قائمة الموقع

خبر موظفون بغزة ينتظرون "ذوبان" التقارير "الكيدية" ببركات المصالحة

2017-10-25T10:50:15+03:00

شمس نيوز/ توفيق المصري

على أبواب مجلس الوزراء غرب مدينة غزة، وقف الأربعيني داوود الجماصي حاملًا معه كل الهموم التي نشأت بعد انقسام عام 2007، منتظرًا بلهفة مرور أحد الوزراء، علّه يجد أذنًا صاغية، تسمع ما آلت له أحواله بعد قطع راتبه.

في شهر يناير، من عام 2008م، تفاجأ الجماصي "46 عامًا" بقطع راتبه، بعد أن كان رئيسًا لطاقم فني في وزارة الأشغال والاسكان منذ ثمانية عشر عامًا، ليقلب "تقرير كيدي" كتب بحقه، حياته رأسًا على عقب، كما يقول.

 ويضيف لمراسل "شمس نيوز"، بتنهيدة قلب: "عشت حياة صعبة جدًا، في أول شهرٍ بعد قطع راتبي، وبعد عودتي من تل أبيب إثر رحلة علاج لابني الذي كان مصابًا بسرطان الدم، ساعدني والدي بالمصروف، حيث كان يعمل مديرًا في وزارة التربية والتعليم شمال القطاع".

ويتابع داوود: "اضطررت للبحث عن عمل، لأعيل أسرتي المكونة من ستة أشخاص، وأخي المعاق حركيًا ودماغيًا، فعملت بوابًا لعمارة سكنية وبمكاتب "تاكسيات" سيارات، وأعمل حتى اللحظة سائقًا، لأعود بـ25 شيكل، حتى أسد حاجة أسرتي بما هو متوفر".

ومازال يذكر آخر راتب تقاضاه في شهر ديسمبر عام 2007، والذي وصل لـ1970 شيكل، فبعد ذلك التاريخ لم يستطع دفع أجار الشقة التي يسكنها، وساءت أحواله بعد وفاة والده في العام 2013، فلم يجد من يسانده، ووصلت أجارات الشقة التي يسكنها لـ10 آلاف شيكل.

ويوضح الجماصي، أنه تواصل على مدار سنوات الانقسام مع عدة شخصيات من قيادات فتح في غزة، "إلا أن ردهم كان بأنني مظلوم، وأنني رهن لقرار سياسي من الرئيس، وحين تحصل مصالحة بين حماس وفتح سيرجع الراتب"، كما يقول.

وشكلت المصالحة الفلسطينية بارقة أمل للموظف الجماصي، وهو ما دفعه للوقوف والتظاهر هو ومجموعة من المقطوعة رواتبهم بتقارير كيدية، أمس الثلاثاء، أمام مجلس الوزراء في غزة، من أجل تحريك ملفهم المغيب منذ سنوات.

قائد من الثورة**

ولا يختلف حال الخمسيني ثائر فارس، عن سابقه، حيث تجرع مرارة قطع راتبه بتقرير "كيدي" أكثر من غيره، كونه أحد مقاتلي الثورة الفلسطينية منذ عام 1979م، وأحد الذين قدموا للقضية الفلسطينية أكثر من غيره، وخاض حروبًا وأصيب وأسر لدى "إسرائيل"، بل وأبعد عن مدينته جنين إلى غزة مع وفد العائدين خلال عام 1994، وجاء إلى القطاع مع الرئيس الراحل ياسر عرفات وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك.

يقول ثائر وقلبه ينفطر ألمًا "قبل أربع سنوات ونصف قطع راتبي، بعد أن ذهبت للبنك لأتقاضاه ولم أجد شيئًا في رصيدي، وتفاجأت بأن شخصًا قد خط كتابًا لإنهاء خدماتي، وتوجهت لكل الجهات ولا حياة لمن تنادي".

 واضطر ثائر، بعد قطع راتبه للسكن في خيمة داخل أرض زراعية بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، بل وأجبر على إرسال زوجته لبيت عائلتها، ليقضي أربع سنوات من عمره داخل خيمة لا تقيهِ برد الشتاء، ولجأ بعد أن بدأت تحركات المقطوعة رواتبهم قبل عدة أعوام للمبيت في خيمة الاعتصام عامًا كاملاً.

