غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر وعد بلفور..100 عام على "الخطيئة" الأفظع بالتاريخ

شمس نيوز/منى الأميطل

في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني سنة 1917

   عزيزي اللورد روتشيلد   

يسرني جدا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته:

"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى".

وسأكون ممتنًا إذا ما أحطتم الاتحاد "الصهيونى" علمًا بهذا التصريح.

هذا نص الرسالة الذي صفع الفلسطينيين الصفعة الأقوى على مر السنين، والذي بموجبها منحت بريطانيا اليهود حق إقامة وطن قومي لهم على أرض فلسطين.

 الرسالة "الخطيئة" غريبة الأطوار، والتي ما زال الفلسطينيون بسببها يعانون ويلات الضياع  والتشريد، قرن كامل على وعد بلفور وما زال الجرح الفلسطيني ينزف أكثر من ذي قبل، قرن وما زالت الدولة "اليهودية" المزعومة ترتكب أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني وكل هذا بسبب رسالة عطف على اليهود من وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور.

هذا القرار الظالم كان برعاية وترحيب من دول العالم وأبرزها سيدة العالم أمريكا، حيث عرضت الحكومة البريطانية النص "وعد بلفور" على الرئيس الأميركي ولسون، ووافق على محتواه قبل نشره، ووافقت عليه فرنسا وإيطاليا رسميًا سنة 1918، ثم تبعها الرئيس الأميركي ولسون رسميا وعلنيا سنة 1919، وكذلك اليابان، وفي 25 نيسان سنة 1920، وافق المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر سان ريمو على أن يعهد إلى بريطانيا بالانتداب على فلسطين، وأن يوضع وعد بلفور موضع التنفيذ حسب ما ورد في المادة الثانية من صك الانتداب، وفي 24 تموز عام 1922 وافق مجلس عصبة الأمم المتحدة على مشروع الانتداب الذي دخل حيز التنفيذ في 29 أيلول 1923.

أما عن الأسباب التي يوردها بعض المؤرخين (الصهاينة أو المتعاطفين مع الصهيونية) لتفسير إصدار بريطانيا لوعد بلفور، فهناك نظرية مفادها أن بلفور قد صدر في موقفه هذا عن إحساس عميق بالشفقة تجاه اليهود بسبب ما عانوه من اضطهاد وأن الوقت قد حان لأن تقوم الحضارة المسيحية بعمل شيء لليهود، ولذلك، فإنه كان يرى أن إنشاء دولة صهيونية هو أحد أعمال التعويض التاريخية.

وهناك نظرية تذهب إلى أن الضغط الصهيوني (واليهودي) العام هو الذي أدَّى إلى صدور وعد بلفور، ولكن من المعروف أن أعضاء الجماعات اليهودية لم يكونوا كتلة بشرية ضخمة في بلاد غرب أوروبا، ولم يكونوا من الشعوب المهمة التي كان على القـوى العظـمى أن تساعـدها أو تعـاديها، بل كان من الممكـن تجاهلهم ويمكن القول إن أعضاء الجماعات اليهودية كانوا مصدر ضيق وحسب، ولم يكونوا قط مصدر تهديد.

أما عن اليهود في أرجاء العالم، هذه كانت الهدية الأبرز في تاريخهم الممتلئ بدم الفلسطينيين الذين قتلوهم منذ بداية سرقة وطنهم، حيث تمكنوا من استغلال "القصاصة" الورقة الصغيرة من صديقهم بلفور وقرار الجمعية العامة عام 1947، القاضي بتقسيم فلسطين ليحققوا حلمهم بإقامة إسرائيل في الخامس عشر من أيار عام 1948، وليحظى هذا الكيان بعضوية الأمم المتحدة بضغط الدول الكبرى، ولتصبح إسرائيل أول دولة في تاريخ النظام السياسي العالمي التي تنشأ على أرض الغير.

"بلفور" الملعون والمشؤوم، أعطى وطنا لليهود وهم ليسوا سكان فلسطين، حيث لم يكن في فلسطين من اليهود عند صدور التصريح سوى خمسين ألفا من أصل عدد اليهود في العالم حينذاك، والذي كان يقدر بحوالي 12 مليونا، في حين كان عدد سكان فلسطين من العرب في ذلك الوقت يناهز 650 ألفا من المواطنين الذين كانوا، ومنذ آلاف السنين يطورون حياتهم في بادية وريف ومدن هذه الأرض، ولكن الوعد المشؤوم تجاهلهم ولم يعترف بهم متجاهلًا كل حقوقهم.

وبعد الاتفاق الممنهج، تتابعت الهجرة اليهودية من شتى أقطار العالم، وانصهرت في بوتقة اليهودية أكثر من سبعين جنسية من مصر، واليمن، والحبشة، والعراق، والهند، وأوروبا، وروسيا، وأمريكا، وغيرها.

