذه الأجواء لا تستطيع القيام بهذا الدور لذا تبدو هذه الزيارة محصورة على قضايا ثنائية بين حماس والقاهرة لتزيد من مفارقات السياسة الفلسطينية سواء لجهة العواصم والتناقضات التي تحملها تماماً كما تناقض تخفيض رواتب موظفي السلطة بغزة واقالتهم وآخرهم كل موظفي وزراة الزراعة ومعظمهم من نواة حركة فتح وحديث حماس عن التضامن معهم ومفارقات أخرى ربما تخفيها المناكفات الفلسطينية..!!
القال يعبر عن رأي كاتبه
نقلا عن نبأ برس