غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر إلى أين يمكن أن يصل المجلس المركزي؟

د. عبد المجيد سويلم

إذا بدأنا بالعامل النفسي المحرك للمشاعر والوجدان السياسي فإن الرأي العام الفلسطيني يراهن على دورة المجلس المركزي القادمة للرد على ترامب وعلى إسرائيل، وكل ما قامت به وتقوم به من "توجهات" أعقبت مباشرة الحماقة التي أقدمت عليها الإدارة الأميركية.

المراقب للجنون الإسرائيلي باتجاه القدس وضم المستوطنات وسلسلة القوانين التي أخرجت من الإدراج الإسرائيلية، والتي ستخرج تباعاً يلاحظ أن الأحزاب الإسرائيلية الرئيسية في اليمين واليمين المتطرف وفي المركز وما يسمى: (زورًا وبهتانًا باليسار) تبدو وكأنها في مواسم انتخابية تشتد فيها المنافسة على شيء واحد ووحيد وهو: مَنْ مِنْ هذه الأحزاب مَنْ هو قادر على إثبات جدارته في العداء مع الشعب الفلسطيني، ومن هو الحزب أو الشخصية السياسية القادرة على إلحاق أكبر قدر من الضرر بهذا الشعب.

والمراقب، أيضًا، يلحظ أن هذه المنافسة قد وصلت إلى حدود غير معتادة ولا مسبوقة، بحيث تبدو من خلالها سياسات ومواقف أحزاب الوسط و"اليسار" منساقة بالكامل مع أفكار وتوجهات اليمين واليمين المتطرف، وبحيث أن الفوارق لم تعد مجرد هامشية وشكلية وإنما (وهذا ما يدعو فعلًا للأسف على هذه الدرجة من الانحدار) أصبح التنافس هو في الواقع تنافسًا على نفس الدائرة أو الحلبة الفكرية والثقافية لليمين واليمين المتطرف، وليس مجرد انحيازات "سياسية" إلى موقف أو باتجاه قضية هنا وأخرى هناك.

أمام هذه الوقائع أصبح الرأي العام الفلسطيني يدرك بصورة عميقة ويقينية أن مرحلة "العملية السياسية" وليس السلام، لأن السلام بات مستحيلًا بعد أن وصلت إسرائيل إلى آخر ما وصلت إليه ـ باتت مغلقة، وهي ليست مرشحة لأي انفراجات في المدى المنظور، ما ينذر بمواجهات سياسية ودبلوماسية وميدانية كبيرة.

ولأن الإدارة الأميركية تمعن في سياسة استعداء الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية، وفي العمل السافر ضد أهدافه وحقوقه الوطنية، ولأن إسرائيل أصبحت موضوعيًا تستند إلى هذه الإدارة، وليس إلى غيرها، إذ لم يعد أمامها وبين أيديها غير هذه الإدارة، في العمل على مخططات الضم والتهويد للقدس ولمناطق واسعة من الضفة فإن الشعب الفلسطيني لكل هذه الأسباب ولأسباب أخرى تتعلق بضعف وهشاشة الموقف العربي بات ينتظر من المجلس المركزي ردًا كافيًا بل وشافيًا على كل هذه التطورات.

وإذا أردنا قول الحقيقة كاملة على هذا الصعيد بالذات، فإننا نجزم هنا، أن هذه الدورة للمجلس المركزي ربما تكون أهم دورة له منذ أكثر من عشرين سنة.

وقد يكون المجلس المركزي من خلال هذه الدورة بالذات أمام امتحان لا يقل أهمية وحساسية عن دورته التي أقرت اتفاقيات أوسلو في حينه، إن لم تكن أهم من تلك الدورة.

الأمر ينطوي على مفارقة كبيرة.

دورة المجلس المركزي القادمة هي في الواقع الدورة التي ستلغي سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة،، بصورة واضحة أو مواربة، بصورة علنية سافرة أو ضمنية مستترة ما كانت قد أقرته دورة إقرار الاتفاقيات.

