شمس نيوز/ خاص
بين كثافة الأشجار التي تتأرجح بين الهرم العظيم، والحبو أرضًا، يطلّ بعض العاملين كثمرةٍ مرهقة إثر العمل الشاق الذي يعرض أدمغتهم إلى حرارة الشمس طيلة اليوم، لكسب عملاتٍ حديدية تقيّهم وأطفالهم من الفقر الذي يركض خلف أبناء القطاع.
في بساتين مدينة خانيونس، تبدأ رحلة العاملين كل صباح لنبش الأراضي وتعبئة المحاصيل الزراعية بأيدٍ مكلومة متحملين تسلط المالكين، وشحهم للتخلص من عبء الحاجة، وقلة فرص العمل في قطاع غزة.
الحاجة للعمل**
بدأ مراسل "شمس نيوز" بالتجول بين الأشجار، والحديث مع العمال بينما يقومون بتعبئة المحاصيل، حيث يقول عز بريكة، أحد العاملين:" نخرج من الصباح الباكر للعمل في منطقة ميراج بخانيونس، لتعبئة محصول أو الزراعة وربما الحراثة، كما نبقى تحت أشعة الشمس حوالي ثماني ساعات، مما يسبب لنا إجهاد كبير وعدم القدرة على الوقوف لاستكمال العمل، فالأجواء الحارة مرهقة جدا للعمال".
وكانت طبيعة الظروف في قطاع غزة حكمت على بريكة العمل مستأجرًا في الزراعة، ليتمكن من الزواج، على الرغم من مشقة العمل، إلا أن العمل اليومي ونظام الأجر بالساعة لا تسمح له بتحمل مسؤولية أسرة لتدني الدخل.
ويضيف، "العمل في الأراضي الزراعية صعب جداً بسبب حرارة الجو، فمن شدة سخونة الأرض لا نستطيع المشي عليها، إضافة للعائق الأكبر المتمثل في قلة الاجور، حيث نظام العمل المطبق من قبل رب العمل هو دفع الأجر بالساعة" .
تسلط المالكين**
في الجهة المقابلة لعز، بدا زميله حمدي الطباسي (26 عامًا) منهمكًا بقطف الطماطم، فوضح سبب عمله قائلًا:" أنا من يعيل عائلتي بعد وفاة والدي وأنا بعمر الثالثة عشر، وبعده بسنتين أخي الأكبر، لكن قلة الأجور التي تبلغ يوميًا حوالي 20 شيكلًا لا تكفي لشيء"
وأكمل "أن معاملة بعض أصحاب الأراضي غير جيدة، فرغم الارهاق الشديد نظرًا للعمل المتواصل، يتم تجريحنا بالكلام وشتمنا والضغط علينا لإنجاز العمل في أقل وقت ممكن حتى لا يحتسب عليه ساعات عمل إضافية، وأحياناً يتم طرد عمال أثناء العمل وعدم إعطائهم أجرهم بسبب تسلط أصحاب الأراضي الزراعية".
وأشار طباسي إلى، أن المالكين يواجهون ظروف صعبة وخسائر متتالية، لذلك هم لا يستطيعون دفع أجور أعلى للعمال، ومنهم من يستغني عن العمال، ويتوجه للمزرعة برفقة زوجته وأبنائه لعملية القطف.
خمسة شواكل**
أما العامل أحمد بريكة، الذي يعمل في الأراضي الزراعية المتواجدة في مواصي خانيونس منذ ما يقارب أربعة سنوات، يقول "أعمل في قطف البندورة والخيار، أو في النبش على البطاطا والبصل، فساعة العمل أتلقى عليها خمسة شواكل، وغالبا لا تزيد مدة العمل على أربع أو خمس ساعات في اليوم الواحد".
ولفت إلى أنه يتقاضى يومياً ما بين 20-30 شيكل وهي قليلة جداً مقارنة بما يبذله من جهد، ولا تكفي لسد حاجات العائلة التي يعيلها المكونة من عشرة أفراد، كونه المعيل لأسرته بعد توقف والده عن العمل في الخط الأخضر.
وتابع أحمد:" أن الحفر والبحث اليدوي عن ثمار البطاطا وسط تربة طينية متماسكة مثلًا أو قطف ثمار البامية، من الممكن أن يعرض العامل للدغات الأفاعي أو العقارب، لذلك أعتبر الزراعة من أخطر المهن التي تودي بنا".
لا تنفيذ للقوانين**
وفي ذات السياق، أكد الناشط الحقوقي، صلاح عبد العاطي على أهمية تطبيق قانون حماية العاملين، والعمل لتحقيق حد الأجر الذي تم الاتفاق عليه في القوانين، قائلًا:" هناك قوانين تكفل حماية العمال، لكن في ظل الانقسام لا يوجد مساءلة، كما يصعب متابعتهم، مما يساعد على استغلالهم من أرباب العمل".
ويذكر، أن القطاع الزراعي في قطاع غزة يعاني من نقص في المواد اللازمة من مبيدات حشرية وأسمدة زراعية بسبب الحصار المفروض عليه، حيث بلغت نسبة البطالة 55%، وتجاوز عدد العاطلين عن العمال ربع مليون شخص، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والفقر المدقع لتتجاوز 65%.