شمس نيوز/ خاص
على ما يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية، شرعت في عملية ابتزاز سياسي جديدة للسلطة الفلسطينية للضغط عليها للقبول بما يسمى "صفقة القرن"، ولعل آخرها قرار البيت الأبيض بتجميد عمل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، ما لم تتوقف السلطة الفلسطينية عن ملاحقة قادة الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية، فضلًا عن استئناف المفاوضات مع "اسرائيل".
ومكتب منظمة التحرير في واشنطن افتتح في عام 1994 حين ألغى الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون قانونًا كان يمنع ذلك، وفي عام 2010 قررت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما رفع مستوى بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في الولايات المتحدة إلى "الوفد العام لمنظمة التحرير الفلسطينية"، وسمح للفلسطينيين برفع علم بلادهم على المكتب.
ودور المكتب تسهيل التواصل بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية، ويتم تجديد ترخيص المكتب بصفة دورية من خلال مذكرة يوقعها وزير الخارجية الأمريكي كل ستة أشهر، وتسمح ببقاء المكتب مفتوحًا.
وانضمت فلسطين مطلع أبريل 2015، رسميًا، إلى المحكمة الجنائية، في خطوة من شأنها أن تمكنها من ملاحقة "إسرائيل" على جرائمها دوليًا.
تدخل سافر**
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تيسير خالد قال في حديثه لـ"شمس نيوز"، إن اشتراط واشنطن عدم توجه الفلسطينيين للمحاكم الدولية مقابل ترخيص مكتب منظمة التحرير بالعاصمة الأمريكية هو "تدخل سافر" و"اعتداء غير مسبوق" على حق الفلسطينيين في إدارة شؤونهم الداخلية، وكيفية الدفاع عن حقوقهم الوطنية بوجه سياسة حكومة "اسرائيل".
وأشار خالد إلى، أن الإدارة الأمريكية تجاوزت في قضية ترخيص مكتب المنظمة بواشنطن، مرحلة الابتزاز إلى مرحلة فرض الاملاءات على الفلسطينيين، لافتًا إلى أن الإدارة الأمريكية بمواقفها هذه تلبي السياسات الاسرائيلية وتتطابق معها.
وحظي القرار بترحيب إسرائيلي، إذ سارع مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو للإشادة بالقرار، وقال في بيان " نحن نقدر القرار الأمريكي ونتطلع إلى مواصلة العمل مع الولايات المتحدة من أجل المضي قدما نحو الأمن والسلام في المنطقة".
وعلى مر العقود انحاز القانون الأمريكي للإسرائيليين، ففي 2015 أدخل الكونغرس الأمريكي بنداً ينص على، إنه "لا يمكن لمنظمة التحرير الفلسطينية إدارة مكتب بواشنطن، إذا حثّت المنظمة المحكمة الجنائية الدولية على محاكمة المسؤولين الإسرائيليين بشأن جرائم مزعومة ضد الفلسطينيين".
ورأى عضو التنفيذية خالد أن، أمريكا تحاول "تطويع" الموقف الفلسطيني وفرض "قواعد سلوك" بما يتناسب ورؤية واشنطن و"اسرائيل" للتسوية.
وتابع موضحًا، "قواعد السلوك الأمريكي تنطوي على أن على الجانب الفلسطيني ألا يطلب العضوية في 22 منظمة ووكالة دولية تابعة للأمم المتحدة، وانه إذا حاول الفلسطيني التوجه لهذه المنظمات فان الادارة الأمريكية ستعاقبه وفق القواعد التي حددتها".
فيما اعتبر المحلل السياسي ناجي شراب، أن تجميد عمل مكتب منظمة التحرير بواشنطن هو ضغط أمريكي على الجانب الفلسطيني للقبول بتسوية سياسية جديدة أو ما يسمى بـ "صفقة القرن".
واستبعد شراب في اتصال هاتفي لـ "شمس نيوز"، بأن تُقدم الولايات المتحدة على إغلاق المكتب بشكل دائم، كون هذا يعتبر فشل صريح للدور الأمريكي بالمنطقة، مشيرًا إلى أن مكتب المنظمة يعد مكتب تمثيلي فقط وهو درجة دنيا من العلاقات كون أمريكا لا تعترف بفلسطين كدولة.
ويسعى البيت الأبيض عبر قراره بعدم تجديد ترخيص المكتب لـ"إخضاع الفلسطينيين لوجهة النظر الأمريكية"، وفق المحلل السياسي أحمد عوض، الذي وصف تلك الخطوة بـ "الابتزازية".
واشنطن استعجلت**
وفيما يتعلق بالرد الفلسطيني الرسمي، قال عوض لـ "شمس نيوز"، إن "الولايات المتحدة استعجلت بهذه الخطوة كون أن الفلسطينيين بعد هذا الموقف لن يرفضون ابتزاز واشنطن فقط، بل سيرفضون كل ما تطرحه مستقبلًا".
وأشار إلى، أن هذا القرار سيكبح جماح الهرولة العربية باتجاه التطبيع مع "اسرائيل"، إذ أن واشنطن لم تفقد أهليتها فقط من هذه الخطوة بل سقطت ورقت التوت عن عورتها".
وتوقع عوض، أن تدخل المنطقة بفترات توتر أخرى إن استمر البيت الأبيض بسياسة الاملاءات على الفلسطينيين، وربما لن يكون الضغط فقط من أمريكا بل من دول أخرى بالمنطقة، موضحًا أنه من الممكن أن تكون الضغوط اقتصادية وليست عسكرية وأمنية فقط.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن هذه الخطوة "جيدة" وهدفها "حث الفلسطينيين للمشاركة في مفاوضات هادفة ومباشرة"، بعد ثلاثة أعوام من توقف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي.
مقاطعة**
من جهته، توعد أمين سر منظمة التحرير بتجميد العلاقات مع الولايات المتحدة في حال إغلاق مكتب المنظمة بواشنطن.
وقال عريقات في تسجيل مصور نُشر على موقع "تويتر"، إن" المنظمة أبلغت الإدارة الأمريكية رسمياً بأنه في حال أُغلق مكتب منظمة التحرير فسنعلق اتصالاتنا مع الإدارة الأمريكية، بكل أشكالها، إلى حين إعادة فتح المكتب".
وكان رئيس السلطة محمود عباس، قال في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر الماضي بإمكانية اللجوء إلى المحكمة الدولية للتحقيق مع مسؤولين إسرائيليين، بسبب الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا أثار حفيظة البيت الأبيض كون مثل هذه التصريحات تشكل عقبة أمام عملية السلام مع "إسرائيل".
ومنذ تولي الرئيس ترامب الرئاسة، اتخذ جملة قرارات تصعيدية ضد الفلسطينيين خدمة لإسرائيل، ومن أبرزها تعهده بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، ومن ثم تجميد حزمة مساعدات مالية للسلطة الفلسطينية بقيمة 221 مليون دولار.