ودورة المجلس المركزي القادمة بالإضافة إلى هذه المسؤولية وهي مسؤولية كبيرة وثقيلة وصعبة، فإنها مطالبة بوضع البدائل التي تترتب موضوعيًا على القرارات التي ستتخذها.

المجلس المركزي أمام أسئلة كبيرة، وهو المطالب قبل أي مؤسسة أخرى بالإجابة عنها، وإليكم بعض هذه الأسئلة وبعض ما يتفرع عنها:

• هل بات بالإمكان التعامل مع وثيقة الاعتراف المتبادل وكأن شيئًا لم يكن، بعد أن بدأت إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة، مشروع "إغلاق" ملف القدس وإخراج المدينة من دائرة التفاوض؟

وإذا كانت إسرائيل اليوم تقوم بهجوم محموم داخل الأحزاب وداخل الكنيست لإغلاق هذا الملف فما هو الرد الفلسطيني على ذلك؟

• إسرائيل الآن وكما كان الأمر بالأمس وقبله تقول بكل وضوح وبصريح العبارة إن قضية اللاجئين خارج دائرة التفاوض فهل يجوز للشعب الفلسطيني أن يقف متفرجًا على هذا الموقف؟

• إسرائيل تقول الآن، يمينها ومركزها ويسارها إن الاستيطان شرعي في كل مكان والبؤر الاستيطانية شرعية و"مقدّسة"، والأغوار والمستوطنات ـ كل المستوطنات ـ ومنطقة (ج) هي جزء من السيادة الإسرائيلية، فماذا بقي من اتفاقيات أوسلو؟ وماذا بقي من معنى ليس لعملية السلام (فهذه مسألة دفنتها إسرائيل) وإنما ماذا بقي من معنى لأي عملية سياسية؟

المجلس المركزي لا يستطيع أن يجيب عن كل هذه الأسئلة بالتعميم والتعويم، وهو مطالب بصورة واضحة ومسؤولة بقول ما يجب قوله، وبوضع البدائل لكل ما سيقوله على هذا المستوى.

لا يستطيع المجلس المركزي أن يخرج عن دائرة الشرعية الدولية والقانون الدولي في الرد على إسرائيل والولايات المتحدة، ولكنه مطالب بالنظر إلى الشرعية الدولية بصورة جديدة، وبصورة مختلفة عما كان عليه الأمر قبل عدة أعوام فقط. ولكي تكون قرارات المجلس المركزي واقعية (من زاوية الالتزام بالشرعية والقانون الدولي)، ولكي تكون عملية وفعالة فإن المجلس المركزي مطالب بأن يضع المجتمع الدولي أمام الحقائق الجديدة التالية:

1ـ المجتمع الدولي بات مطالبًا بالاعتراف الكامل والسريع بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران بما في ذلك القدس الشرقية كعاصمة لفلسطين من أجل إبطال السياسة الإسرائيلية وتحويل كل ما تقوم به في الأرض المحتلة إلى جرائم سياسية ومادية ضد القانون الدولي.

ومن أجل أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته المباشرة على هذا الصعيد فإن عليه التأكيد على أن الدولة الفلسطينية من زاوية القانون الدولي، هي دولة تحت الاحتلال وتتحمل الأمم المتحدة المسؤولية المباشرة عنها.

2ـ إرجاء الاعتراف بإسرائيل وتحويله إلى وديعة سياسية في مجلس الأمن والجمعية العامة إلى حين تمكن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من إنجاز السيادة الفلسطينية على كامل أراضي الدولة الواقعة تحت الاحتلال من جهة، وإلى حين موافقة إسرائيل النهائية على القبول بقرار الجمعية العامة رقم 194.

3ـ في حالة ان استنكفت الأمم المتحدة (كهيئة) عن القيام بهذه المهمة تحت ضغط من الولايات المتحدة، يصبح قرار التقسيم هو برنامج الإجماع الوطني باعتباره (أي قرار التقسيم) مساومة تاريخية نهائية للحل السياسي للصراع في المنطقة.

أما البدائل فربما تكون مقال الأسبوع القادم.

صحيفة الأيام

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".