ويذكر رتبته جيدًا "ملازم أول في جهاز الأمن الوطني"، إلا أنه بعد قطع راتبه لجأ للعمل على بسطات وفي مزارع للدجاج، ويأمل بأن تحل مشاكل المقطوعة رواتبهم مع المصالحة الفلسطينية، حتى يتمكن من دفع أجار الشقة التي يقطنها هو وزوجته حاليًا.

 ضحايا الانقسام**

وطالب ممثل لجنة المقطوعة رواتبهم بتقارير كيدية منذ عام 2007، تحسين بكر، رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بإعادة قيود المقطوعة رواتبهم وفقًا للقانون وبأثر رجعي منذ تاريخ أخذ القرار، ومحاسبة القائمين على كتابة التقارير الكيدية.

وقال بكر لمراسل "شمس نيوز": "هؤلاء تم قطع رواتبهم بدون أي سبب واقعي أو مادي، وبناء على تقارير كيدية من بعض المتخاصمين معهم إلى جهات ذات صلاحيات واسعة، وتم النظر في أمرهم بشكل عشوائي، واصدار قرارات بوقف راتبهم أو قطعه، أو الفصل من الوظيفة بدون أي مصوغ قانون أو حتى دون حماية حق الدفاع عن أنفسهم".

وأضاف بكر: أنه "تم إصدار بغالبتهم تقارير بمخالفتهم للشرعية مع العلم انهم وبعد 11 عام أثبتوا بأنهم ملتزمون بقرارات مؤسساتهم، وبقرارات أبو مازن، وبالقرار الصادر عام 2010 بعدم مغادرة القطاع، وملتزمون بالقرار رقم 3 لسنة 2017 لمجلس الوزراء بعدم أخذ أي عمل آخر بشكل دائم، والتزموا بكل قرارات السلطة الوطنية الفلسطينية، لكن حتى اللحظة لم يتم إعادة رواتبهم، لماذا، هذا شيء غير معروف".

وتابع ممثل لجنة المقطوعة رواتبهم بتقارير كيدية: "وإذا أخطأنا يا سيادة الرئيس فلتعتبر أن الـ11 عام التي مرت من زهرة شبابنا أنها عقوبة، ونحن مستعدون للنزول لمحاكمات عسكرية مُشكلة وفقًا للقانون، ومستعدون لتحمل العقوبة بكل صدر رحب، وفي الشق المدني الذي هو من اختصاص رئيس الوزراء رامي الحمد الله وديوان الموظفين، نطالب بالنظر في أمرهم".

واعتبر أن المقطوعة رواتبهم هي القضية الوحيدة المتضررة من الانقسام الفلسطيني، منوهًا أنه إذا أرادوا معالجة الانقسام بأن يعالجوا ملفات المقطوعة رواتبهم.

وأشار أن قاعدة البيانات التي حصرتها اللجنة، وصلت لـ160 موظفًا، لافتًا أن أعداد المقطوعة رواتبهم في غزة تصل 300 موظف ما بين مدني وعسكري، موضحًا أن أعدادهم كانت حتى عام 2010 حوالي 800 موظف، وبعد تشكيل لجنة أمنية تم حل الكثير من الحالات.

وحمل بكر رسالة باسم المقطوعة خلال وقفة احتجاجية نظمها أمس، لتوجيهها لنائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو، عقب جلسة المجلس التي عقدت بين غزة ورام الله عبر الفيدوكونفرنس، أمس الثلاثاء، لكنه لم يوفق في تسليمها، واتجه مراسل "شمس نيوز" مع المعتصمين نحو منزله غرب مدينة غزة، حتى تمكنوا من مقابلته.

وأبدى أبو عمرو استعداده لممثل اللجنة حمل ملف الموظفين المدنيين المقطوعة رواتبهم فقط، واعدًا بأن يقوم بمناقشته مع مجلس الوزراء خلال الجلسات القادمة، مؤكدًا أن هناك حلاً لهم دون أن يكشف عن تفاصيل.

اخبار ذات صلة