قائمة الموقع

خبر إسماعيل هنية.. على خطى الغنوشي أم نصر الله

2017-09-24T06:48:56+03:00

بقلم: كمال خلف

تفاجأت الأوساط الفلسطينية بقرار حركة حماس حل اللجنة الإدارية في غزة استجابة للجانب المصري، وترحيبها بحكومة الحمد الله في قطاع غزة، وأكثر من هذا وفقت حماس على تسليم المعابر للحرس الرئاسي لأول مرة منذ الانقسام عام 2007، واتصل السيد هنية بالرئيس أبو مازن وهو في طريقه إلى نيويورك. انقلاب في مزاج حماس يبشر بمرونة كبيرة، ستفضي كما هو واضح إلى كسر الجمود في المصالحة الفلسطينية المستعصية منذ سنوات.

فهل هناك ثمة تغير في استراتيجية ونهج حماس الكلي مبني على مراجعة لكل السياسات الخاطئة خلال العهد الماضي؟ أم هو تكتيك لكسب علاقة قوية مع القاهرة تساهم في فك الضغوط على الحركة عربيًا، بعد تصنيفها خليجيًا حركة إرهابية، وتخفيف الأعباء الاقتصادية والحياتية عن القطاع المحاصر؟

 في الاحتمال الأول يمكن أن تكون حماس قد اختارت نموذج حركة النهضة الإسلامية في تونس، فهذا النموذج نجح في حماية الحركة الإسلامية التونسية من دفع ثمن تراجع الحركات المثيلة في العالم العربي وجنّبها مصير حركة الإخوان في مصر.

حيث خفضت الشيخ راشد الغنوشي جناح الحركة في سبيل الشراكة الوطنية، ودافع عنها، رغم أن شريكه في الحكم حزب نداء تونس عدّل الحكومة مؤخرًا لصالح الرئيس الباجي قايد السبسي على حساب حصة النهضة، ورغم حديث السبسي عن تغيير الدستور وإعادة النظر في قوانين الميراث، وزواج المسلمة من غير المسلم، وهو ما يخالف الشريعة، لم تعترض النهضة على كل هذا، بينما ارتفعت أصوات إسلامية في العالم العربي ولاقت هذه التصريحات انتقادًا حادًا من الأزهر. فهل سيحذو هنية حذو الشيخ الغنوشي، والتسليم بمبدأ الشراكة وخفض الجناح حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.

هنا ثمة فارق بين ظروف النهضة وظروف حركة حماس، لأن حماس لديها جناح مسلح سيقع حتمًا في مربع الخط الأحمر الذي لن تستعمل سياسية خفض الجناح حيال المساس به. كما أن النهضة تمارس مرونتها في قضايا داخلية وفي دولة مستقلة، إلا أن حركة حماس تواجه احتلال تختلف الطبقة السياسية الفلسطينية في كيفية مواجهته، فضلًا عن وجود سلطة يفترض أن تشارك فيها حماس لديها التزامات أمنية واقتصادية داخليًا وأخرى دولية واتفاقيات مع دولة الاحتلال تعود إلى زمن أسلو.

يقول محلل إسرائيلي أن إسماعيل هنية سمع نصيحة السيد نصر الله الأمين العام لحزب الله التي نقلها له القيادي في حماس صالح العاروري، بأن تبقى حركة حماس في الظل وتبتعد عن تحمل أعباء الحكم الاقتصادية والمعيشية، على أن تبقى حاضرة في القرار.

إذا كانت حماس بنهجها الجديد قد اختارت نموذج حزب الله في لبنان، فهذا قد يكون أقرب لظروفها. فحزب الله حافظ على سلاحه واجتهد بتنمية قدراته العسكرية في مواجهة إسرائيل وحقق استراتيجية ردع ناجحة أمنت الاستقرار للبنان ومنعت حتى الآن الاعتداء والاستباحة الإسرائيلية، بذات الوقت يمارس الشراكة في الحكم والقرار الداخلي اللبناني.

إلا أن الفارق هنا هو مدى قبول الأطراف بهذا النموذج، هذا يتطلب اتفاقًا مع فتح والسلطة على أن سلاح المقاومة سلاح شرعي لا يجب أن يمس، لأنه يشكل ورقة ردع في وجه إسرائيل. وهذا قد يكون صعبًا على السلطة التي ستواجه ضغوطًا أمريكية وإسرائيلية واتهام مباشر بمخالفة تعهداتها.

إسرائيل هل ستقبل بتكرار نموذج حزب الله في غزة، بالطبع لا، وستبذل إسرائيل جهدها لمنع ذلك.

وإذا كان حزب الله حمى نموذجه بمساعدة سوريا كعمق استراتيجي داعم ومساند، فإن مصر غير مستعدة للعب هذا الدور، وهي ترتبط باتفاق سلام مع إسرائيل وعلاقات متينة مع الولايات المتحدة على خلاف دمشق. وإذا كانت الأخيرة سمحت وساعدت في نقل السلاح والصواريخ الايرانية إلى حزب الله، فإن القاهرة ستمنع ذلك ومعها حلفائها في الخليج.

الثابت حتى الآن أن حماس تتغير، هي غيرت ميثاقها وقبلت بحدود 67 وأبدت رغبتها في الانفتاح على أوروبا والعالم. وهي غيرت قيادتها السابقة المثقلة بالأخطاء والخطايا، ونقلت مركز قرارها إلى داخل غزة. وقد تقبل بتفويض السلطة التفاوض مع إسرائيل وفق سقف متفق عليه. وهي تبحث عن علاقة مستقرة مع القاهرة. وبذات الوقت هي تعود إلى محور المقاومة بترميم علاقتها بإيران وحزب الله وربما سوريا لاحقا. ومن غير المعروف كيف ستوفق الحركة بين الأمرين معًا.

القادم يطرح تحديات صعبة، وعلى الشيخ هنية أن يخط طريق الحركة وسط هذه المعضلات، وعليه أن يجترح النموذج الذي يضمن تموضع حماس في مكانها الطبيعي.

 

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"

 

اخبار ذات صلة