شمس نيوز/ منة أبو أحمد
قبلة حنونة، ودروس على هيئة أناشيد، ترسلها المعلمة في مدرسة الـ"عائشية" فضيّة أبو ميري، لطالباتها عبر شخصيتها الشامخة بالوشاح الفلسطيني، وصوتها الجبلي الذي يصدح بأعذب ما جاد به عقلها وسطرته أناملها على زهرات بعمر التاسعة، ملتفات حولها مرددات دروسهنّ من خلال "اسكتشات" مسرحية للتخلص من رتابة المنهاج وجموده.
المعلمة فضيّة التي عادت من الأردن بعد أن عاشت بها حياةً كاملة، منذ ولادتها حتى آخر مراحل دراستها الجامعية، عادت إلى فلسطين تحمل كنزًا معرفيًا وفصاحةً لغوية، على الرغم من اختلاف تخصصها "علوم الرياضيات"، ابتكرت طريقةً جديدة بتحويل المنهاج إلى أناشيد و"اسكتشات" تعليمية تحت اسم "تمتين المنهاج بالإبداع".
التعليم بالإنشاد**
تعمل فضية في مدرسة الـ"عائشية الأساسية" وسط قطاع غزة معلمة للمرحلة الابتدائية في مادة الرياضيات، وتقول لـ"شمس نيوز" مستذكرة الماضي:" راودتني فكرة التعليم بالإنشاد منذ الصغر؛ فكنت أحيك أناشيد لأحفظ دروسي، حتى كبرت ونمت الفكرة معي، ثم طرحتها لمسابقة وزارة التربية والتعليم "مبادرتي"، حيث لا تقتصر الطريقة على مادة الرياضيات وحدها، لذلك اخترت اسم التمتين أعلى من التمكين ليكون شاملًا.
من خلال استخدام هذه الطريقة، ارتفع مستوى تحصيل الطالبات، فضلًا عن إعجاب أولياء الأمور وإشادتهم بجهدها، فتصف أبو ميري "أعددت لكل درس أنشودة تربوية لأعزز من مستوى تحصيل طالباتي، وقد أسهم ذلك بنقلة نوعية ما قبل وبعد التمتين فأصبح سجل مستويات الطالبات يخلو من ضعاف التحصيل، حتى أولياء الأمور يقولون لي "أبناءنا ما دون سن المدرسة يحفظون أناشيدي".
وكانت فضية ضمن الثلاثين مبادرة التي فازت على مستوى قطاع غزة في مسابقة "مبادرتي" التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم للمشاريع الإبداعية للمعلمين في مختلف المؤسسات التعليمية.
الفصاحة في التعليم**
امتلكت أبو ميري فصاحة بلاغية فذة توحي بضلوعها في علوم اللغة العربية من تشعب البداوة وحياتها في الأردن وهي من مكنونات اسمها "فضية" أي الفضاء والاتساع، مما يعزز تمتين التحدث باللغة الفصحى لدى الأطفال، وليس فقط تمتين الرياضيات.
هديل المليطي متدربة في مدرسة الـ"عائشية" إحدى طالبات المعلمة فضية علمتها في صغرها بذات الطريقة حتى شاءت الأقدار أن تأتي لمعلمتها لتعلمها أصول المهنة وإبداعاتها تحيك الكلمات لنا:" جئت لأستقي من أستاذتي فضية كل طرقها الإبداعية في التدريس لأكون خلفًا لها، درستني في صغري وكانت رائعة لذلك أعود لتعلم منها".
ولاقت أبو ميري تشجيعًا وتحفيزًا كبيرًا ممن يحيطون بها، كشقيقها وزوجها ومديرتها التي أشادت بجهودها ومبادرتها النوعية؛ فتحدثت عفاف أبو مزيد مديرة مدرسة الـ"عائشية" عن فضية:" الأستاذة فضية بذلت جهدًا رائعًا في الحصص التدريسية باستخدامها وسائل متنوعة، مما يدعم الأطفال ويغذي عقولهم، خاصة في مادة رياضيات مهمة، ونتمنى أن تستمر بهذه الأنشطة".
وفي نهاية حديثها، اختمت فضيّة لـ "شمس نيوز" بهمسة توصية لطيفة في أذن الأمهات لـ"تربية هذا الجيل حتى نواجه به الغزو والاستيطان ونحلق بهم في سماء الإبداع والريادة فنحن نصنع القادة" .