شمس نيوز / عبدالله عبيد
عدسة / محمود أبو حمدة
على دلعونا وعلى دلعونا ... زيتون بلادي أجمل ما يكونا
زيتون بلادي واللوز الأخضر ... والمريمية وما بنسى الزعتر
وأقراص العجة لمّا بتتحمّر ... ما أطيب طعمتها بزيت الزيتونا
كثيرة هي الأهازيج التراثية الشعبية التي يتغنى الفلسطينيون للتعبير عن عشقهم وتجذرهم بشجرة ورثوها عن الآباء والأجداد، ومهنة لا تنفك عنهم، فهي تسري كالدم في عروقهم.
ومع طلة "تشرين الأول" تتلألأ ثقافة فلسطينية متوارثة جيلا بعد جيل، ويتحسس الناس مخزوناتهم ليتفقدوا "الزيت"، لأن البيت بلا زيت الزيتون لا يكتمل، ومائدة الإفطار لا تتزين إلا به، إلى جانب "صحن الزيتون" أو كما يحلو لبعض الناس تسميته "فاتح الشهية".
وللزيتون أهمية كبيرة لدى الفلسطينيين، فهو مذكور في القرآن، وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالأكل والادّهان بزيته، حيث أكد الطب الحديث أن زيت الزيتون مفيد جدا للوقاية من كثير من الأمراض.
ويعتبر موسم (جد الزيتون) عاملا اقتصاديا وغذائيا مهما بالنسبة للمواطنين الغزيين، وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية المتردية التي تركتها الحرب الإسرائيلية على القطاع، والتي أثرت بشكل كبير على كل مناحي الحياة.
وفي إحصائية لها، بينت وزارة الزراعة أن مساحة الاراضي المزروعة بالزيتون في قطاع غزة تبلغ 38 ألف دونم، المساحة المثمرة منها25 ألف دونم بينما غير المثمرة 13 ألف دونم حديثة الزرع، وقدر إنتاج الدونم بواحد طن.
جني الزيتون
ويبدأ المزارع عبد الدايم أبو مدين (62 عاماً) بتجهيز معداته الخاصة بجني ثمار الزيتون، الساعة السادسة صباحاً، فيذهب إلى أرضه الزراعية المجاورة لبيته في منطقة أبو مدين بحي الزهراء وسط مدينة غزة، هو وأفراد عائلته وبعض العاملين ليحصد ما أثمر خلال العام.
يقول أبو مدين لـ"شمس نيوز": بروح أنا وأولادي بعد الفجر بساعة على الأرض بنعمل فطور هناك، وبيحضر العمال، وبنجهز السلالم وكل واحد على شجرة يبدأ يقطف في حبات الزيتون"، مشيراً إلى أنه ينتظر جني ثمار الزيتون بفارغ الصبر كل عام.
وأضاف : بنضل نعمل لبعد العصر في هذه الفترة في راحة طبعاً، بنمرح ونأكل وبنشغل أغاني شعبية تسلينا وبنحس بحيوية المكان والأرض"، مبيّناً أن فترة قطف ثمار الزيتون تستمر من 15 إلى 20 يوماً فقط.
وتوقع الحاج أبو مدين موسماً جيدا للزيتون خلال العام الحالي على غرار الأعوام الماضية، مؤكداً أن شجر الزيتون في هذا الفصل يختلف عن باقي الفصول الأخرى بحجم الكميات التي يحملها .
وأشار أبو مدين إلى أن بعض الكميات يحولها إلى المعصرة لإنتاج الزيت، وذلك بسبب صغر حبة الزيتون، وهناك كميات يصدرها إلى الأسواق لبيعها للناس، مستدركاً بالقول : ولكن التجار بيشتكوا في هذا الموسم من قلة قبول الناس على الزيتون، عشان الحصار والحرب الأخيرة".
أعمدة الاقتصاد
مدير دائرة البستنة الشجرية في وزارة الزراعة م. محمد أبو عودة، اعتبر أن محصول الزيتون من أعمدة الاقتصاد الزراعي في فلسطين، وهو من المحاصيل المقاومة، لأنه لا يحتاج إلى متطلبات إنتاج عالية ويتحمل ملوحة المياه مقارنه بأشجار الفاكهة الأخرى.
وقدّر أبو عودة لـ"شمس نيوز" أن إجمالي إنتاج الزيتون لهذا الموسم يصل حوالي 25 ألف طن، مقارنة بالعام السابق الذي وصل إلى 10 ألف طن، يعني أن الإنتاج سيكون ضعف العام الماضي، و ستكون أسعار الزيت والزيتون أرخص بقليل.
وأكد أن وزارته قررت منع استيراد الزيوت من الخارج بدءً من تاريخ 1/10 من أجل السماح للمزارع ببيع المنتج المحلي بما يحقق الفائدة له وللمستهلك، مبينًا أن الوزارة ستراقب الأسواق وستتابع التجار.
ولفت مدير دائرة البستنة الشجرية في وزارة الزراعة إلى أنه يوجد في قطاع غزة حوالي 23 معصرة موزعة على كل المحافظات، ويوجد ثلاث أنواع من المعاصر منها "القديمة التي تعمل على الحجر ومنها النصف أتوماتيك والنوع الثالث الأتوماتيك وهي معاصر حديثة وجيدة".
وتتوقع وزارة الزراعة في قطاع غزة أن يكون هذا الموسم أفضل بكثير من الموسم المنصرم وسيحقق اكتفاءً ذاتياً بنسبة تصل إلى 80% رغم ما أصاب المحصول من أضرار خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع .
يذكر أن الاحتلال الإسرائيلي دمر خلال العدوان على غزة من 15 إلى 20% من محصول الزيتون .