بقلم / أكرم عطا الله
ماذا يعني أن يعلن القدس عاصمة لإسرائيل؟ وأي استخفاف هذا بالأمتين العربية والاسلامية وبكل القيم البشرية..؟ هكذا بكل بساطة ؟ وهل السياسة مجرد نزوات زعماء أم أن الحقيقة التي تصفعنا أن السياسة هي ممكنات قوة وأوراق على طاولة السياسيين وجنود في الميادين وحسابات هادئة.
لو عرف الرئيس الأميركي أن السفارات الأميركية والقنصليات سيتم حصارها في كل عواصم العرب والمسلمين لما اقترب من القدس ولو عرف أن الزعماء سيسحبون سفرائهم من الولايات المتحدة الأميركية لما تجرأ بالحديث عنها ولو عرف أن الجماهير الهادرة من المحيط الى الخليج ستجتاح كل شيء دفاعاً عن القبلة الأولى لكان الموقف معاكساً تماماً.
أنها القدس التي تستحق أن ندافع بكل ما نملك، أن نندفع للشوارع سيولاً من البشر تتدفق بكل ما تملك وتجرف في طريقها كل شيء، أليست روح الأمة الاسلامية؟ وأمة لا تدافع عن روحها هي أمة مصيرها السقوط ولأنها القدس فهي تستحق منا كل شيء.
عندما تم اقتحام القنصلية الأميركية في بنغازي اهتزت الولايات المتحدة ويجب أن تصل الرسالة للبيت الأبيض أن الاقتراب من القدس هو لعب بالنار ولعب بالاستقرار وأن المصالح الأميركية في المنطقة ستتعرض للخطر، وأن تبني الولايات المتحدة للرواية الاسرائيلية هو وصفه للحريق الذي لا ينطفيء لأن الرواية أصبحت معبأة بروح اليمين المتطرف الذي يحكم اسرائيل والذي يدفع بالولايات المتحدة نفسها للعمل ضد مصالحها حتى.
ستزداد الكراهية للولايات المتحدة فهناك أمة مشحونة بالغضب من تلك الغطرسة الاسرائيلية والمساس بالمقدسات ومشحونة بالغضب أيضاً من الولايات المتحدة التي تنجر خلف اسرائيل وسوف تنكشف الولايات المتحدة أكثر كدولة تشكل غطاء لسرقة الأرض وجرائم المساس بالمقدسات وتعرض مصالحها للخطر كأنها لم تقرأ التاريخ الحديث حتى، فقبل خمسة أشهر فقط عندما وضعت اسرائيل البوابات الحديدية انتفض المقدسيون الى الشوارع وقد هجروا بيوتهم دفاعاً عن الأقصى وعلى رأسهم المسيحيون وترك الفلسطينيون كل شيء متفرغين للقدس وضعوا خلافاتهم جانباً وتفرغ الاعلام العربي ملتفاً حول القدس.
الاصرار الفلسطيني عندما يتعلق الأمر بالقدس يتجسد مكثفاً تاريخاً طويلاً على هذه الأرض، هذه الارادة التي لم تنهزم وإن انهزمت كل الجيوش لن تقبل بشطحات القوة المسلحة مهما بلغت من عربدتها لأن قوة الارادة أقوى كثيراً من ارادة القوة، هذا هو درس التاريخ الذي تجسد في القدس.
القدس وحيدة لكنها فخورة بأبنائها المدججين بروح الدفاع عن المدينة وقد قدموا نموذجهم الرائع، شاء قدرهم أن يكونوا خط الدفاع الأمامي عن مدينتهم الطاهرة وإن انهزمت كل خطوط العرب لكنهم يقاتلون بأسنانهم وبصدورهم العارية وقد هزمت تلك الصدور أعتى الجيوش، هم مدعوون أولاً للخروج الى الشوارع لإرسال الرسالة الحازمة للرئيس الأميركي ، كل الشعب الفلسطيني عليه أن يترك كل شيء مندفعاً بلا حساب ليحطم الصمت.
الشعوب العربية ليست خارج معركة القدس لأن التاريخ لا يرحم واذا لم تصل رسالة شديدة اللهجة واضحة وحادة للإدارة الأميركية فإنها لن تتهاون في الذهاب بعيداً في اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل صحيح أن الشعوب مغلوب على أمرها لكنها قوة تحسب لها الدوائر الأميركية ألف حساب ومطلوب ايصال الرسالة قبل الأربعاء قبل خطاب الرئيس ترامب.
التطور اللافت في الولايات المتحدة أن ملف الصراع انتقل لأول مرة من وزارة الخارجية الى البيت الأبيض، ونحن أمام ادارة سلمت الملف لثلاثة من اليهود الداعمين للسياسات الاسرائيلية ويؤثرون على الرئيس، فما تسرب في النقاش الذي كان قبل يومين في البيت الأبيض أن مؤسسات الدولة الأميركية الخارجية والأمن حاولت ثني الرئيس عن اعلان القدس عاصمة لإسرائيل لكنها فشلت وفي هذا ما يدعو للأخذ الأمر بجدية تامة واعلان حالة الاستنفار الشعبي وهي القوة التي يحسب لها ألف حساب وإلا على القدس السلام.
الأمر يتعلق بنا بكل مواطن فلسطيني وبكل مواطن عربي وكل مسلم وكل مسئول عربي أو اسلامي هنا الجميع في معركة وجهاً لوجه مع الادارة الأميركية التي تملك فائض قوة ولكننا نمتلك فائض الارادة ، آن الأوان أن تحسب لنا وأن تعيد كل حساباتها ، ولأنها القدس فهي جديرة بأن نفعل كل شيء ونحن نستطيع..!!
نقلا عن / نبأ برس