بقلم: ياسر الزعاترة
تخبرنا صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن ترامب أخبر عباس خلال لقائهما على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، أن البيت الابيض "يعمل على مبادرة سلام جديدة، ولكنه بحاجة إلى وقت إضافي كي يبلورها". وتنقل عن مصادر فلسطينية وأمريكية مطلعة على مضمون اللقاء أن "ترامب طلب من عباس منحه مزيدا من الوقت لهذا الغرض، وعدم اتخاذ خطوات تعطّل تقدم المسيرة في هذه الأثناء".
الآن؛ يعود "جيسون غرينبلات"؛ مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط إلى الكيان الصهيوني "لمواصلة مسار السلام"، وللمفارقة فإن حضوره يتم قبيل زيارة خاصة للمنطقة مع أسرته بمناسبة عيد العرش اليهودي؛ لأن الرجل ملتزم دينيا، وملتزم أكثر بمصالح الكيان الصهيوني، شأنه في ذلك شأن صهر ترامب الذي يمسك بالملف أيضا، أعني جاريد كوشنر.
فيما يتعلق بدعوة ترامب للرئيس الفلسطيني يمنحه بعض الوقت لطرح مبادرته، يمكن القول إن بوسعه (أي ترامب) أن يأخذ ما يشاء من الوقت، فالرئيس الفلسطيني لن يغير سياسته بناء على ما ذكر في خطابه في الأمم المتحدة، أما النشاط الدولي، بالانضمام للمؤسسات وما شابه ذلك، فمعارضته من قبل الصهاينة هي محض فجور من نتنياهو لا أكثر، ذلك أن تثبيت الوجود الفلسطيني فيما يشبه دولة في الأروقة الدولية لا يضير الصهاينة كثيرا؛ لأن له جانبا إيجابيا يتمثل في تأكيد المسار الذي تختطه السلطة منذ العام 2004، ممثلا في تثبيت واقع سلطة بهياكل دولة.
المهم في كل ما يجري هو قناعة الجميع بحقيقة السقف الذي يتحرك تحته نتنياهو، وغياب أي أفق لقبوله؛ لا بالمبادرة العربية، ولا بما هو أفضل منها، وعرضته السلطة على أولمرت وليفني قبل أكثر من عشر سنوات، لكن هذه القناعة لم تعد مهمة، في ظل إرادة بعض العرب الضغط على السلطة للشروع في عملية سياسية، هي بالضبط ما يشتغل عليه ترامب، وذلك من أجل تثبيت الوضع الراهن للسلطة، مع بعض التحسينات، مع فتح موجة تطبيع عربية مع الكيان، بما يشي بتحويل المؤقت إلى دائم بمرور الوقت، وبشكل سلس، ودون أن يضطر أحد لتحمل وزر التنازل. ألم يقولوا إن الصراع الراهن هو مجرد "نزاع"، والنزاع يحل بالتفاوض واستمرار التفاوض، وليس بشيء آخر؟!
ذلك هو الخطر الذي يلوح في أفق القضية، والذي يستدعي وقفة من كل الشرفاء، ومن جميع الفصائل كي لا تخضع القيادة الفلسطينية للضغوط، وتذهب في هذا الاتجاه.
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"