قائمة الموقع

خبر ترامب وإيران ... من يربح أخيرًا يضحك كثيرًا

2017-10-15T07:49:07+03:00

بقلم: عريب الرنتاوي

أوصل الرئيس دونالد ترامب العلاقات بين بلاده وإيران إلى حافة الهاوية... خطوة واحدة فقط باتت تفصل البلدين عن الانزلاق إلى قعرها ... هو لم ينسحب من الاتفاق النووي مع إيران، لكنه رفض التصديق على شهادة "حسن تنفيذ" إلى طهران، ووضع المسألة برمتها بين يدي الكونغرس ليفرض ما يشاء من عقوبات، ويقترح ما يصبو إليه من تعديلات، مبقيًا لنفسه الحق في إعلان الانسحاب من الاتفاق في أي وقت يشاء.

وهو لم يعلن الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية بالمعنى الرسمي والقانوني للكلمة، بيد أنه أوعز لوزارة الخزانة الأمريكية بفرض سلسلة قاسية من العقوبات التي ستجعل "الحرس" يلقى معاملة المنظمة الإرهابية فعلياً، دون الاضطرار إلى إدراجه في اللائحة السوداء رسميًا.

من الواضح تمامًا، أن الأمر لو ترك لترامب وحده، لكان انسحب من الاتفاق النووي وأدرج الحرس في لائحة الإرهاب الأمريكية ... لكن يبدو أن جهودًا حثيثة بذلت من قبل البنتاغون والخارجية، أبقت التدهور عند حافة الهاوية، لكأن تيلرسون وماتيس نجحا في إمساك الرئيس من ياقته أو طرفه "جاكيته" في اللحظة الأخيرة، وقبل أن يهوي إلى قعر السيناريو الأسواء في العلاقة مع إيران ... فمن تتبع نص الخطاب، ولائحة الاتهامات التي حشدها الرجل ضد إيران، لا شك أنه كان يتوقع الأسوأ، مع أن ما حصل لوحده، يعد سيئًا جدًا، سواء بالنسبة لإيران أو للإقليم عمومًا.

كما أن الخشية من ردود أفعال دولية أكثر غضبًا، ربما حالت بين ترامب والانزلاق في الحفرة العميقة ... فالرجل يدرك أن خطواته شديدة العداء حيال إيران، ما كانت لتلقى، وهي لم تلق على أية حال، الدعم والتأييد من قبل حلفائه الدوليين ... وهو يدرك تمام الإدراك، أنه باستثناء إسرائيل وبعض الدول العربية، لن يجد من يؤيده في مسعاه المقامر هذا، وهو الذي بلغ في التصعيد والتوتير، حدًا لم تسبقه إليه إدارة من قبل.

رد الرئيس روحاني جاء بالمثل، مع الفارق الشديد بين لغة رجل الدولة الإيراني، ولغة "الكاوبوي" الأمريكي الذي لا يتوقف عن ترديد العبارة التي طالما رددتها أفلام الغرب الأمريكي: ثمة شريف جديد في البلدة “New Sheriff in Town”، لكأن الرجل مسكون بهاجس القضاء على "إرث أوباما" في السياستين الداخلية والخارجية، من اوباما-كير وحتى صفقة النووي مع إيران.

أيًا يكن من أمر، يبدو أن الإقليم بأسره، وليس العلاقة بين طهران وواشنطن، من سيدفع ثمن هذا التصعيد، فإن كانت لدى الإيرانيين، الإصلاحيين منهم بخاصة، ذرة أمل واحدة في التعاون مع واشنطن والتطبيع معها، فقد بددت الخطوات الأخيرة للبيت الأبيض، آخر "خيوط السراب"، ومن المؤكد أن "أمر العمليات الأول" قد صدر عن قادة الدولتين: كتفًا سلاح.

لا إيران ولا الولايات المتحدة، راغبتان بمواجهة مباشرة وشاملة، لكن ساحات "حروب الوكالة" ما زالت مفتوحة على اتساعها، ومرحلة "ما بعد داعش" في كل من سوريا والعراق، حبلى بالصراعات والحروب والمواجهات ... فلا أدري كيف ستدير واشنطن على سبيل المثال، ملف التجسير بين بغداد وأربيل في ظل كل هذا العداء مع إيران، ولا أعرف كيف يمكن للبيت الأبيض أن يسهم في إطلاق عملية سياسية ونظام سياسي أكثر اتزانًا وتوازنًا في بغداد، ولا أعلم شيئًا عن الطريقة التي ستعالج بها الدولة الأعظم المسألة السورية في مرحلة ما بعد داعش، وما هو مصير مناطق خفض التصعيد ومساري أستانا وجنيف ... لا أدري كيف سيتطور الملف اليمني، وهل ستتوالى التطورات على وقع المحاولات الأممية لإطلاق مبادرة سلام شاملة كما قال ولد الشيخ، أم أن الانفجارات ستتوالى على وقع التصعيد بين طهران وواشنطن، وبعد انضمام دول "التحالف العربي" في الحرب على اليمن، إلى قائمة المرحبين باستراتيجية واشنطن الجديدة حيال إيران، وهي قائمة لا تضم سوى حفنة من الدول على أية حال، كما أن مصائر الملف اللبناني تبدو بحاجة لأكثر من خبير في "التنجيم" لمعرفة كيف ستكون التداعيات والانعكاسات على التوافق الشكلي والاستقرار الهش الذي يتمتع به هذا البلد الصغير.

ترامب لم يكتو بنار الفشل والخيبة الأمريكيين في كل من أفغانستان والعراق من قبل، والأرجح أنه كما قال عنه روحاني، لا يجيد قراءة التاريخ أبدًا، والمؤكد أن طهران باتت على يقين بأن الرجل لن يتعلم بالطريقة السهلة، وقد تمس الحاجة لتعليمه التاريخ بالطريقة الأصعب، تلك الطريقة التي ستتضح معالمها ربما بأسرع مما يظن كثيرون، بدءًا من العراق، فالولايات المتحدة فشلت بوجود ربع مليون جندي على أرض الرافدين، فهل ستنجح بوجود بضعة آلاف منهم فقط؟ ... الأيام القادمة ستظهّر الفارق الشديد، بين استراتيجية إيران طويلة النفس، المستلهمة صبرها وأناتها من التقاليد المتوارثة لصناعة السجاد العجمي، واستراتيجية رجل الكازينوهات وحلبات المصارعة ومسابقات ملكات الجمال، التي تقوم حصرًا على فكرة المقامرة والربح السريع.

 

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"

 

اخبار ذات صلة