 وفي عام (1948) ارتفع عدد اليهود من خمسين ألف مهاجر إلى ستمائة وخمسين ألفاً، ثم تتابعت الهجرات من كل أنحاء العالم.

 أما الشعب الفلسطيني فلم يستسلم للوعود والقرارات البريطانية والوقائع العملية التي بدأت تفرض على الأرض من قبل الحركة الصهيونية وعصاباتها المسلحة، بل خاض ثورات متلاحقة، كان أولها ثورة البراق عام 1929، ثم تلتها ثورة 1936 وما زال يخوض نضالاته منذ قرن لإرجاع أرضه وحقه الذي سلب منه قسرًا ومنح لمن لا يستحق.

وبمناسبة مرور 100 عام على الصفعة البريطانية القاسية للفلسطينيين، يرتقب أن يجتمع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بنظيرته البريطانية تيريزا ماي، في لندن، حول مأدبة عشاء، احتفالا بالوعد في الثاني من نوفمبر المقبل.

وكانت مؤخرًا قررت بلدية لندن منع حملة لفلسطينيين وأنصارهم تصف وعد بلفور بأنه كان نذير كارثة للفلسطينيين وزعمت البلدية أن الحملة "معادية لإسرائيل".

ويعتزم القائمون على الحملة تعليق ملصقات في مترو لندن توضح كيف أثر الوعد المشؤوم كارثيًا على حياة الفلسطينيين ومستقبلهم ومدى الضرر المدمر الذي ألحقه هذا الوعد بالشعب الفلسطيني.

وإدارة النقل في لندن رفضت أيضا السماح بتعليق الملصقات بحجة أنها "إعلانات لم تمتثل للمعايير"، رغم ذلك يعلن المنظمون والنشطاء إصرارهم على الاستمرار في الحملة.

ويطالب بعض الكتاب البريطانيين حكومتهم بتقديم الاعتذار للفلسطينيين عن الظلم الذي تسببت فيه بلادهم لشعب بأكمله ما زال يعاني ويلات هذا الوعد المشؤوم،  وأبرزهم  الكاتب البريطاني، ديفيد كرونين، الذي قال "إن حكومة بلاده تتحمل مسؤولية الظلم التاريخي الذي وقع على الفلسطينيين جراء تصريح بلفور قبل مئة عام (1917)، داعيًا إياها للاعتذار وتعويض الشعب الفلسطيني عن الضرر الذي لحق به".

الكاتب البريطاني و مؤلف "ظل بلفور" الصادر قبل عدة أشهر تناول في كتابه  دور الحكومة البريطانية في ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين إلى أن حكومة بلاده قمعت ثورات الفلسطينيين المتتالية التي اندلعت احتجاجًا على هذا الوعد.

وشدد على أن الاعتذار واجب على بريطانيا وأن الرأي العام البريطاني يدعم الشعب الفلسطيني ويؤيد هذا الاعتذار.

أما على الصعيد الرسمي البريطاني، رفضت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي مجددًا طلب الحملة التي تدعو باعتذار المملكة المتحدة عن وعد بلفور المشؤوم، حيث انطلقت حملة بمناسبة مائة عام على الوعد.

وردًا على رفض بريطانيا الاعتذار، استنكر نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قيس عبدالكريم (أبوليلى) رفض الحكومة البريطانية تقديم اعتذار رسمي عن إعلان وعد بلفور، معتبرًا البيان البريطاني بمثابة إعلان وعد جديد لاستعمار فلسطين وضوء أخضر لسلطات الاحتلال لاستكمال عمليات التطهير العرقي والتهجير القسري للشعب الفلسطيني الذي بدأت منذ مائة عام.

كما أعلن وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، أنه في حال أصرت بريطانيا على الاحتفال بمئوية وعد بلفور المشؤوم فإن القيادة ستمضي بإجراءاتها القانونية ورفع قضايا على بريطانيا للمطالبة بتصحيح خطأها التاريخي.

وكانت قد انطلقت حملة شعبية نجحت في جمع 11 ألف توقيع من بريطانيين على عريضة تطالب باعتذار الحكومة عن المسؤولية التاريخية لبريطانيا في إعطاء وعد بلفور وما ترتب عليه من معاناة للفلسطينيين.

ما بني على باطل فهو باطل، وقرار منح اليهود فلسطين قرار مجحف وظلم للفلسطينيين طوال الـ100 عام الماضية، شرد أهل الارض من وطنهم وارتكبت فيما بعد العصابات الصهيونية أفظع المجازر على مر التاريخ وكل هذا بسبب وعد عطف على اليهود.